تقرير: الغاز الطبيعي يشعل فتيل خطط التنويع في الاقتصاد القطري
برزت قطر خلال السنوات الأخيرة باعتبارها وجهة استثمارية جذابة، وذلك بسبب كونها تمتلك احتياطيات غاز هائلة (ثالث بلد في العالم بعد روسيا وإيران)، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (63.100 دولار عام 2006)، وتركيبتها السكانية المناسبة. وكانت قطر هي أفضل البلدان في المنطقة من حيث توجيه قسم لا يستهان به من السيولة المتزايدة نحو الاستثمارات القائمة على استهلاك رأس المال الثابت (بلغت نسبة إجمالي استهلاك رأس المال الثابت إلى الناتج المحلي الإجمالي 38 في المائة عام 2006). وكان القسم الأكبر من زيادة الإنفاق على تطوير البنية التحتية من نصيب المنافع (في القطاع النفطي وغير النفطي) والنقل، وكان ذلك مدفوعاً بمعدلات من النمو السنوي تزيد على 9 في المائة في الطلب على الكهرباء. هنا مؤشرات للاقتصاد القطري حسب ما أوردها تقرير لشركة الأهلي كابيتال.
القطاع البنكي
يتمتع القطاع البنكي في قطر بزيادة لا بأس بها في التوسع، حيث بلغت نسبة الائتمانات البنكية إلى الناتج المحلي الإجمالي 47 في المائة فقط. وحيث إن التركيبة السكانية مناسبة وهناك زيادة في عدد الوافدين الأجانب، فإن القطاع السكاني "الصالح للتعامل مع البنوك" سيشهد زيادة حادة في المستقبل القريب، مما يخلق فرصاً لا يستهان بها في قطاعات القروض السكنية والتمويل الاستهلاكي. وحيث إن هناك مشاريع هائلة في البنية التحتية قيد التجهيز (تشير تقديرات مجلة MEED إلى أن المشاريع الموضوعة في الخطط تصل قيمتها إلى 149 مليار دولار)، إضافة إلى التصنيع السريع، فإن هذا سيشهد فرصاً مستمرة للنظام البنكي لينطلق في نشاطاته الائتمانية.
ظروف اقتصادية قوية
عام 2006 واصل الاقتصاد القطري زخمه المثير للإعجاب في النمو، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 24.2 في المائة ليصل بذلك إلى 191.9 مليار ريال قطري (52.7 مليار دولار) تضاف إلى معدل النمو المثير للإعجاب عام 2005 البالغ 33.8 في المائة. كان قطاع المواد الهيدروكربونية هو المحرك الأساسي لهذا النمو، حيث بلغت نسبة النمو السنوي المركبة للاستثمار في القطاع 32.9 في المائة خلال الفترة من 2003 إلى 2006، وكان القطاع يشكل 61.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في عام 2006. ورغم أن القطاع غير النفطي لم يحقق نسبة نمو كبيرة بهذا القدر، إلا أن نسبة النمو السنوي المركبة للاستثمار في القطاع بالمعدلات المطلقة ارتفعت بمقدار 27.7 في المائة، وهذه نسبة تدعو للإعجاب قياساً بالنسبة المتحققة في الإمارات وهي 8.1 في المائة، والنسبة المتحققة في السعودية وهي 17.8 في المائة. ومن المتوقع أن تزداد حصة القطاع من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 44.9 في المائة بحلول عام 2010.
إن أسعار النفط القوية والتوسعات المقررة في إنتاج الغاز الطبيعي ستضمن أن يستمر قطاع المواد الهيدروكربونية في أن يكون العمود الفقري للاقتصاد القطري خلال المستقبل القريب. وستستفيد قطر من القدر القليل نسبياً من الحساسية نحو تقلبات أسعار النفط وحصص الإنتاج التي تقررها منظمة أوبك، على اعتبار أن قطاع الغاز الطبيعي الذي يشهد نمواً سريعاً لا يخضع لحصص الإنتاج ويستطيع أن يعوض عن حالات التراجع السلبية في أسعار النفط أو معدلات الإنتاج.
