الشفافية بين الماضي والمستقبل

[email protected]

أصبح الحديث السائد عن الإفصاح وحوكمة الشركات يرتبطان ارتباطا كبيرا برفع مستوى الشفافية على مستوى القطاع الخاص، مع أن مفهوم الشفافية هو مفهوم تطبيق على الجميع سواء على مستوى القطاع الخاص أو على مستوى الأفراد أصحاب التأثر والتأثير في المجريات العامة للحياة في أي اقتصاد، ويأتي هذا الاهتمام العالمي كذلك من خلال تقرير الشفافية الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، ولعلي اطلعت أخيرا على تاريخ الشفافية من ناحية التشريع في المملكة في نفس الوقت الذي اطلعت فيه على بعض التقارير الدولة ذات العلاقة بالشفافية ومنها تقرير الشفافية الدولية، وانتابني شعور بالفخر والتساؤل في الوقت نفسه لكون هذا الاطلاع جعلني أفتخر كون المملكة وعت إلى مفهوم الشفافية خلال السنوات المبكرة لتأسيسها مما يدعم الأسس التي بنيت على أساسها هذا الدولة، ومصدر التساؤل لأننا أصبحنا نتطلع إلى تطبيق هذا المفهوم بناء على المستجدات التي ترد إلى عقولنا من خلال ردود أفعال محددة لمتطلبات معينة.

لقد اطلعت أخيرا على المرسوم الملكي رقم 16 الصادر بتاريخ 7 ربيع الأول 1382هـ، أي منذ أكثر من 45 عاماً، والذي يفصل بشكل كبير التوجه الكبير الذي تحمله الدولة من خلال رفع درجات الشفافية في القطاع الحكومي فيما يخص موظفيها ومصادر ثرواتهم والكشف عنها، ولعل هذا المرسوم أوضح بشكل كبير آليات العمل التي يجب اتباعها لرفع ذلك المستوى من الشفافية وكذلك يضع معايير العدالة في التعامل التجاري على وجه التحديد ويزيد من كفاءة الأعمال وما يتبعه من نزاهة الاقتصاد وإنتاجيته، وخلص المرسوم إلى مصادرة جميع الأموال التي يمتلكها الموظفون إذا لم يثبت صحة مصدرها. واستمر توجه الإصلاح التشريعي بشكل منتظم ومبادر، ويأتي ذلك من خلال صدور قرار مجلس الوزراء رقم 3/4 وتاريخ 13/3/1425هـ بالموافقة على الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي تنص على "تحقيق حماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره وتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد"، وهذا بلا شك استمرار لذلك النهج بوضع الشفافية كأساس لتطوير بيئة العمل بما يخدم التطلعات والأهداف الاستراتيجية للمملكة.

وخلال اطلاعي على مستجدات التقارير العالمية فيما يخص الشفافية وقعت يدي على تقرير أداء الأعمال الصادر من البنك الدولي الذي أضاف موضوع الشفافية لمؤشر أداء الأعمال الذي يصدره سنويا، وجاء موضوع الشفافية التي يغطيها ذلك التقرير على استقصاء لمستوى الشفافية وتحديدا بالنسبة إلى أعضاء البرلمان لدول العالم ويشتمل على دراسة وتحليل أوجه متعددة منها فيما يتعلق بمستوى الإفصاح بالنسبة إلى أعضاء البرلمان فيما يخص ملاءتهم والتزاماتهم المالية وكذلك أعمالهم التجارية والمداخل الأخرى التي يحصلون عليها وعن آليات الإفصاح كونها تتم عند التعين أو بشكل سنوي. كذلك فإن التقرير يقوم بدراسة القوانين التي على أساسها يقوم الإفصاح كذلك فإن التقرير يقيم العلاقة بين أعضاء البرلمان والأعمال التجارية بجميع أنواعها سواء على المستوى الشخصي والمشاريع الحكومية التي يكون الأعضاء على علاقة بها من الناحية التجارية، كذلك فإن التقرير يقوم برصد سبع نقاط رئيسية تحدد مستوى الشفافية بين دول العالم المختلفة، من خلال النظرة التي طرحنا جزءا منها فيما يتعلق بأعضاء البرلمان.

وبين انضمام الشفافية إلى مؤشر أداء الأعمال وتاريخ المملكة المشرف في خلق التشريعات ذات العلاقة برفع مستويات الشفافية والإفصاح، بقي الحد الفاصل في التطبيق على أرض الواقع وفق نظرة واسعة الأفق تعي آفاق وأبعاد ذلك التقييم؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي