مؤشرات استثمارية لاستمرار نمو الاقتصاد السعودي

[email protected]

تتعدد مؤشرات النمو الاقتصادي لتتضمن مؤشرات نمو الناتج المحلي الإجمالي، مؤشرات المستوى العام للأسعار، معدلات أسعار الفائدة، معدلات التوظيف ونسب البطالة، وغيرها من البيانات والمعلومات الاقتصادية الكلية والجزئية التي توجز حالة وتغيرات تغطي فترة سابقة بأرقام وبيانات تعبر عنها اعتماداً على طرق قياسية وإحصائية ورياضية. وتتفق المؤشرات والبيانات السابقة بكونها تعطي صورة للحالة الاقتصادية في فترة ماضية ليتم بناء التوقعات المستقبلية عليها لكونها من المؤشرات القيادية حيناً كأسعار وحجم إنتاج النفط للاقتصاد السعودي، أو من المؤشرات الماضية التي يصعب التنبؤ بتوجهها المستقبلي - كأسعار الفائدة، ولكن يمكن التنبؤ بتأثيراتها وتبعاتها.

وتُعد المعلومة والبيانات الاقتصادية الأساس الصلب الذي تبنى عليه توقعات جميع الوحدات الاقتصادية الكلية منها والجزئية التي تشمل الشركات، المؤسسات والأفراد نظراً لأهمية المعلومات والبيانات الدقيقة في تشكيل عملية اتخاذ مختلف القرارات الاقتصادية والاستثمارية وتحديد نجاحها وفشلها. فمثلاً، نلاحظ على مستوى المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في الاقتصاد المحلي بدء الكثير منها بالعمل دون الاعتماد على دراسات جدوى تحدد بالأرقام مستوى المنافسة، فرص النجاح، والحصة السوقية المستهدفة، كأن يفتتح أحد المواطنين مشروعاً ثم يغلق أبوابه معلقاً لافتة البيع أو التقبيل. أما على مستوى الاقتصاد الدولي، فإن بعض الدول الأقل نمواً LDCs كإفريقيا جنوب الصحراء فقد تضررت ولسنوات من غياب المعلومات والبيانات الواضحة التي تشكل عامل جذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة، على الرغم من تمتع بعضها بميزات نسبية في الموارد الطبيعية تنبهت إليها بعض الدول بإرسال وفود للبحث عن جهات الاستثمار, كما قامت الصين بالاستثمار وعقد شراكات بتسارع في إفريقيا أخيرا.

وبتناول توافر البيانات الاقتصادية الكلية والجزئية السعودية، فالحق يقال إن لدينا من البيانات كما كبيرا قد لا يغطي جميع القطاعات ومكوناتها الجزئية والكلية بالجودة والكم الذي نتطلع إليه والذي يليق باقتصاد بحجم اقتصاد المملكة، إلا أن مكانة الاقتصاد السعودي العالمية كأكبر منتج ومصدر للنفط وهو عصب الاقتصاد العالمي يجعل توافر البيانات حتمياً ولو اختلفت مصادرها. ولكبر الاهتمام بأداء الاقتصاد السعودي للمستثمر المحلي والعالمي على السواء، فإن الكثير من المنظمات الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين بجانب تنبؤات ونشرات الجهات الإعلامية الاقتصادية المتخصصة سواء الرسمية أم الخاصة كالبنوك توفر مصدراً معلوماتيا لتحركات الاقتصاد السعودي المستقبلية، علماً بأن الحال نفسها تنطبق على دول الخليج بلا استثناء ولو باختلافات بسيطة.

وبأخذ وجهة نظر قطاع الأعمال العالمي، فإن الربط المباشر الذي يأخذ مكاناً حين يتم ذكر الاقتصاد السعودي أو الاقتصاديات الخليجية الأخرى هو بين النفط والأداء الاقتصادي، حيث إن معلومات وبيانات أسعار وإنتاج النفط الذي يعتبر المؤثر الأول في الاقتصاديات الخليجية متاحة لأي مهتم في أي مكان بالعالم. فمنطقياً، يقوم المستثمر العالمي وبناء على الهياكل الاقتصادية الخليجية بالربط بين أداء السوق النفطية وتوقعات الأداء الاقتصادي الخليجي، فإذا استمرت أسعار النفط بالتراجع وتم توقع استمرار تراجعها، يقوم المستثمر العالمي بتخفيض مرتبة دول الخليج كوجهة استثمارية. أما في ظل ارتفاع أسعار النفط وتوقع استمرار ارتفاعها لمستويات مجزية للاقتصاديات الخليجية بما يدعم النمو الاقتصادي والطلب على السلع والخدمات، فإن المستثمر العالمي يركز على دول الخليج ويرتفع ترتيبها لديه كوجهات استثمارية محتملة.

لذا، فإن استمرار ارتفاع أسعار النفط ومعدلات الإنتاج منذ عام 2003 أدى إلى تراكم فوائض مالية في دول الخليج وعلى الخصوص المملكة بجانب توقع استمرار تنامي تراكم عوائد النفط في السنوات المقبلة. وأخذاً في الاعتبار الارتباط الوثيق بين عوائد النفط ومعدلات النمو الاقتصادي في الدول المعتمدة على النفط الخام ومشتقاته، فإن من المتوقع تفوق نمو الاقتصاد السعودي والخليجي على معدلات النمو العالمية وعلى الخصوص الاقتصاديات المتضررة من أزمة الرهن العقاري والانكماش الائتماني كالولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية. وحتى بفرض تراجع أسعار النفط والطلب العالمي نتيجة لتراجع الاقتصاد الأمريكي الذي دخل مرحلة الركود، إلا أن العوائد المالية المتراكمة من ارتفاع أسعار النفط في السنوات الماضية وتوجيه جزء منها لاقتصادات دول الخليج ستؤدي إلى نمو اقتصادي محلي يتجاوز تراجع أداء القطاع الخارجي ممثلاً في تصدير النفط ومشتقاته. لذلك، فالنمو الاقتصادي المرتكز على ارتفاع الإنفاق والاستثمار المحلي الخاص والحكومي في المملكة ودول الخليج متوقع بشكل كبير في المديين القصير والمتوسط.

وأخيراً، فإن استمرار نمو الاقتصاد السعودي والاقتصاديات الخليجية في المديين القريب والمتوسط قد يصعب التنبؤ به دون الاعتماد على مؤشرات ومعلومات تقريبية. وأرى أن الخبرين اللذين أوردت أحدهما صحيفة الرياض بالقسم الاقتصادي بتاريخ 21/4/2008 والمتعلق بزيارة وفد صيني للجبيل الصناعية لاستكشاف فرص الاستثمار في الصناعات البتروكيميائية والإنشاءات والتنمية بجانب الخبر الآخر الذي أوردته "الاقتصادية" بعده بيومين والمرتبط ببحث شركة إيسوزو موتورز اليابانية عن إمكانية بناء شراكة مع جهات محلية للبدء بتصنيع الشاحنات في المملكة، يدلان على أن كبار المستثمرين في الشرق الأقصى وهم الأقل تضرراً من أزمة الرهن والائتمان الحالية يرون مستقبلاً للنمو الخارجي المرتبط بنمو الاقتصاد الصيني في زيارة الجبيل الصناعية، والنمو الداخلي في المملكة كون تصنيع الشاحنات يدل على توقعات استمرار النمو الاقتصادي المحلي على المديين القريب والمتوسط.

* كاتب وباحث سعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي