"خضراوات قيادية" كالشركات القيادية في سوق الأسهم!!

[email protected]

سوق الأسهم تتمتع بمصطلحات خاصة, وبعضها ينم عن سلوكيات خاطئة, فمثلاً حين نسمع في سوق الأسهم بما يسمى بعملية (الرش), فهذا يعني: أن بعض المضاربين يقوم ببيع كميات كبيرة من الأسهم - دون دعم السهم - لغرض الضغط عليها, وتخفيض سعرها, وحين نسمع في سوق الأسهم بما يسمى بعملية (التدوير), فهذا يعني: أن هناك عملية بيع وشراء غير حقيقية تمارس في السوق؛ لغرض إيهام المتداولين بوجود تعامل نشط على أسهم معينة من أجل جذب الانتباه إليها.., وهكذا في مصطلحات عديدة (تجميع, تصريف, ضغط, دعم, تطبيل, إرجاف, إشاعة, هامور,... إلخ!!!)
وإذا كانت هذه الممارسات الممنوعة شرعاً ونظاماً قد كبدت سوق الأسهم خسائر كبيرة, فإن تسلل بعض هذه المصطلحات إلى سوق السلع والعقار مؤذن بخسائر أخرى للمواطنين, وقد قرأت في أكثر من صحيفة محلية وعربية أخباراً عن ممارسات جديدة في سوق السلع والأراضي تذكرنا بممارسات المتعاملين في سوق الأسهم, تحت عناوين مختلفة, من أبرزها: ظهور (المضاربات) في سوق السلع والأراضي, فمثلا جاء في جريدة "الرياض", في عددها رقم (14140) ما نصه: "أسهمت عوامل عديدة في تضخم أسعار العقارات في منطقة حائل خلال السنوات الأخيرة بتجاوز أسعارها غير المنطقية على حد وصف المستثمرين الذين أكدوا أن تلاعب (المضاربين) في سوق العقار أسهم في تدني حركة العقار والاستثمار, ولا سيما في المشروع في المخططات الجديدة..., وعزا المواطنون بحائل ابتعادهم عن المساهمات في المخططات السكنية والتجارية الجديدة إلى تلاعب (المضاربين) للأسعار بصورة خيالية، حيث وصل سعر المتر الواحد (ثلاثة آلاف ريال!!) ما جعل الغالبية غير قادرة على الشروع في المساهمة والاستثمار..!"أهـ. وبهذا أصبح لدينا (هوامير) للعقار, كما يوجد لدينا (هوامير) لسوق الأسهم, وأضحت سوق العقار في بعض الأماكن تشكل (فقاعة) قابلة للانفجار في أية لحظة, كما يتوالد في سوق الأسهم (فقاعات) بشكل يومي على بعض الشركات, وهذه (الفقاعة) في سوق العقار ستنفجر في أية لحظة لتقوم بعملية (تصحيح) للأسعار, كما انفجرت فقاعات كثيرة في سوق الأسهم أدت إلى عمليات تصحيحية, بل إلى انهيارات حقيقية. ولم يقف الحد عند (المضاربة) على أسعار العقار, بل تسلل هوامير الأسواق المالية إلى الأسواق الغذائية؛ وذلك لـ (يضاربوا) على لقمة عيش الشعوب, كما جاء ذلك صريحاً على لسان أحد المسؤولين في الأمم المتحدة, ونشر في جريدة "الشرق الأوسط" الصادرة يوم الثلاثاء, الموافق 23/4/1429هـ, في عددها (10745), حيث جاء فيها: "ندَّد جان زيجلر (مقرر الأمم المتحدة للحق في الغذاء) بـ (المضاربات) التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 30 في المائة!!" وهذا ما حدا بحكومة فيتنام للتصدي لهؤلاء (المضاربين), كما جاء في التقرير المنشور في جريدة "الاقتصادية" بتاريخ 23/4/1429هـ, حيث جاء فيه: "ذكر تجار في فيتنام أمس أن الإقبال الشديد على شراء الأرز من جانب المستهلكين الفيتناميين تراجع قليلا بعد قرار رئيس الوزراء حظر (المضاربة) على الأرز في الأسواق؛ بهدف كبح جماح الأسعار التي كانت قد زادت بنسبة (200 في المائة) خلال الأيام الثلاثة السابقة.., وفي بيان صدر أمس الأول ألقى رئيس الوزراء نجوين تان دونج بمسؤولية زيادة الأسعار على (أشخاص أشرار) بدؤوا (ترويج شائعات) بشأن نقص المواد الغذائية في البلاد لـ (المضاربة) على أسعار الأرز وتحقيق أرباح, والتهريب إلى الدول الأخرى!!" أهـ،وهنا يتجلى مصطلح آخر شهير في سوق الأسهم, وهو (الشائعات) الذي أضر ترويجها كثيراً بأسواق الأسهم, وهكذا يتسلل الهوامير بسلوكياتهم القذرة من أسواق