كيف صنع العالم أمريكا وحوّلها إلى إمبراطورية؟
كانت عولمة القرن التاسع عشر هي ما جعلت الولايات المتحدة متفردة بين الدول. فعلى أكتاف المهاجرين الأوروبيين وأموالهم، صارت الولايات المتحدة إمبراطورية لديها القدرات المهارية الكافية لتحقيق الانتصارات، لكنها تفتقر إلى الخبرة اللازمة لإدارة شؤون الآخرين أو حتى شؤونها هي، والتي فضلت منذ زمن تركها للشركات الخاصة لتديرها. وما نتج عن هذا الموقف من مؤسسات وعادات دولية جعل الولايات المتحدة منيعة أمام اتجاهات التنمية القومية، كما جعلها غير قادرة على إقناع الشعوب الأخرى باتباع النموذج الذي تقدمه.
يتتبع الكتاب دور العالم (في الفترة من 1800 إلى 1900) للولايات المتحدة بأن تصل إلى الوضع المتميز الذي هي عليه الآن وما تلاه من توابع في عصرنا هذا. والواقع أن تميز الولايات المتحدة ليس بالفكرة الجديدة ولكنها على الأقل تعكس حقيقة جغرافية سياسية ذات علاقة بالاتجاهات المعاصرة للعولمة.
منذ الحرب الأهلية الأمريكية وحتى الحرب العالمية الأولى كانت المكانة الفريدة للولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي، بما فيها تدفق الرساميل والعمالة الأجنبية والفرص المتنامية في غرب البلاد، الذي شهد ازدهارا غير عادي آنذاك، تعني أنها على خلاف الدول الأوروبية لم تكن مجبرة على تطوير مؤسسات فيدرالية معقدة لتنظيم التجارة وجمع الإحصائيات وتقديم الدعم لمن يعانون من البطالة.
اتخذت الولايات المتحدة خطوات قليلة نحو ترسيخ مؤسساتها الفيدرالية ودعم دورها، وكان هذا من أهم العوامل التي شكلت طبيعة العلاقة بين أمريكا والعولمة كظاهرة اقتصادية وثقافية.
لم تكن الجهود التي بذلتها الحكومات الأمريكية المتعاقبة لتنظيم الائتمان وعمليات الاحتكار نابعة من استجابتها للاتجاهات الاشتراكية، وإنما جاءت نتيجة عدم ثقة المهاجرين الجدد إلى الغرب الأمريكي بالبنوك الأجنبية. وبافتقارها إلى المؤسسات الحكومية المركزية القوية الخبيرة في الشؤون الاقتصادية على نطاق واسع، كانت الولايات المتحدة غير مستعدة بعد الحرب العالمية الأولى لتحظى بدور قيادي في الاقتصاد العالمي.
أدى هذا الفشل إلى موجة الكساد الكبير التي أصابت الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ودفع الأمريكيين إلى دعم المؤسسات المالية العالمية بعد الحرب العالمية الثانية.
يذكر الكتاب أنه في السنوات التي تلت فترة الستينيات، وهي الفترة التي تحولت فيها الولايات المتحدة من دائن إلى مدين عالمي، كانت الولايات المتحدة قد بدأت مجددا في الابتعاد عن التزامها بالعولمة وتركت الاقتصاد العالمي دون تدخل مباشر منها.
يقدم الكتاب وجهات نظر قيمة في موضوع الدور العالمي اللائق الذي على الولايات المتحدة أن تلعبه على الساحة العالمية في الوقت الحاضر، على الرغم من أن الكتاب لا يتناول تداعيات التحليل التاريخي الفريد الذي يقدمه على ما يدور على الساحة العالمية من أحداث.
Title: Blessed Among Nations: How the World Made America
Author: Eric Rauchway
Publisher: Hill and Wang
ISBN-10: 0809030470
June 2007
Pages: 256