انضمام المواطنين والمقيمين يرفع حجم سوق التأمين الصحي في السعودية إلى 30 مليار ريال
أكد المهندس لؤي هشام ناظر، عضو مجلس الضمان الصحي ورئيس مجلس إدارة شركة بوبا العربية نمو سوق التأمين في المملكة بنسبة 35 في المائة خلال العامين الماضيين. وأشار إلى ارتفاع حجم السوق إلى سبعة مليارات ريال بنهاية 2007 مقارنة بـ 5.2 مليار في 2005 مع بدء تطبيق التأمين الطبي الإلزامي على المقيمين. وقدر في حوار خاص لـ "الاقتصادية" حجم السوق مع اكتمال تطبيق التأمين الصحي على المواطنين والمقيمين بنحو 30 مليار ريال مشيرا إلى أن خطة الدولة تقضي بمنح كل مواطن بوليصة تأمين مجانية والتوسع في توفير التغطية التأمينية اللازمة للمسنين العاطلين عن العمل.
وشدد على أهمية تكريس الوعي بالثقافة التأمينية في المجتمع مؤكدا وجود تحول نوعي في أهمية التأمين حاليا في ظل زيادة تكاليف الخدمة الطبية, وقلل من شأن ما يثار حول وقوع خلافات بين شركات التأمين والقطاع الخاص مؤكدا أن الحد من طلبات إجراء الفحوص غير الضرورية والالتزام بالموافقات المسبقة وضع الأسس السليمة للعلاقة بين الطرفين وقلص من الخلافات في الرؤى إلى حد بعيد. وقدر حجم سوق التأمين المتوافق مع الشريعة بحلول 2010 بنحو عشرة مليار دولار تستحوذ الدول العربية على 63 في المائة منها، وتأتي في المرتبة الثانية ماليزيا, وقدر عدد المقيمين الذين اشتركوا في نظام التأمين الطبي الإلزامي بنحو ثلاثة ملايين مقيم في حين ينتظر دخول ثلاثة ملايين آخرين خلال الفترة القصيرة المقبلة إلى نص الحوار:
كيف تقيمون مسيرة قطاع التأمين بشكل عام في المملكة حاليا؟
عرفت المملكة التأمين في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي مع ظهور النفط إلا أن هذه الصناعة المهمة في مجال الاقتصاد لم تشهد التنظيم الفعلي لها إلا في عام 1420هـ مع صدور نظام التأمين الصحي التعاوني ولائحته التنفيذية في عام 1423هـ وفي عام 1426هـ صدرت اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة التأمين التعاوني الذي يتولى الإشراف عليه مجلس الضمان الصحي التعاوني. وتقوم مؤسسة النقد بمراقبة تطبيق وتفعيل نظام المراقبة ولائحته التنفيذية بهدف حماية حقوق المؤمن عليهم وتشجيع المنافسة العادلة ودعم استقرار السوق وتوطين الوظائف فيه. وأدى بدء التطبيق الإلزامي للتأمين الطبي على المقيمين إلى ارتفاع عدد المؤمن عليهم إلى ثلاثة ملايين مقيم خلال عامين فقط ومن المنتظر انضمام نحو ثلاثة ملايين مقيم آخرون إلى السوق مما سيؤدي إلى انتعاش صناعة التأمين بشكل ملموس في الفترة المقبلة. كما أن البدء في تطبيق التأمين على المواطنين في العام المقبل وبصورة تدريجية سيؤدي إلى ارتفاع حجم السوق إلى أكثر من 30 مليار ريال في ختام هذه العملية التي تستغرق عدة سنوات حيث سيبلغ عدد المؤمن عليهم وفق الخطة أكثر من 23 مليون نسمة بين مواطن ومقيم.
