في مراجعة إنتاجية القطاعات الخدمية

[email protected]

تعد من وجهة نظري وزارات "التجارة والصناعة"، "الشؤون البلدية والقروية"، "الصحة" أكثر الوزارات الخدمية التي ارتفقت بها أو تتعلق بها هيئات تكمل أدوارها على مستوى المملكة. هذا يعني أن حجم ونوعية العمل إضافة إلى تعدد المهام، واختلاف الإجراءات مع الحاجة إلى تقنين أداء العمل وتسريعه ومدى الحاجة إلى تعزيز دور أي منهما معايير أولية يمكن الاستناد إليها إذا ما أريد تقييم المخرجات. أما إذا كانت المعضلة ستظل قائمة فهل معنى ذلك وجود عوامل أخرى مثل تطوير قدرات بعض المسؤولين والإداريين للتعامل مع ما يستجد من ظروف فيواجهون العوائق الإدارية والفنية والمالية بطريقة تحقق ما يمكن أن يصل بأداء الوزارة إلى أفضل التوقعات؟. ما يثير الجدل فعلا أن هناك عاملا مهما لا يمكن قياسه بسهولة وهو "شخصنة الأنظمة", حيث يتم إعداد النظام أو اللائحة بناء على ما يتكيف ومنظور وإمكانات وقدرات المسؤول والشخص المنفذ، ما يحيد بالسياسات والإجراءات إلى مسار يؤدي إلى سوء الخدمة، فينجم عن ذلك زيادة الهوة بين المسؤول والمواطن، وعدم تقبل رأي الآخر. قد نجد أن كل من تعامل مباشرة مع أي من الوزارات الخدمية سلبيا في رأيه عن أدائها، وبالتالي هذا سيلحق الاتهام بإنجازات الهيئات حديثة التشكيل فنفقد الثقة بالأولى والأخيرة!. فكيف نصل إلى حل هذه المسألة وتخفيف حدة ردود أفعال جمهور المستفيدين والمتلقين والمستخدمين وفي الوقت نفسه نكون مستعدين لأي نازلة شديدة كانت أم عابرة ويكون المسؤول والمنفذ حارسا وحافظا لحقوق أطراف القضية بما فيهم شخصه؟.
لو ركزنا على وزارة التجارة ووزارة الصحة مثلا لوجدنا أن الواقع يتسارع بما يفوق قدرة أي من هذه الوزارات والهيئات المرتفقة بها بأكثر من ضعف طاقاتهم مجتمعين، خصوصا بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية الذي تطلب تغيير النظم بما يحقق صالح المواطن والدولة. هذا الواقع جعل الدعوة إلى تخصيص الوزارات في بداية الأمر وكأنه ضرب من الخيال إلى أن تم توجيه خادم الحرمين، يحفظه الله ويرعاه، بتسريع إجراءات الانضمام في النظام العالمي، ونقل المملكة نقلة نوعية كبيرة في كل المجالات. واقعيا فمن داخل الوزارة حددت المهام التي أثقلت كاهل الكيان بناء على رأي الأفراد لا بناء على دراسات علمية منهجية تحدد الأوليات, وكيف يتم تخفيف العبء, وبأي وسيلة, وإلى أي حد يتم ذلك؟. لذلك إذا ما تم استمرار اتباع الأسلوب نفسه فسنؤزم المشكلة أكثر إذا لم نبدأ في إشغال المستفيد مع المقرر والمنفذ في الرأي للوصول للهدف بأقل الخسائر المادية والبشرية ووضع الأنظمة بمشاركتهم جميعا، ومن ثم عرضها على الجهة المحايدة لزيادة التمحيص والإثراء. في توجهنا للخصخصة نحن مجبرون الآن على القيام بكثير من التعديلات ولكن في هذه المرحلة الانتقالية الحالية لابد من إضفاء الصبغة المؤسساتية لا الشخصية على التنظيم والتصور المستقبلي للوضع, حتى لا نستمر في المعاناة من ضعف الأداء وهشاشة الإجراء واستمرار تزايد حدة الغلاء مع حيرتنا في استخدام أي من الأدوية لهذا الداء!. كما لابد من التعامل مع ردود الأفعال الغاضبة، وتوظيفها لصالح القضية فلا لغضب المسؤول غير المبرر، ولا تشكي المواطن المستمر، سيوصلاننا إلى ما يخدم حاضرنا ويحمي مستقبل أجيالنا. لذلك قد ألجأ إلى حل يتهرب منه كثير من المسؤولين، لأنهم قد يفضلون أسلوب "الأمر الواقع" أو "ليس بالإمكان أحسن مما كان" وما إلى ذلك من تحميل للمستفيدين مشكلة لم يشاركوا في وضع حلولها حتى يتحملوا نتيجة أخطاء التخطيط أو التنفيذ. هذا الحل يكمن في تبني القطاعات الخدمية مناقشة المجتمع (مثقفا كان أم بسيطا) في تعديل نظم الخدمات أو إيجاد وسيلة تحسن خدمات المجتمع. قد نتبنى الاستبيان أو الاستقصاء الحضوري أو الورقي أو الإلكتروني, وقد نشغل الجامعات في أحد أهم أدوارها الرئيسة وهي الدراسات التطويرية على أن يتم تكثيف الدراسات الميدانية عوضا عن النظرية التنظيرية أو المكتبية. وقد تنغمس الهيئات نفسها باتباع الأسلوب نفسه، إضافة إلى الاستفادة من مرئيات المنفذين، وكبار الموظفين المؤهلين والمتقاعدين, على أن تنتهي التوصيات إلى أبواب مجلس الشورى لإتمام دورة إخراج النظام حسب المتبع.
إن الردود التي تجتمع لدى هذه المؤسسة أو تلك في غضون أسبوع أو شهر يمكن أن تسهم في صياغة نظام ومن ثم إقراره في شهور بدلا من سنين طويلة نكون فيها قد أنفقنا الأموال الطائلة، وضيعنا الوقت بلا طائل، وقد تنتهي إلى إخفاق ومن ثم ضجر وشكاوى. إن استراتيجية الأمن الغذائي والتعامل مع أزمات تسعيرة المواد الغذائية والتموينية وتوفيرها، إضافة إلى تعديل آلية خدمات المرافق الصحية وتأمين الدواء شؤون تحتاج إلى كثير من المناقشة لتنظيمها قبل أن نجد مؤسساتها عاملة وفاعلة, حيث إن هذا سيكفل لها الاستدامة بما يخدم مصالح الجميع. لذلك حبذا لو تم الإعلان عن أي مشروع خدمي مستقبلي تجاري أو صحي، ويطلب فيه مرئيات المجتمع لإثراء عملية التنظيم والإعداد، خصوصا أن الجميع يتمنى لهذه المشاريع النجاح والتوفيق والسداد بإذن الله., والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي