معادلة الاستثمار في الأسهم ما زالت ناقصة
ترتسم العلامات الرئيسة في أي سوق مالي على تحليلات واستنتاجات تعتمد على معطيات عدة داخلية كعوامل العرض والطلب ومتوسطات لعمليات البيع والشراء وما إلى هنالك من تحليل السوق الفني والأساسي, وأخرى خارجية كمعطيات الاقتصاد الكلي وكم السيولة المتوافرة وأخبار الشركات وغيرها، والعوامل الاقتصادية السياسية كالاستقرار السياسي بجميع أطيافه.
واليوم أصبحنا نرى معطيات أخرى تتحكم وتؤثر إلى حد كبير في تحرك السوق السعودي، ومن وجهة نظري الشخصية أنها ترتبط بشكل رئيس بضعف في الثقافة الاستثمارية للسواد الأعظم من المتداولين, ولكن مازالت هناك حلقة مفقودة في هذا الطرح، ففي الوقت الذي ننادي فيه بمستوى ثقافي استثماري أعلى، فإن واقع السوق يحث على المضاربة والمضاربة الشرسة فقط. ومع إيماني الشخصي بأن الاستثمار بجميع آجاله هو أفضل طريقة لتحقيق المكاسب في سوق الأسهم السعودي إلا أن واقع حمى المضاربة تجتذب الكثير من للمتداولين باختلاف قدراتهم على المضاربة، وهم بذلك يزيدون من ارتباطهم اليومي المباشر بالسوق وعليه ارتباطهم عاطفيا بالشائعات والأخبار والتطمينات والتخويف وما إلى ذلك من معطيات خارجية.
وهذا مدخل لما نشهده من حوار حول دور وتأثير الثقافة الاستثمارية للمتداولين والتي يبدو أنها قد تواجه بعض التحديات التي لا تدعمها على أرض الواقع، مع تقديري لما تقوم به هيئة السوق المالية لتحقيق الرسالة التي من أجلها تم إنشاء الهيئة وهدفها الأساسي إرساء البنية الأساسية للسوق المالية بجميع التزاماتها وتنظيم التعاملات داخل الأسواق المالية باعتبار ذلك من ركائز الاستقرار المالي والاقتصادي للمملكة ومن أهم بنودها تعزيز وتنمية الوعي الاستثماري للمستثمرين والمتعاملين بالأوراق المالية بصفة عامة وسوق الأسهم بصفة خاصة.
نعم نحن بحاجة إلى ثقافة استثمارية عالية في أوساط المتداولين ولكن في الوقت نفسه نحن أيضا بحاجة إلى إيجاد منظومة متكاملة تدعم رفع الثقافة الاستثمارية لقطاع الأوراق المالية ومكوناته التنظيمية العامة ومن ذلك طرح الشركات المساهمة وتنظيم عمل شركات الوساطة ونشر العدالة والشفافية في التعاملات اليومية للسوق وقائمة طويلة من الأهداف التي يجب تحقيقها للوصول إلى رفع الثقافة الاستثمارية للمتداولين بحيث يجد المستثمر نفسه أمام نجاحات كثيرة على ارض الواقع تلزمه بأن يرفع ثقافته الاستثمارية. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر،  أن تكون الطروحات الجديدة على مستوى الطموح الذي ينشده الجميع فلا نستطيع أن نرفع الثقافة الاستثمارية إذا كان هناك عدد كبير من الطروحات على شكل شركات الصغيرة ذات رساميل الصغيرة وأسهم قليلة ترسخ ثقافة المضاربة في سوق الأسهم، بينما نحن ننادي بأن يكون التوجه في رفع درجة الوعي الاستثماري متزامنا مع  الطرح الجديد مركز على الشركات الجديدة ذات القيمة الاقتصادية من ناحية حجم رأس المال بشكل ينعكس على عمق السوق، إضافة إلى الفوائد الاقتصادية الأخرى. ولعل المؤشر الجديد أوضح لنا مثال على مستوى الإفصاح وجود الكثير من الشركات التي طرح ملاكها نسب مختلفة للاكتتاب العام مع علاوات إصدار فلكية نجد أسهمها اليوم تتداول بنسبة 100 في المائة، وهذا لا شك لا يتناسب مع دعوات الشفافية القائمة.
ختاما، نعم نحن بحاجة ماسة إلى ثقافة ووعي استثماري عال في أوساط المتداولين. و هذه الحاجة تتوازى مع حاجتنا الماسة إلى قرارات وتشريعات تدعم هذا التوجه ومن ذلك نشر العدالة والشفافية في أوساط السوق خصوصا ونحن نؤمن بأن المتغيرات المؤقتة في الأسواق المالية لا يمكن أن تلغي بأي حال من الأحوال ثوابت استثمارية مهمة عند الحديث عن سوق أسهم يحمل في طياته شركات استثمارية من الدرجة الأولى تمثل التوجه العام لاقتصاد تبنى خططه على التنوع الاقتصادي والخروج من دوامة الاقتصاد الأحادي المنتج. بغض النظر عن ما وصلت إلية أسعار الأسهم اليوم، فإن المعطيات الاقتصادية والسياسية للمملكة والتوجهات الاستثمارية الكبيرة التي نشهدها تعطي مؤشرا تحليليا مهم لمستقبل سوق الأسهم يشكل عام و شركاته الاستثمارية بشكل خاص.