كيف تنظرون إلى تجربة التأمين الطبي على الرغم من حداثتها نسبيا في المملكة؟
يمكن القول كما أسلفت سابقا، إن عام 1420هـ يعد علامة فارقة في مسيرة التأمين في المملكة لأن السوق شهدت قبل هذه الفترة حالة وصفها البعض بالفوضى نتيجة اقتحام بعض الدخلاء السوق بحثا عن الربح فقط وعندما شعروا بالجدية في إعادة تنظيم القطاع وما يتطلبه ذلك من ضوابط التزامات عملية عمدوا إلى (الهروب) من السوق ومازالت على حد علمي هناك ملاحقات للحصول على المبالغ المستحقة عليهم. أما الآن فالوضع اختلف تماما بعد إخضاع الشركات العاملة في القطاع لعمليات تأهيل شاملة للتأكد من قدرتها على الوفاء بالالتزامات كاملة تجاه المؤمن عليهم. وتتوقع الدراسات ارتفاع حجم السوق إلى 15 مليار ريال خلال خمس سنوات. ولا جدال على أن تنافس الشركات في سوق التأمين يعود بفائدة كبيرة على المستفيدين وهو ما نحتاج إليه في الفترة المقبلة حتى يمكن مواجهة الطلب على الخدمات بشكل متزايد.
عمليات التحايل
يشكو العاملون في قطاع التأمين من زيادة عمليات التحايل للحصول على خدمات دون وجه حق .. كيف يمكن التصدي لهذه المشكلة؟
لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار وجود تحايل من جانب البعض للحصول على فوائد غير مستحقة من التأمين لكن في اعتقادي أن تعاون جميع الجهات المنظمة والمشرفة ومقدمة الخدمة في إطار من المؤسساتية والحرفية المهنية يؤدي إلى كشف أي عمليات نصب وتحايل, إن هذا القطاع المهم لا يزال يعاني ندرة المتخصصين في هذا المجال وينبغي إدراج مواد مفصلة عن التأمين في الجامعات والدبلوم الصحي الذي تقدمه المعاهد الأهلية الصحية.
مستقبل التأمين
كيف تنظرون إلى مستقبل التأمين في المملكة والفوائد التي يحققها لمختلف القطاعات؟
تشير الدراسات كافة إلى أهمية التأمين في الوقت الراهن باعتباره العمود الفقري الذي يسهم في دفع المستثمرين ورجال الأعمال إلى العمل بقوة واطمئنان من أجل البناء والاستثمار طالما كان هناك الغطاء التأميني لأنشطتهم لو حدث لها ضرر، لا سمح الله، من خلال قنوات التأمين وإعادة التأمين على الممتلكات المتعارف عليها. وبالنسبة للتأمين الطبي على وجه الخصوص فإنه يسهم في تخفيف الضغط على القطاع الحكومي إذا أخذنا في عين الاعتبار حاليا أن ميزانية وزارة الصحة وصلت قرابة 30 مليار ريال، وتواجه أعباء كبيرة حيث يستنزف علاج مرضى السكر الذين يمثلون ربع سكان المملكة نسبة كبيرة منها فضلا عن ذلك فإن الفترة المقبلة ستشهد تحولا في نوعية الأمراض، إذ من المتوقع وفقا لإحصاءات وزارة الصحة ارتفاع عدد الحالات التي تحتاج إلى رعاية متخصصة إلى 740 ألف حالة بحلول عام 2020 تبلغ تكلفة علاج 20 ألف مصاب بالسرطان منهم فقط قرابة أربعة مليارات ريال. أما بالنسبة للقطاع الخاص فسيؤدي التوسع في الاستثمار في سوق التأمين إلى زيادة المشاريع الصحية ولاسيما في المناطق ذات الإمكانات المحدودة نوعا ما.
بوليصة تأمين لكل مواطن
كيف تنظرون إلى الآلية التي سيتم من خلالها تطبيق التأمين الإلزامي على المواطنين ولاسيما أن الرقم يقارب 17 مليون نسمة؟
كما هو معروف فإن الدولة تنتهج منهج التدرج في تطبيق التأمين للتأكد من عدم حدوث أي فجوة أو هزة في تقديم الخدمة بالشكل المأمول ولهذا فإن الخطوات مترابطة، حيث بدأ التأمين على المقيمين في الشركات التي تزيد أعداد العمالة فيها على 500 مقيم في منتصف 2006 وحاليا يتم التأمين على الشركات التي يعمل فيها بين 100 و499 عاملا وفي المرحلة الثالثة والأخيرة وتشمل النسبة الأكبر سيتم التطبيق في الشركات الصغيرة التي تقل العمالة فيها عن 99 عاملا, ولضمان التأكد من التطبيق بشكل جدي تم ربط إصدار الإقامات بالتأمين الصحي التعاوني.
أما بالنسبة للمواطنين فإن الاتجاه الاستراتيجي يتمركز حول عدة دراسات تؤمن للدولة تغطية صحية للمواطنين وبوليصة تأمين صحي لكل مواطن تؤمن له العلاج في الداخل، كما تدرس إمكانية توسيع دائرة التأمين الصحي للسعوديين المسنين والعاطلين عن العمل الذين يعانون أمراضا مزمنة وكذلك تغطية العمالة المنزلية مثل السائقين والخادمات.
عقبات التأمين
ما أبرز المشاكل التي يواجهها قطاع التأمين في المملكة حاليا؟
في أعتقادي أن قطاع التأمين كسوق ناشئة يواجه الكثير من العقبات التي تحرص الدولة على مواجهتها أولا بأول لقناعتها بأهميته على جميع المستويات ومن أبرزها، ضعف الثقافة التأمينية لدى المواطنين والمقيمين على الرغم من الفوائد الكبيرة للتأمين على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي. كما يعاني القطاع أيضا من غياب معايير محددة يتم استخدامها لتحديد القسط التأميني مع ضعف في الإلمام بمعايير التحليل الاكتواري رغم أهميته في التوصل إلى سعر موحد للقسط التأميني بما يضمن حقوق الأطراف كافة.
رؤية التأمين والفتوى الشرعية
هل تلمسون تغيرا في نظرة البعض إلى التأمين وماذا تقول في حال جاءك شخص يجزم لك أن التأمين الصحي حرام؟
العمل في قطاع التأمين الصحي التعاوني تحكمه ضوابط وقد خضع لدراسات عديدة لكي يخرج مواكبا للأحكام والضوابط الشرعية والنظامية وهو نوع من التكافل والتعاون على درء المخاطر التي قد لا يستطيع المرء بمفرده مواجهتها. وقد بدأت الرؤية للتأمين تتغير في السنوات الأخيرة بصدور فتوى شرعية تجيز التأمين التعاوني ومن هنا يأتي دور المشايخ والمختصين في توضيح جوانب الفتوى الشرعية وكيف يختلف التأمين التعاوني عن التجاري. لقد أصبح التأمين الصحي ضرورة لابد منها مع ارتفاع التكاليف الصحية من أجل توفير قناة مالية ثابتة للقطاع الصحي الحكومي والخاص وتحسين الخدمات المقدمة إلى المرضى وكذلك توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين مع زيادة الشركات إلى السوق.
حماية المساهمين والمستفيدين
لو كنت مسؤولا حكوميا في قطاع التأمين، ما أول قرار يمكن أن تتخذه؟
في اعتقادي أن من الضروري بمكان في قطاع التأمين السعي إلى تكريس المنهج المؤسساتي في العمل من أجل حماية جميع الكيانات المرتبطة بالقطاع ولاسيما المساهمين وحاملي بوالص التأمين. ونحن في "بوبا العربية" نرفع شعار (رعاية كل من ائتمننا) وقد تم التأكيد عليه مجددا في الاحتفال بمرور عشر سنوات على دخول السوق السعودية أخيرا من خلال التركيز على مبادئ الشركة الأساسية وهي المسؤولية والتفاني والتمكين والاحترام والعناية والقيم الأخلاقية التي تحكم جميع التعاملات.