الأسهم إلى أسواق الغذاء في العالم، لينتزعوا اللقمة من أفواه الفقراء, ما كان أحد الأسباب الرئيسة في تفاقم الأسعار الغذائية, و(المضاربة) وإن كانت في أصلها تجارة مباحة, إلا أنها حين تتحول إلى سلوك غير سوي, يراد منها التأثير في الأسعار بأي صورة كانت؛ من أجل جني أكبر قدر ممكن من الأرباح, فإنها حينئذ تتحول إلى جريمة أخلاقية تستحق العقوبة, والملاحقة القضائية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد, بل ظهرت خضراوات قيادية تقود أسعار الخضراوات, كما تقود سابك, والكهرباء, والاتصالات.. قطاع سوق الأسهم السعودي!!!, فقد جاء في جريدة "الاقتصادية" بتاريخ 23/1/1429هـ, هذا التقرير الآتي: "بدأت أسعار الخضار في النزول التدريجي إلى أسعارها الأصلية، بعد ارتفاع ثمنها الكبير خلال الأسابيع الماضية، مع تفاوت محال الخضار في الأسعار، حيث تفاوتت بشكل كبير, و(قادت الطماطم) نزول الأسعار، حيث نزل سعر الكيلو من عشرة ريالات إلى أقل من ريالين خلال الأسبوعين الماضيين!! ويعد متعاملون في سوق الخضار أن الطماطم من أهم القياديات في سوق الخضار، حيث إنها المطلوبة الأولى لجميع المستهلكين، فيما نزلت الأنواع الأخرى كالكوسة, والتي وصلت إلى أسعار عالية بلغت أكثر من 40 ريالاً للكيلو الواحد، وتراجع مطلع الأسبوع الحالي إلى أقل من (15 ريالاً) للكيلو، فيما تراجعت الباذنجان, والورقيات بمختلف أنواعها إلى أسعار يراها المتعاملون في سوق الخضار منطقية، وضمن الحدود المقبولة في السوق" وهكذا تنفرد الطماطم بقيادة بقية أنواع الخضار, ونأمل أن تقوم إحدى شركات التصنيف العالمية كشركةّ hspc بوضع السعر العادل لهذا النوع من الخضار, حتى يسهم هذا السعر في تخفيف حدة التذبذبات في سوق الخضار, ولئلا تحتاج السوق إلى عمليات تصحيحية على الأسعار, ولفظ (تصحيح) في سوق الأسهم يشير إلى عمليات خاطئة تمت في السوق, حيث ترتفع الأسعار إلى أرقام غير مبررة, مما يستدعي التصحيح العاجل؛ لئلا يقع الانهيار!
وإذا كان في سوق الأسهم ما يسمى بـ (حاجز المقاومة) وهو يعني: المستوى الذي يصعب صعود سعر السهم أو المؤشر فوقه، وكسر هذا الحاجز يعد خبرا جيدا فإن بعض التجار اليوم بدأ يعبث على هذا الوتر, أعني: (الحاجز النفسي للمواطن), حيث أقدم كثير من التجار على رفع أسعار سلعهم بشكل غير مبرر؛ استغلالاً لتهيؤ الناس لغلاء الأسعار, حيث أصبح لدى كثير من الزبائن تقبل لرفع الأسعار لأنها أصبحت ظاهرة عامة؛ ما أوجد شعوراً لدى التاجر بإمكان رفع أسعار سلعه؛ لانكسار هذا الحاجز, والذي كان يصعب كسره في ظل استقرار الأسعار سابقاً, أما وقد انكسر حاجز المقاومة, فليقفز التاجر بالأسعار التي يريد باسم التضخم..., وهكذا تتسلل مصطلحات أسواق الأسهم إلى أسواق الغذاء, والبناء, والعقار!!
والمؤسف حقاً, أنه لم يتسلل إلى السوق إلا المصطلحات الضارة, دون المصطلحات النافعة, فلم نسمع مثلاً عن أسواق غذائية تقدم لزبائنها (منحة مجانية) من سلعها المعروضة تخفيفاً على المواطن من أزمة الغلاء, ولم نر تاجراً يقدم أسعاراً مخفضة, حيث تنعكس إيجاباً على العميل بـ (عائد) مالي جيد في ظل هذه الظروف, لم نسمع, ولم نر, سوى نماذج قليلة جداً, ومن أبرز هذه النماذج ما قامت به مؤسسة فقيه للدواجن, من تخفيض أسعار البيض إلى حد مقبول جداً, ما أحرج كثيراً من التجار, وحدا بهم إلى تخفيض معروضاتهم من البيض, ومثل هذه النماذج الطيبة والموفقة, التي تقف مع المواطن في أوقات محنته, يجب أن تذكر وتشكر, وأن تكرَّم من الجهات المسؤولة عبر وسائل الإعلام؛ لينعكس ذلك إيجاباً على الأسعار في السوق, والله وحده الموفق, والهادي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي