مطالب بتحويل الصرافة الإسلامية إلى "شركات للأسهم الخاصة"
طالب اقتصاديون المصارف الإسلامية بالتحول إلى ما يشبه شركات الأسهم الخاصة بدلا من ممارسة نشاطها على نحو الأعمال المصرفية التقليدية. وقال رافع حنيف رئيس قسم المصرفية الإسلامية في آسيا لدى بنك سيتي جروب: "في أنموذج التمويل الإسلامي، يفترض في البنوك أن تحرك الأموال من خلال مفهوم يقوم على إدارة الصناديق". والواقع أنه يفترض في المصرفية الإسلامية أن تعمل على نحو يشبه شركات الأسهم الخاصة أكثر مما يشبه الأعمال المصرفية التقليدية. ويقول حنيف: "إن شركات الأسهم الخاصة هي مفهوم إسلامي".
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
يتعين على مؤسسات التمويل بالصرافة الإسلامية أن تقتسم المخاطر مع المقترضين، وهذا يعني أن المودعين يعاملون وكأنهم مساهمون، حيث يحصلون على حصة من الأرباح. وتشبه صفقات التمويل ترتيبات التأجير بهدف التمليك، أو خطط دفع ثمن الأشياء دون حيازتها إلا بعد تسديد كامل الثمن.
يقول خواجه محمد سلمان يونس، المدير الإداري للعمليات في ماليزيا لدى بيت التمويل الكويتي، وهو ثاني أكبر البنوك الإسلامية بعد بنك الراجحي: "هذه صناعة في سبيلها إلى أن تتحول من صناعة في سوق متخصصة لتصبح صناعة عالمية بمعنى الكلمة. وخلال السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة سترى البنوك الإسلامية وهي تنشأ في أستراليا والصين واليابان وأجزاء أخرى من العالم".
إن التدافع في سبيل التمويل الإسلامي هو في معظمه سعي للاستفادة من سيل من الأموال تقدر بنحو 1.5 تريليون دولار تجوب الشرق الأوسط، ومعظمها من أسعار النفط العالية. وفي الوقت نفسه، فإن كثيراً من المستثمرين في الشرق الأوسط تواقون للاستفادة من النمو الآسيوي الذي يخطف الأنفاس. وقال نائب وزير المالية الماليزي أوانج أديك حسين "إن مستقبل تمويل الصكوك هائل، حيث من المتوقع أن تنفق آسيا خلال السنوات الخمسة المقبلة تريليون دولار، بينما تقدر متطلبات الشرق الأوسط بـ 500 مليار دولار خلال الفترة ذاتها".
مديرو الصناديق الغربيون يعملون في دول الخليج
وفي حين أن أكبر البنوك الإسلامية هي في دول الخليج الغنية، إلا أن أكثر الأسواق جاذبية ممكنة هي في تركيا وشمال إفريقيا وبين مسلمي أوروبا. أما إندونيسيا، وهي أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان، حيث يعيش فيها أكثر من 190 مليون مسلم، فهي منجم الذهب.
وقد برزت ماليزيا، وهي أمة معظمها من المسلمين ولديها حكومة علمانية واقتصاد سريع النمو مدفوع بالتصدير، برزت باعتبارها مركزاً لتطور صناعة المصرفية الإسلامية. يقول خالد بهيميا، مدير عام بنك هونج ليونج الإسلامي: "بدأ المستثمرون الخليجيون يفدون إلى كوالالمبور بأعداد كبيرة وسيكون هناك استثمار حين يكون لدينا شيء يستثمرون فيه - والآن يوجد لدينا ذلك".
وقال رئيس بنك معاملات ماليزيا، إسماعيل شاه الدين: "في الماضي، كان التوجه الاستثماري للصناديق الخليجية مدفوعاً بمديري الصناديق الذين توجد قواعدهم في الولايات المتحدة، وسنغافورة، وهونج كونج".
وأضاف:"أما اليوم، فإن مديري الصناديق الغربيين يعملون في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وأصبح المستثمرون يولون أهمية أكبر للمكان الذي تذهب إليه أموالهم".
الرومان وتحريم الربا
ولدى وجهة النظر الإسلامية لتحريم الربا تراث ديني وتاريخي عريق. ففي الإنجيل, لُعِن بصورة متكررة المتعاملون بالربا الذين كانوا يفرضون نسباً عالية عند إقراضهم الأموال. وقد أدان الربا الفيلسوف اليوناني أرسطو، وقيده الرومان، ومنعته الكنيسة المسيحية في عهدها المبكر.
وفي نهاية الأمر ميز الفلاسفة الغربيون بين الفائدة وبين الربا، وأدخل من جديد بين المسيحيين والمسلمبن إبان عصر النهضة الثقافية الأوروبية.
قناة السويس والصرافة
ولكن حين استغل البريطانيون دين مصر الخارجي المتصاعد في عام 1875 لشراء حصة مصر في قناة السويس واحتلال مصر، عمل ذلك على توليد رد فعل غاضب ضد المصرفية التقليدية في العالم الإسلامي. وهكذا أصبح الاعتقاد أن جميع الفوائد على القروض هي نوع من الظلم، السائد الآن في المصرفية الإسلامية.
وقال رشيد محمد المعراج، محافظ مصرف البحرين المركزي: "الأمر يتعلق باحترام مصالح الأطراف المختلفة، وتجنب استغلال أي موقف لأي طرف مقابل، والتعامل بمقتضى العدل والإنصاف".
إن القرآن لا ينظر بعين الرضا إلى كنز الأموال، وبالتالي فإن المدخرات لا تحقق أية عوائد إلا إذا استخدمت على نحو منتج. ويقول المعراج: "ينبغي أن تستخدَم الأموال لخلق قدر أكبر من القيمة في البلد أو الاقتصاد. فالمال لا يولد المال".
شركات الأسهم الخاصة
من جانب آخر لا تستطيع المصارف الإسلامية تداول الأموال. يقول رافع حنيف، رئيس قسم المصرفية الإسلامية في آسيا لدى بنك سيتي جروب: "في أنموذج التمويل الإسلامي، يفترض في البنوك أن تحرك الأموال من خلال مفهوم يقوم على إدارة الصناديق". والواقع أنه يفترض في المصرفية الإسلامية أن تعمل على نحو يشبه شركات الأسهم الخاصة أكثر مما يشبه الأعمال المصرفية التقليدية. ويقول حنيف: "إن شركات الأسهم الخاصة هي مفهوم إسلامي".
يقول أنصار صناعة المصرفية الإسلامية إن هذا المتطلب الذي يقضي باقتسام المخاطر يساعد على تقليص أنواع الاستغلال التي أدت إلى وقوع الفوضى التي أحاطت بالقروض السكنية لضعيفي الملاءة. ويعد الفقهاء أن من الأمور المناقضة للشريعة إرهاق كاهل الزبون بالديون أو استثمار الأموال في شركة عليها ديون مفرطة.
ولكن هذا النهج ينطوي على مشكلات كامنة. فبما أن التعاملات المالية الإسلامية يجب أن تقوم على أساس من الموجودات، فإن العاملين في المصرفية الإسلامية يغلب عليهم أن يكون لديهم الالتزام بمخاطر عالية في مشاريع العقارات والإنشاءات. وإن التحوط من هذه المخاطر أمر صعب. ورغم أنه توجد مشتقات إسلامية، إلا أن الفقهاء مختلفون حول ما إذا كانت جائزة شرعاً.
تقول زيتي أختر عزيز، محافظة البنك المركزي الماليزي: "هناك قبول عام أن المخاطر في حاجة إلى أن تدار، وبالتالي، فإن هناك حاجة إلى تطوير شكل معين من الأدوات المالية لهذا الغرض.. ولكن في التمويل الإسلامي لا تستطيع أن تكون لديك أوراق مالية من هذا القبيل. ونحن في حاجة إلى أن نكون قادرين على النظر في بعض القضايا التي تدور حول هذا الموضوع".