"الوجام" يهدّد أكثر من 3 ملايين نخلة في الأحساء وينتشر عبر "النطاطة"

"الوجام" يهدّد أكثر من 3 ملايين نخلة في الأحساء وينتشر عبر "النطاطة"

يعد أشجار النخيل من أهم الأشجار التي تتم زراعتها في العالم، ويقدر عدد النخيل في العالم بنحو 100 مليون نخلة منها 62 مليون نخلة في العالم العربي، وتعد منطقتا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أهم المناطق المنتجة للتمر في العالم. وتعد النخلة من الأشجار المعمرة ويمكن أن يصل عمرها إلى 150 عاماً، فيما تبدأ بإنتاج الثمار خلال خمسة أعوام من زراعة الفسيلة.
ويصل عدد النخيل في السعودية إلى أكثر من 23 مليون نخلة تنتج ما يقرب من 970 ألف طن من الثمار سنوياً بقيمة 5.5 مليار ريال، وبذلك أصبحت المملكة من أكبر الدول إنتاجاً للتمور في العالم.
ويواجه نخيل التمر الكثير من الآفات والأمراض ويعد مرض الوجام أحد الأمراض التي تهاجم النخيل في المملكة.
وفي محاضرة ألقيت في كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل في الأحساء سلط الدكتور خالد بن عبد الله الهديب الأستاذ في قسم وقاية النبات في الجامعة الضوء على مرض الوجام من خلال عدة جوانب منها تاريخ المرض، تعريفه، مسبب المرض، نواقل المرض، الأضرار.
وأكد أن أول مَن ذكر المرض على نخيل التمر في المنطقة الشرقية وفقا العروسي، حسين محمد بدوي في عام 1945م في كتابه عن الزراعة الحديثة في المملكة العربية السعودية، كما لم يعرف حتى الآن في أي منطقة أخرى من العالم، وهو من الأمراض المدمرة لنخيل التمر التي تنتهي بتوقف نموها وإنتاجها ثم موتها في النهاية، ولقد أجريت بعض الدراسات السابقة لمعرفة مسبب هذا المرض حتى يمكن وضع برنامج المكافحة اللازم له، ولكن أثبتت هذه الدراسات عدم التوصل إلى حقيقة مسبب هذا المرض، الأمر الذي كان يتطلب مزيداً من الجهد واستخدام التقنيات الحديثة للكشف عن مسببه.
وأشار إلى أن نخيل التمر في المملكة العربية السعودية يصاب بالعديد من المسببات المرضية المختلفة، كما أن تلك المسببات تتسبب في حدوث أضرار وخسائر اقتصادية بالغة خاصة في محصول التمر. وبناء على ما ذكره العروسي عام (1989م) فإن أول من ذكر مرض الوجام على نخيل التمر هو بدوى عام 1945 حيث سجل انتشار هذا المرض في واحة الأحساء، وقد أطلق المزارعون المحليون اسم الوجام على النخيل القديم أو الميت وتأتي هذا الكلمة العربية "الوجام" من الفعل وجم والذي يعني خمد أو سكت عن الكلام، وهذا يعبر عن النخلة التي توقفت عن النمو.
وقد أوضح نيكسون 1954 أن مرض الوجام ناجم عن فيروس وارتفاع منسوب مستوى ماء الأرض في المزرعة المصابة ، فيما ذكر العروسي عام 1982 أن هذا المرض يصاحبه عدة مسببات مرضية مثل Fusarium solani or F. moniliforme في حين تتشابه أعراضه مع أعراض ظهرت على النخيل في كاليفورنياCoachella valley, California الناجمة عن Omphalia spp. وفي الدراسة نفسها أثبتت نتائج العدوى الصناعية بكل من هذه الفطريات أوالنيماتودا أو العدوى المشتركة عدم تكشف أعراض مرض الوجام على فسائل النخيل المعداة مما يدل على أنها ليست المسبّب الرئيس للمرض، ولقد أوضحت نتائج الأبحاث التى قام بها العبدالسلام وآخرون عام 1993 أن حقن أشجار النخيل بواسطة Oxytetracycline أظهر شفاء ملموسا لنخيل التمر المصاب بمرض الوجام.
وفي أول تقرير لمرض الوجام كمرض من مجموعة فيتوبلازما الاستر 16SrI المصاحب لنخيل التمر أشار الهديب إلى أنه قام بمساعدة بعض المختصين عام 2007 بدراسة المرض ووصفه وتشخيصه جزيئيا باستخدام التقنية الحديثة nested PCR باستخدام البادئات الخاصة للتعرف على وجود الفيتوبلازما في أشجار النخيل، وكذلك في نطاطات الأوراق Leafhopper التي تعد ناقلاً للفيتوبلازما. وأثبتت الدراسة أن فيتوبلازما الوجام تنتقل عن طريق نطاطات الأوراق من نوعCicadulina bipunctata Melichar، وفي الدراسة نفسها أثبت تطابق شيفرة الحمض النووي 16S rDNA للفيتوبلازما بنسبة 100 في المائة مع كل من شيفرة النخيل وشيفرة الحشرة الناقلة DQ913090 DQ913091، وبنسبة 98 في المائة مع اصفرار الاستر AF322644 من مجموعة16SrI, Candidatus Phytoplasma asteris ومنه صنفت فيتوبلازما الوجام في المجموعة الأولى في التقسيم العام للفيتوبلازما.
