العام الجديد .. نهضة حقيقية للصناعات البتروكيماوية الخليجية

العام الجديد .. نهضة حقيقية للصناعات البتروكيماوية الخليجية

أدركت الشركات البتروكيماوية الكبرى مكانة دول الخليج كمصدر رئيس للطاقة في العالم ومصدر للصناعات البتروكيماوية، حيث بدأ من الواضح أن مستقبل البتروكيماويات يتأرجح ما بين منطقة الخليج العربي، حيث الطاقة الرخيصة والقيم بأسعار تنافسية وما بين الهند والصين، حيث اليد العاملة المدربة الرخيصة والقرب من الأسواق العالمية. ووفقا للتقرير السنوي للاتحاد الخليجي لمصنعي البتروكيماويات والكيماويات الذي تم عرضه أخيرا في دبي فإن حجم الاستثمارات الإضافية المتوقعة لمشاريع البتروكيماويات في دول الخليج تقارب 90 مليار دولار بحلول 2010م. فهذه شركة داو كميكل العملاق البتروكيماوي العالمي تقترب من عمل شراكات استراتيجية مع المملكة بمجمع رأس تنورة البتروكيماوي ومع الكويت، حيث تم الإعلان قريباً عن إقامة مجمع بتروكيماوي بقيمة 11 مليار دولار. وأكسون موبيل أيضا عملت وتعمل على إيجاد شراكات استراتيجية مع "سابك" ومع شركة قطر غاز. ومن هنا يتضح أن لإقامة صناعة بتروكيماوية عصرية ناجحة لا بد من وجود ثلاثة عوامل كأضلاع المثلث وهي:
وجود الطاقة واللقائم بأسعار منافسة وبكميات كافية (أهم ما يميز دول الخليج)
وجود التقنيات المتطورة والمنافسة (الشركات الغربية واليابانية العملاقة)
وجود اليد العاملة المدربة الرخيصة والقرب من الأسواق العالمية ( الدول الآسيوية)
ان لتوفر لقيم الإيثان والميثان في دول الخليج العربي بأسعار زهيدة لأثر كبير في نهوض هذه الصناعات في تلك الدول. إذ تراوح سعر مليون وحدة حرارية في دول الخليج ما بين 0.75 و1 دولار أمريكي أي أن سعر طن الإيثان قد تراوح ما بين 40 و50 دولارا. بينما وصل تراوح سعر طن الإيثان في أوروبا وأمريكا وآسيا المحيط الهادي ما بين 400 و500 دولار، وقد ارتفع ارتفاعات ملحوظة مع ارتفاع أسعار النفط أخيراً. نستطيع القول إن حصول الشركات الخليجية على لقيم أفضل من النافثا لإنتاج الإيثيلين وأرخص ألا وهو الإيثان وعلى تكلفة أقل للطاقة اللازمة لتشغيل المصانع قد خفض كلفة الإنتاج حتى وصلت إلى مستويات قياسية وبحسب بعض الشركات الاستشارات البتروكيماوية فإن تكلفة إنتاج طن الإيثيلين في بعض دول الخليج قد تراوح ما بين 250 و300 دولار أمريكي، وإذا أضفنا من باب التبسيط 150 و200 دولار أخرى لإنتاج طن بولى إيثيلين من الإيثيلين فتصبح كلفة إنتاج طن البولي إيثيلين قد تراوحت ما بين 400 و500 دولار أمريكي وهى تكلفة جذابة بكل المعايير، حيث تعدى سعر طن البولي إيثيلين (في شهر ديسمبر 2007م) وبحسب موقع أرقام كما يبين شكل (1) 1500 دولار أمريكي أي تعدت ربحية طن البولي إيثيلين في هذا الشهر 1000 دولار. طبعاً أسعار البولي إيثيلين تأرجحت في عام 2007 م مابين 1300 و1500 دولار للطن أي أن متوسط سعر طن البولي إيثيلين قد سجل 1400 دولار للطن.
هذه الميزة لدول الخليج في إنتاج الإيثيلين من الإيثان جعلت هذه الدول تتسيد هذه الصناعة ما جعل بيتر هنزمان أن يقول في دبي إنه لا يدري كيف ستتمكن الشركات الأوروبية والأمريكية من منافسة دول الخليج في إنتاج الإيثيلين. لذلك نرى أن صناعة الإيثيلين هنالك قد توسعت وستتوسع في المستقبل لاستغلال معظم الغازات المصاحبة في الصناعات البتروكيماوية. أنتجت دول الخليج العربي في عام 2007م نحو عشرة ملايين طن من الإيثيلين واقتربت نسبة ما أنتجته المملكة نحو 70 في المائة من إنتاج دول الخليج العربي من الإيثيلين في عام 2006م كما يعرض جدول (1). الجدير بالذكر أن معظم إنتاج دول الخليج للإيثيلين يأتي من الإيثان بينما الصورة في المملكة أكثر تنوعاً إذ يجرى استخدام غازات البروبان والبيوتان في الإنتاج أيضا.
سجل سعر طن الإيثيلين في نهاية عام 2007م أرقاما خيالية وبحسب موقع أرقام فإن سعر طن الإيثيلين قد وصل إلى 1220 دولارا في بداية شهر كانون الأول (ديسمبر) مدعوماً بارتفاع أسعار النفط وزيادة الطلب ما جعله يفوق سعر البروبيلين الذي سجل 1110 دولارات والبنزين العطري الذي سجل 1015 دولارا. كل هذه الأسعار تصب في مصلحة دول الخليج الذي من المتوقع أن تنتج نحو عشرة ملايين طن من الإيثيلين بكلفة 250 إلى 300 دولار للطن أن ربحيتها في طن الإيثيلين أكثر من 800 دولار ما يعني أن إنتاج عشرة ملايين طن من الإيثيلين سوف يعود على هذه الدول بعشرة مليارات دولار كربحية فقط من إنتاج الإيثيلين. الجدير بالذكر أن كلفة إنتاج طن من الإيثيلين باستخدام النافثا في أوروبا أو الصين قد يتراوح ما بين 600 و700 دولار للطن. ما يعني أن استخدام دول الخليج للقيم الإيثان لإنتاج الإيثيلين قد أعطى هذه الدول نحو 400 دولار للطن ميزة على مستخدمي النافثا وهم معظم شركات البتروكيماوية العالمية.
أما استخدام غاز الميثان فتمثل في صناعة الأسمدة وصناعة الميثانول الذي وصل سعر طنه إلى 720 دولارا. وأما مادة MTBE فيعرض شكل (2) ارتفاع أسعارها ووصولها إلى920 دولارا (رغم إثارتها للجدل في أمريكا وأوروبا واليابان) وهى أسعار قياسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ومن المتوقع أن تزيد دول الخليج قدرتها من إنتاج الميثانول بنحو ثلاثة ملايين طن وفقاً للمشاريع والتوسعات المعلنة في كل من المملكة العربية السعودية وعمان.
كل المؤشرات تنصب في توقع حدوث طفرة كبيرة في دول الخليج العربي وقدوم عشرات المليارات من الدولارات، الأمر الذي من شأنه أن يصيب هذه الصناعة بالنشوة والزهو. أرجو أن تعي دول الخليج أن هنالك تحديات كبيرة قد تشكل أو توجد بعض الصعوبات التي قد تعوق النمو والتوسع في هذه الصناعات. إذ إنه صحيح قد زادت ربحية هذه الدول لكن في المقابل قد زاد التضخم وزادت صعوبة الحصول على التقنيات المتطورة التي من شأنها أن ترسم مستقبل الصناعات البتروكيماوية الخليجية. وأخيرا ما هي الخطط التي وضعتها الشركات الخليجية للاستفادة القصوى من هذه القفزات الماراثونية في الأرباح عدا المزيد من التوسع في إنتاج البولي إيثيلين والبولي بروبيلين ؟

[email protected]

الأكثر قراءة