150 مليار دولار حجم السوق المتوقعة للصكوك الإسلامية
قال صندوق النقد الدولي في دراسة حديثة حول التمويل الإسلامي إن سوق الأدوات المالية الإسلامية تشهد رواجا واسعا في وقتنا الراهن بفضل الطفرة النفطية الجارية، التي أغرقت المؤسسات المالية الإسلامية بفيض وافر من السيولة وبدأت تسعى إلى توظيف رأسمالها الفائض في استثمارات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. ونظرا لفيض السيولة، تسعى هذه المؤسسات سعيا متزايدا إلى العثور على فرص لتوظيف رأسمالها الفائض في استثمارات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. وينتظر أن يصل بحجم السوق إلى أكثر من 150 مليار دولار.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
قال صندوق النقد الدولي في دراسة حديثة حول التمويل الإسلامي إن سوق الأدوات المالية الإسلامية يشهد رواجا واسعا في وقتنا الراهن بفضل الطفرة النفطية الجارية، التي أغرقت المؤسسات المالية الإسلامية بفيض وافر من السيولة وبدأت تسعى لتوظيف رأسمالها الفائض في استثمارات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. ونظرا لفيض السيولة، تسعى هذه المؤسسات سعيا متزايدا إلى العثور على فرص لتوظيف رأسمالها الفائض في استثمارات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وبالمثل، هناك إقبال متزايد من صناديق التحوط ومؤسسات الاستثمار التقليدي على الأوراق المالية الإسلامية سعيا لزيادة العائد وتنويع الاستثمارات. وأدى ذلك إلى طفرة في معاملات التوريق الإسلامي تمخضت عن زيادة إصدارات الصكوك (أي الأوراق المالية غير الربوية القائمة على المبادئ الإسلامية) بمقدار أربعة أضعاف من 7.2 مليار دولار في عام 2004 إلى 27 مليار دولار في عام 2006.
وتسلط دراسة الصندوق الضوء بشكل خاص على الصكوك الإسلامية وهو الذي بات بحسب الدراسة أكثر أشكال التوريق في التمويل الإسلامي شيوعا. وتعمل هذه الأدوات المالية على نحو شبيه بالأوراق المالية التقليدية المضمونة بأصول ولكنها مهيكلة بما يتلاءم مع مبادئ التمويل الإسلامي التي تحظر أحكامها تلقي الفوائد ودفعها وتنص على وجوب أن يكون الدخل في شكل أرباح تتحقق من عمل يتم فيه اقتسام المخاطر وليس في شكل عائد مضمون. ومن هذا المنطلق، تتطلب المبادئ الإسلامية أن يكون مستثمر الصكوك مالكا للأصل الأساسي عن طريق أحد الكيانات الاستثمارية ذات الغرض الخاص، على أن يتولى هذا الكيان تمويل المدفوعات المستحقة للمستثمرين من عائد الاستثمار المباشر في نشاط اقتصادي حقيقي يجيزه الشرع.
ورغم أن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الإسلامية أقرت 14 نوعا من الصكوك، فإن هيكل هذه الصكوك يعتمد على شكل واحد من الأشكال الثلاثة المشروعة في التمويل الإسلامي، وهي المرابحة (سندات الدين المخلَّقة، أوامر الشراء) والمشاركة، المضاربة (ترتيبات اقتسام الأرباح) والإجارة (البيع وإعادة التأجير)، أو مزيج مما سبق. وبموجب ترتيب الإجارة، يقوم مُصْدِر الأصول ببيعها لأحد الكيانات الاستثمارية ذات الغرض الخاص ثم يعيد استئجارها لمدة المشروع. وعندما يحل موعد استحقاق الصكوك، يعيد الملتزم شراء الأصل المعني. وقد أسهم قبول هذه الهياكل الاستثمارية الإسلامية إسهاما كبيرا في تطور أسواق رأس المال المحلية.
وتركزت إصدارات الصكوك في أجزاء من آسيا وفي دول مجلس التعاون الخليجي مثل الإمارات، البحرين، عمان، قطر، الكويت، والمملكة العربية السعودية. وقد تيسر تطوير سوق الصكوك في هذه البلدان بفضل الزيادة الكبيرة والمستمرة في الإصدارات القياسية السيادية (التي ازدادت بنسبة 40 في المائة في الأشهر الأولى من عام 2007 مقارنة بعام 2006 ككل). ومن حيث القيمة، ينشأ نحو نصف هذه الإصدارات في آسيا (ولا سيما ماليزيا وكذلك بروناي) والنصف الآخر في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتؤكد دراسة الصندوق أنه حدث توسع سريع أيضا في إصدارات الشركات العامة والخاصة التي ازدادت بمعدل الضعف بين 2004 و2005 من 5.7 مليار دولار إلى 11.3 مليار دولار، و2005 و2006 من 11.3 مليار إلى 24.8 مليار دولار. وأصدرت آسيا (وخاصة ماليزيا) معظم صكوك الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في عام 2004 (ما يقرب من 90 في المائة)، كما حدثت زيادة سريعة في إصدارات الصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي وأصبحت تمثل الآن ما يقرب من نصف مجموع الإصدارات المطروحة في السوق.
وكثير من إصدارات الشركات، ولا سيما الكبرى هي إصدارات شبه سيادية ومن ثم ينظر إليها على أنها مشمولة بضمان سيادي ضمني. ولذلك، فعلى الرغم من ارتباط جميع هذه الإصدارات بأصل أساسي، فقد يكون السبب الرئيسي في إقبال المستثمرين هو الطابع السيادي الذي تتسم به المخاطر. ويساعد ذلك أيضا في تفسير الإصدارات الناجحة واسعة النطاق التي طرحت في السنوات الأخيرة، ومنها إصداران في دبي بقيمة 3.5 مليار دولار في عام 2006 . وفي الوقت الراهن، يصدر أكثر من 40 في المائة من مجموع الصكوك العالمية عن أكبر خمس جهات للإصدار، منها الحكومة الماليزية وNucleus Avenue الماليزية و"نخيل للتطوير العقاري" الإماراتية.
ورغم أن الطلب الحالي قد يتضمن عنصرا دوريا ناشئا عن ارتفاع الإيرادات النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن هذا الطلب يأتي مكملا لاتجاه صعودي طويل الأجل في الطلب على الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من المؤسسات الاستثمارية الإسلامية. ونظرا لعدم استخدام التوريق التقليدي في كثير من البلدان الإسلامية، فسوف يظل إصدار الصكوك من الخيارات المفضلة لتمويل المنتجات المهيكلة في هذه الأسواق.
وإضافة إلى ذلك، بدأت صناديق التحوط ومؤسسات الاستثمار التقليدي في حيازة الصكوك إما لأغراض زيادة العائد وإما تنويع النشاط. وكان الطلب على الصكوك محدودا خارج آسيا ومجلس التعاون الخليجي، ولكن الإقبال عليها بدأ يرتفع باطراد. وكانت ولاية ساكسوني - أنهالت الألمانية أول ملتزم سيادي يصدر صكا إسلاميا في بلد غير مسلم، وقد صدر العديد من صكوك الشركات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. وبالمثل، أصدر البنك الدولي في عام 2005 أول صكوك مقومة بعملة محلية قيمتها 760 مليون رينجيت ماليزي (200 مليون دولار أمريكي).
ولا يزال المستوى الحالي لإصدار الصكوك – وفقا لدراسة الصندوق - يمثل نسبة ضئيلة من إصدار السندات التقليدية أو الأوراق المالية المضمونة بأصول في الاقتصادات الصاعدة. ولكن عددا متناميا من البلدان يفكر في دخول سوق الصكوك الإسلامية لتنويع قاعدة المستثمرين وتعميق أسواق رأس المال المحلية. وفي هذا السياق، يستقبل صندوق النقد الدولي عددا متزايدا من طلبات المشورة الفنية في إطار عمله الموسع بشأن إدارة مخاطر الالتزامات السيادية وتطوير أسواق رأس المال، وقد قدم المشورة بالفعل لعدد من البلدان الأعضاء بشأن إصدار الصكوك كبديل لأدوات التمويل الأكثر تقليدية. ومن المتوقع أن يزداد التوسع في سوق الصكوك مع ارتفاع الطلب وتوحيد معايير الأوراق المالية الإسلامية.
وطبقا لآخر التقارير عن حالة الأسواق، يُتوقع أن تصدر الحكومات والشركات صكوكا إسلامية بقيمة تتجاوز 30 مليار دولار سنويا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما ينتظر أن يصل بحجم السوق إلى أكثر من 150 مليار دولار أمريكي.
بالرغم من الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها سوق الصكوك، كأي سوق ناشئة للأوراق المالية، فلا يزال أمامها عدد من التحديات الاقتصادية والقانونية والتنظيمية، بغض النظر عن التوافق مع أحكام الشريعة. ومن هذه التحديات تبديل السمات الهيكلية المعتادة في الأوراق المالية التقليدية، مثل تعزيز الائتمان، والتي لا تجيزها التعاقدات في السياق الإسلامي؛ والغموض القانوني الناشئ عن ضرورة الالتزام بالقانون التجاري وأحكام الشريعة في هيكل المعاملات، ولا سيما في البلدان غير الإسلامية؛ والفروق التنظيمية بين الأجهزة التنظيمية في البلدان المختلفة.
وهناك جهود جارية لتيسير تنسيق المعايير والممارسات، ولا سيما جهود هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الإسلامية، والسوق المالية الإسلامية الدولية، ومجلس الخدمات المالية الإسلامية من شأنها المساعدة على تجاوز بعض آلام المخاض المصاحبة لنشأة هذه السوق.