ونتوقع في الفترات المقبلة أن يعمل تركيز الحكومة على التخصيص والتصنيع، وجهودها في تنويع الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات الخاصة، أن تعمل على ضمان أن يساهم القطاع غير النفطي بنسبة أعلى من ذي قبل في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
الفائض الكبير
حيث إن أسعار النفط تحوم حول 90 دولاراً للبرميل، فإن من المتوقع أن يستمر الاقتصاد القطري في الاحتفاظ على نحو مريح بفائض هائل خلال فترة التوقع التي نتحدث عنها في هذا التقرير. وإلى جانب النفط، فإن الاحتياطي الهائل من الغاز الطبيعي، الذي تعتزم الحكومة الاستفادة منه على نحو أكبر، سيعني أن التوقعات طيبة بالنسبة لوضع المالية العامة في الدولة. وهذا سيعطي الحكومة القطرية مجالاً للاستمرار في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية وتنويع الاقتصاد على نحو شامل. ومن المتوقع أن يهبط فائض المالية العامة بمقدار سبعة مليارات ريال قطري (1.92 مليار دولار)، أي 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في عام 2007.
الاسثثمار الأجنبي
من المتوقع أن تشهد تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي نمواً قوياً، على اعتبار أن هناك مشاريع مقررة في البنية التحتية خلال السنوات الخمس إلى السبع المقبلة تبلغ قيمتها 149 مليار ريال. ومن المتوقع أن يتم تنفيذ قسم لا يستهان به من هذه المشاريع من قبل مؤسسات شراكة بين القطاعين العام والخاص. وتشير تقديرات وحدة الاستخبارات الاقتصادية (في مجلة إيكونوميست) إلى أن من المتوقع أن تجتذب قطر في المتوسط 3.1 مليار دولار سنوياً من الاستثمار المباشر الأجنبي على مدى الفترة من 2007 إلى 2011.
ومن المتوقع أن يظل قطاع النفط والغاز العمود الفقري للاقتصاد القطري, ويتم استثمار الفائض من عوائد النفط في تطوير البنية التحتية وذلك بهدف تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. وحين نأخذ موضوع التنويع في الاعتبار، فإننا نقدر أنه بحلول عام 2010 فإن مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي ستنخفض لتصل إلى 55 في المائة، في حين أنها بلغت 63 في المائة في عام 2006.
استمرار الضغوط التضخمية
إن المستوى العالي للنشاط الاقتصادي الذي تشهده قطر، واقتران ذلك بانخفاض قيمة الدولار، يعمل على رفع معدلات التضخم في البلاد. فقد زادت نسبة التضخم لتصل إلى 15 في المائة في الربع الأول من عام 2007، ولكن حسب البيانات التي ينشرها مجلس التخطيط التابع للحكومة فإن معدل التضخم كان أدنى قليلاً من 14 في المائة بنهاية الربع الثالث لعام 2007. إن الطلب الحاد على المساكن والمكاتب بفعل ارتفاع النشاط الاقتصادي الذي يدفع بتكاليف الحياة إلى الأعلى، هذا الطلب هو من الأمور المهمة التي تساهم في رفع معدلات التضخم في قطر. وقد ارتفعت الإيجارات وتكاليف المنافع بنسبة 28.8 في المائة في الربع الثالث من عام 2007، مقارنة بنسبة 27 في المائة في الربع الثاني من العام.
الغاز الطبيعي وخطط التنويع
يعد قطاع النفط والغاز حجر الزاوية في الاقتصاد القطري، على اعتبار أنه يشكل 62 في المائة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي و 89.7 في المائة من إجمالي الإيرادات من الصادرات. ونتوقع أن تبلغ نسبة النمو السنوي المركبة للاستثمار في قطاع النفط والغاز بمقدار 13.3 في المائة لتصل إلى 195.9 مليار ريال عام 2010. وسيعمل الغاز الطبيعي دورا كبيرا في تنويع مداخيل اقتصاد قطر. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2006 كان مقدار الاحتياطي الثابت وجوده من النفط في قطر 15.2 مليار برميل، وهو أدنى معدل بين البلدان الأعضاء في منظمة أوبك. ورغم ذلك فإنه حين تكون معدلات الإنتاج 1.1 مليون برميل يومياً فإن الاحتياطي المذكور يتوقع له أن يستمر لمدة تزيد على 40 عاماً.