كيف تقيمون شراكتكم مع شركة بوبا العالمية في مجال التأمين الطبي في الوقت الراهن؟
شهد عام 1997 مشروع شراكة بين مجموعة ناظر وبوبا العالمية لتولد بوبا العربية بعد دراسات أجرتها المجموعة بحثا عن شريك عالمي متخصص في مجال الرعاية الصحية ويتمتع بقدر كبير من الخبرة في مجال تقديم برامج الرعاية الصحية وإدارتها وفق المقاييس المعتمدة دوليا. وتعد "بوبا العالمية" أكبر شركة تأمين طبي في بريطانيا، حيث تقدم خدماتها إلى أكثر من تسعة ملايين شخص في أكثر من 180 دولة عبر العالم ويبلغ حجم استثماراتها أكثر من خمسة مليارات جنيه استرليني.
وتسعى "بوبا العربية" إلى الارتقاء بخدماتها المقدمة إلى أكثر من ألف شركة ومؤسسة سعودية في مختلف القطاعات عبر فرق طبية وإدارية متخصصة على مدار الساعة وتستحوذ الشركة حاليا على نسبة تقدر بـ 15 في المائة من حجم السوق ونتطلع إلى زيادتها خلال سنوات قليلة.
العلاقة بين التأمين والقطاع الخاص
كيف تنظرون إلى العلاقة بين شركات التأمين والقطاع الصحي مقدم الخدمة.. وما مدى صحة ما يتردد عن وجود شد وجذب فيها؟
قطاع التأمين في المملكة من أكثر القطاعات نموا في الوقت الراهن نتيجة التحديث المستمر للقواعد والضوابط التي يجري العمل بها في السوق. وأعتقد أن ما يتردد عن وجود خلافات عميقة بين الشركات والمستشفيات أمر مبالغ فيه بعض الشيء في ظل تطوير آليات التعاون والعمل بالموافقات المسبقة بشأن بعض الخدمات والاتفاق على الحد من طلب الخدمات غير الضرورية. كما ينبغي الإشارة أيضا إلى أن إلزام المريض بدفع نسبة من التكلفة يسهم أيضا في الحد من المراجعات غير الضرورية للمستشفيات. ولا جدال على أنه بمرور الوقت تتعزز بشكل ملموس الثقة بين مختلف أطراف العملية التأمينية بما يسهم في تقديم خدمة جيدة للمرضى.
كيف تنظرون إلى حجم سوق التأمين المتوافق مع أحكام الشريعة على جميع المستويات في الوقت الراهن؟
في إطار الزيادة الكبيرة في الإقبال على التأمين من المتوقع أن تبلغ أقساط قطاع التأمين المتوافق مع الشريعة الإسلامية بحلول عام 2010 قرابة عشرة مليارات دولار. وتقدر نسبة النمو في قطاع التأمين الإسلامي بنحو 20 و25 في المائة مقابل 6 و7 في المائة في القطاع التجاري. وتبلغ حصة الدول العربية نحو 63 في المائة من هذا القطاع. وتجيء ماليزيا في المرحلة الثانية بنسبة 27 في المائة وتعد أكبر سوق في العالم في هذا المجال وقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي التأمين التعاوني في 1406هـ انطلاقا من قيامه على التكافل من خلال تكوين محفظة تأمينية لصالح حملة وثائق التأمين بحيث يكون لهم الغنم وعليهم الغرم ويقتصر دور الشركة على الإدارة بأجر واستثمار موجودات التأمين بأجر أو بحصة من الربح على أساس المضاربة أما عقد التأمين التجاري فهو عقد معاوضة اشتمل على غرر لا يغتفر والغرر من مبطلات العقود في الشريعة الإسلامية.
حصلتم أخيرا على جائزة مديري الأعمال الشباب.. كيف تنظرون إلى هذه الجائزة؟
الجائزة تعد بمثابة تكريم لعطاءات "بوبا" في مجال التأمين الطبي كشركة حددت لنفسها هدفا اسمى هو الارتقاء بالخدمة الطبية المقدمة لعملائها عبر شبكة واسعة من المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مناطق المملكة. كما تركز في الوقت ذاته على الاستفادة من آراء العملاء والأطباء وتحويل أي مقترحات أو ملاحظات إلى برامج عمل لتطوير الأداء وتلافي أي أوجه قصور