وأضاف قبل عام 1967 كان يعتقد أن مرض الاصفرار على النباتات ناجم عن فيروسات حتى تم اكتشاف الفيتوبلازما عام 1967 حيث كان يطلق عليها اسم MycoplasmaLike Organisms، وفي عام 1994 تم تغيير اسم MLO إلى اسم Phytoplasma فيتوبلازما وهو الاسم المستخدم حاليا. وتعتبر الفيتوبلازما بكتريا دون جدار خلوي تعيش في لحاء النبات، وهي من الكائنات طليعيات النواة Prokaryote من قسم Mollicutes، وتصيب الفيتوبلازما نحو 700 نوع من النباتات على مستوى العالم، كما أنها لا يمكن زراعتها في بيئة خاصة كالبكتيريا والفطريات وتنتقل عن طريق نطاطات الأوراق Leafhopper أو نطاطات النباتات Planthopper وهذه الحشرات تتبع رتبة Hemiptera، وكائنات الفيتوبلازما هي من المسببات المرضية للعديد من الأمراض النباتية التي تلعب دورا رئيسيا في تحديد إنتاجية كثير من المحاصيل الزراعية اقتصاديا، ومنها أشجار النخيل سواء نخيل جوز الهند أو نخيل الزينة أونخيل التمور، وتسبب الفيتوبلازما اصفراراً وتخطيطاً وإخضراراً بالأوراق وصغر حجمها وقصر السلاميات وتقزم النباتات وعقم الأزهار وانخفاض المحصول، كما أنها تسبب موتا للأفرع وتدهوراً وموتاً للنباتات المصابة.
ويعد مرض الاصفرار القاتل من أخطر الأمراض الفيتوبلازما على نخيل جوز الهند ونخيل الزينة بأنواعه، وبناء على ما ذكره الجربي فإن هذا المرض سجل لأول مرة على نخيل جوز الهند في جزيرة جامايكا في البحر الكاريبي عام 1891م بواسطة العالم فوست، ثم انتشر هذا المرض بسرعة في منطقة الكاريبي في جامايكا وجزر سيمان وكوبا وجزر الباهاما وجمهورية الدومنيكان وجزر هاييتي، ثم انتقل منها إلى منطقة كي ويست في فلوريدا في الولايات المتحدة عام 1955م، كذلك ظهر في ولاية تكساس الأمريكية وقتل العديد من أشجار جوز الهند، وكذلك انتقل بها إلى نخيل التمر. حيث يعد هذا المرض خطيراً جدا ففي عام 1981 قتل أكثر من ستة ملايين شجرة جوز الهند في جامايكا، مليون شجرة في غانا، أكثر من 20 ألف شجر في ولاية فلوريدا ، كما دمر آلاف الأشجار في المكسيك وتنزانيا ولقد أوضح .McCoy et al عام 1976 أن مرض الاصفرار المميت يتسبب عن الفيتوبلازما السريع الانتشار ويدمر العديد من أنواع نخيل جوز الهند ونخيل التمر. وينتقل هذا المرض بواسطة نطاط الأوراق المعروف باسم Myndus crudus Van Duzee والتي توجد في جامايكا وفلوريدا، ولقد اتضح أخيراً أن هذا المرض القاتل يمكنه أن يصيب عديداً من الأنواع النباتية أكثر من 37 نوعا.
من أهم أعراض مرض الوجام هو الاصفرار المخطط على نصل السعف مع تقزم في الأوراق الجديدة مقارنة بالسليمة وهذا التقزم يستمر حتى السنة التالية مع زيادة في الاصفرار، ومع تقدم الإصابة يصبح التقزم واضحاً على طلع النخيل مع تشوهه مما يسبب قلة في الإنتاج وتقزماً في الثمار، وفي حالة الإصابة الشديدة تتوقف النخلة عن إنتاج الطلع ويزداد التقزم حيث ينتهي بموت النخلة، وتعتمد سرعة انتشار المرض داخل النخلة على صنفها، الا أنه من الملاحظ أن الوجام يهاجم أعمار النخيل كافة.
وأشار إلى أن الوجام من الأمراض القديمة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية حيث تكثر أشجار النخيل ويصل عددها إلى نحو ثلاثة ملايين نخلة، ويتم انتقال المرض عبر نقل فسائل النخيل المصابة ما بين المدن والمناطق، أما على مستوى المنطقة فنقل الفسائل بالأضاف للحشرة الناقلة للمرض يعد من أهم طرق انتقال المرض بين المزارع حيث تقوم حشرة C. bipunctata بنقل المرض، كما وجد أن الفيتوبلازما مصاحبة لمرض القمة البيضاء المميت White Tip Dieback-WTD والموت البطيء Slow Decline على نخيل التمر في السودان، كما تم تسجيل مرض الاصفرار على نخيل البلح في الكويت وكذلك على نوع من نخيل البلح في تكساس في الولايات المتحدة، كما أن الكثير من الدول التي تحتوي على أشجار تتبع عائلة النخيل مثل شجرة جوز الهند تتعرض للإصابة بـ LY أو Lethal Decline. وقد أظهر مسح لنخيل منطقة الأحساء - شرقي المملكة العربية السعودية - تفاوت الإصابة ما بين 5- 50 في المائة من عدد النخيل في المزرعة حيث تكثر الإصابات الحديثة في المزارع المصابة مسبقا أوالمجاورة لمزرعة مصابة، وتزداد خطورة المرض بسبب اعتقاد المزارعين أن عدم إزالة النخلة المصابة لا يؤدي إلى انتقال العدوى إلى النخيل المجاور في السنة التالية، لذا يفضل المزارعون بقاء النخيل المصاب وعدم قطعه وحرقه وبهذا المفهوم تزداد صعوبة مكافحة هذا المرض.

الأكثر قراءة