رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قُرى في جازان مازالت تنتظر لمسة إنسان!

[email protected]

إن شح الأمطار وعدم تنفيذ القرارات السابقة الخاصة بنظام السقيا منذ عام 1425هـ في العديد من قرى بعض المحافظات المرتفعة في منطقة جازان أثر سلبا في حياة الكثيرين من سكانها وبالذات في شرق وشمال شرق المنطقة. هؤلاء السكان يعتمدون بشكل رئيس على الثروة الحيوانية وبعض المحاصيل الزراعية وبما أنهم لم يتمكنوا من توفير الماء لهم أو لحيواناتهم فهم يقومون بجمع مياه الأمطار من فوق الأسطح وتجميعها في برك مؤقتة بدائية التشكيل أو براميل زنكية أو ما أشبه مما ينبئ مع مرور الزمن باقتراب تعرضهم لكارثة صحية واقتصادية إن لم توجه لهم الأنظار لرفع معاناتهم عاجلا.
من الطبيعي أن نتحدث عن المدن الاقتصادية واستخدام التقنية في كل مجال ومن الطبيعي أن نتحدث عن برامج للسمنة وتخفيض استهلاك السعرات الحرارية والاهتمام بالطاقة وبدائلها.. إلخ, ومن الطبيعي ألا ننفك نربط التنمية بالدخل والوضع الاجتماعي والاقتصادي وما إلى ذلك، إلا أن تنمية هذه المناطق بالنسبة لهم مازالت أحلاما لم تتحقق منذ عقود. أما صحيا فلا أعتقد أن هناك ما نتحدث عنه سوى أن عدم وجود مراكز صحية أو فرق طبية للزيارة أو (الطبابة) يعني أن سكان هذه القرى سيستمرون في التعرض للحشرات الفتاكة والزواحف الخطيرة بأنواعها المختلفة (ليل نهار) دونما وقاية أو توفير علاج لما قد تسببه لهم هذه الكائنات. إن قرى مثل: (المطيش، الملقطة، الخليلة، الجوفاء، الساهر, وغيرها)، دون ماء ولا كهرباء وأخرى مثل (الشجعة، البطان، المقعدة، البقعة، المخال، الخطوة, وغيرها)، دون ماء في منطقة جازان يجعل هذه القرى تشعر بعزلة عن باقي المحافظات والمناطق وقد لا يستطيعون الاندماج بشكل طبيعي لتأخير الخدمات التي تراكمت طلباتها عبر العقود الماضية في انتظار لمسة إنسان.
إن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الحالية والمستقبلية جراء عجز إمدادات الطاقة وتعثر توصيل المياه وصعوبة تشييد المرافق التعليمية والصحية وتأخر ربط هذه المناطق بالعالم الخارجي سيؤدي إلى استمرار حدة الأزمة في المنطقة وعدم الاستفادة من أبناء المنطقة في تطويرها للحاق بباقي المناطق مما يخلق فجوة لا يمكن ردمها. من ناحية أخرى في ذلك ترسيخ لمفهوم عدم عدالة توزيع الموارد الذي يترتب عليه تأخير التنمية التي نسعى لوضع أسس استدامتها. يترتب على ذلك ارتكاب أخطاء إنسانية نتيجة الهجرة والزحف للمدن بطريقة غير مخطط لها أو محسوبة للعقود المقبلة, إضافة إلى إضعاف ثقة المستثمر في الاستثمار في مناطق قد تكون ثرواتها في أرضها الخصبة ومواقعها السياحية وأهلها الشغوفين لتقديم كل ما يعود عليهم والوطن بالمنفعة.
لذلك بما أن استمرار الوضع هو في حد ذاته أزمة لابد من التفكير بإيجابية في إيجاد حلول لها بخطوات آنية وأخرى بعيدة المدى لتكون قفزة المنطقة سريعة ومحسوبة المخاطر. من الأولويات الآن أن نبدأ بشراكة بين القطاعات الحكومية المختلفة مثل وزارة المياه والكهرباء ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة الزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئة العليا للسياحة على أن تكون جهات أخرى مثل هيئة الاستثمار العامة وجمعية حقوق الإنسان مع إمارة المنطقة كمراقب يجتمعون على إخراج خطة تنفيذية عاجلة تؤمن متطلبات المحافظات التي تضم هذه القرى وغيرها من المحافظات في المنطقة ومن ثم خطة استثمارية بعيدة المدى يستفاد مما تتمتع به منطقة جازان من مميزات سياحية تجعلها الأغنى بطبيعة أرضها، حيث السهول والأراضي الزراعية التي تتخللها الأودية, ووجود غابات و مراع كثيفة إضافة إلى مناطق أثرية وجبال شامخة وشواطئ رملية وجزر متعددة. لا يخفى أيضا إنتاج المنطقة من المحاصيل والدواجن إضافة إلى الأسماك بالنسبة للإنتاج الكلي للمملكة، حيث يتراوح ما بين 15 و50 في المائة خلال العام, مما يستدعي تركيز الجهود والاستفادة من هذا الثراء الطبيعي للمنطقة. عملياً قد تكون (100 طن متري) من المياه الصالحة للاستخدام الآدمي يوميا كافية لسد حاجتهم مؤقتا تصل لهم عن طريق خزانات المياه (الوايتات) في حركة ترددية سريعة بصفة يومية إلى أن ينتهي مشروع تمديد شبكة المياه والصرف الصحي, حيث إن الماء النقي النظيف من حقوقهم وما مراقبة الآبار وتحديد نوعية المياه فيها وتقنين آلية الاستفادة منها إلا حماية لهم من تبعات ذلك صحيا. أما مع وزارة الصحة فيمكن تغطية المنطقة وتوعية السكان صحيا من خلال إيجاد فرق طبية أو تشييد مراكز مؤقتة للرعاية الصحية وتحسين أوضاعهم الغذائية بالمتابعة الدورية وتكثيف البرامج التوعوية. قد تتحمل وزارة الزراعة الاهتمام بخلو المراعي والحيوانات من نواقل الفيروسات بأنواعها إضافة إلى وقايتها من المُمرضات الطفيلية والبكتيرية وغيرها للقضاء على الأمراض الوبائية في المنطقة ككل, ولكن أيضا لوزارة التربية والتعليم دورا مهما في توفير المدارس المتوسطة والثانوية لإيصال الرسالة لجميع فئات المجتمع العمرية في سبيل إصحاح بيئة المجتمع بشكل عام. من ناحية النقل فلا شك أن وزارة النقل تقدمت في تعبيد بعض الطرق مشكلة أسس شبكة طرق جيدة ـ بإذن الله, وكذلك بالنسبة لمشاريع شركات الاتصالات التي سبقت كل الخدمات بوضع الأبراج في مواقع متعددة ولكن دون أن تكون هناك كهرباء أو ماء فقد لا تكون للمشاريع قيمة تذكر, لذلك فالتحرك الجماعي للقطاعات حتما سيحقق عدالة توزيع الموارد وسيؤدي إلى خير المنطقة بأسرع الطرق بإذن الله, والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي