الطاقة تبقي على العلاقة بين روسيا ودول البلطيق بعد 17 عاما من الانسلاخ
بعد مرور 17 عاما على الانسلاخ عن الإمبراطورية الروسية، ما زالت العلاقات بين الدول البطليقية الثلاث وروسيا معقدة.
وسيظل لاعتماد المنطقة على روسيا للحصول علي الطاقة والمصالح الاقتصادية في دول البلطيق والتاريخ المعقد للاحتلال السوفياتى الذي استمر 50 عاما تأثير كبير في العلاقات الثنائية بين استونيا ولاتفيا ولتوانيا من جهة وعلاقاتها مع روسيا من جهة أخرى.
ومن بين الدول الثلاث الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، انتهجت لاتفيا نهجا براجماتيا في علاقاتها مع روسيا. وشهدت الـ 12 شهرا الماضية تحرك لاتفيا بصورة أقرب صوب روسيا بينما ابتعدت عنها استونيا ولتوانيا لمسافة أكبر.
وفى العام الحالي، تفاوضت لاتفيا بشأن اتفاق لإبرام معاهدة بشأن الحدود مع روسيا مما جعل الحدود اللاتفية الروسية حدودا رسمية للمرة الأولى منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991.
وطالب القوميون اللاتفيون روسيا بأن تعيد منطقة أبرين (بيتالوفو) التي تبلغ مساحتها 4.300 كيلومتر مربع والتي كان قد تم التنازل عنها لروسيا في عام 1944 في الوقت الذي كانت فيه الدولتان جزءا من الاتحاد السوفياتي. وتنهي اتفاقية الحدود الموقعة والمصدق عليها ذلك النقاش.
وطالبت لتوانيا روسيا بتعويضها عن الاحتلال السوفياتي الذي دام 50 عاما والذي انتهى في عام 1991 فيما توترت علاقات استونيا مع روسيا بعد قرار حكومي بنقل نصب من العصر السوفياتي إلى مكان آخر في شهر نيسان (أبريل) الماضي.
ومن بين الدول البطليقية الثلاث، تعارض لاتفيا فقط خطة المفوضية الأوروبية بتحرير قطاع الطاقة في الاتحاد الأوروبي البالغ عدد الدول الأعضاء فيه 27 دولة.
وأثارت هذه الخطوة، التي كانت تهدف إلى فصل أنشطة نقل الطاقة عن مؤسسات إنتاج المواد ذات المنفعة العامة، غضب شركة جازبروم الروسية العملاقة التي لها حصة في شركات الغاز في الدول البطليقية الثلاث.
وصرح أرتيس بابريكس وزير خارجية لاتفيا السابق في مقابلة حديثة، أن مصالح اقتصادية معينة تلعب دورا مهما في علاقات لاتفيا مع روسيا.
وقال إن هذا هو السبب وراء الحذر الذي أبدته لاتفيا في انتقاد الانتخابات البرلمانية الروسية - التي يعدها المراقبون الدوليون على نطاق واسع أنها غير نزيهة وغير ديمقراطية - التي فاز فيها حزب بوتين بأغلبية المقاعد الشهر الحالي في روسيا خشية أن تفسر
روسيا تلك الخطوة على أنها إيماءة غير ودية".
ومن الناحية الاقتصادية، يشك البلطيقيون بصفة عامة في الهيمنة الاقتصادية الروسية في سوقهم لأنهم يرون أن روسيا تستخدم قوتها الاقتصادية لدفع أهدافها السياسية مثلما فعلت في الدولة السوفياتية السابقة أوكرانيا . وعندما قررت استونيا أن تنقل نصبا للحرب العالمية الثانية ومقابر الجنود السوفيات من وسط العاصمة إلى مقابر عسكرية، فجر ذلك القرار أعمال شغب بين السكان المحليين الناطقين باللغة الروسية في تالين.
وعلى الرغم من أنه لم يعقب أعمال الشغب أية مقاطعة رسمية للبضائع الأستونية، إلا أن حركة البضائع والأشخاص من روسيا أصبحت بطيئة بشكل كبير في الأشهر التالية.
وذكرت الحكومة الأستونية أن 53 في المائة من البضائع الروسية التي كانت تمر عبر موانئ استونيا يتم شحنها الآن عبر موانئ روسية.
وتأثرت مصفاة تكرير مازيكيو، المتصلة بخط أنابيب دروزبا الرئيسي، في لتوانيا ومحطة النفط فينتسبيلز في لاتفيا في العام الماضي عندما أغلقت روسيا خط الأنابيب الفرعي. .ويقول خبراء الطاقة إن من غير المحتمل أن تعيد روسيا فتح خط الأنابيب.
ولم تثمر بعد محاولات الدول البطليقية لوقف الاعتماد على روسيا في مجال
الطاقة. وتعتزم لتوانيا تشييد محطة أجنالينا الجديدة للطاقة النووية وربط شبكة الكهرباء اللتوانية ببقية الاتحاد الأوروبي عبر بولندا وإطلاق الجهد الرامي إلى التنقيب عن النفط في البحر الأسود متجاوزة بذلك روسيا.
ووقعت أوكرانيا، لتوانيا، بولندا، جورجيا وأذربيجان في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على اتفاق لإقامة خطة أنابيب أوديسيا - برودي - لولك جدانسك الذي يربط الدول المطلة على البحر الأسود بمنطقة بحر البلطيق في محاولة للحد من اعتماد المنطقة على مصادر الطاقة الروسية.
ولكن لتوانيا وبولندا لم توقع بعد على اتفاق بشأن إقامة جسر جديد للطاقة يربط الدولة البلطيقية ببقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ولم توقع الدول البلطيقية الثلاث وبولندا على اتفاق بشان إقامة محطة أجنالينا الجديدة بعدما يتم إغلاق المحطة الحالية في عام 2009 كجزء من اتفاق لتوانيا مع الاتحاد الأوروبي مما يعرض المنطقة لنقص في إمدادات الكهرباء.
وتناقش لاتفيا ما إذا كان سيتم تشغيل محطتها الجديدة الخاصة بالطاقة بالفحم أو الغاز. وذكرت وسائل الإعلام اللاتفية أن إقامة المحطة لتعمل بالغاز سيعنى أن روسيا ستسيطر على 69 في المائة من سوق الطاقة في الدولة الصغيرة.
وستظل الطاقة تسيطر على العلاقات الروسية البلطيقية في العام المقبل وبصفة خاصة بعدما وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميا على ترشيح دمتري ميدفيديف الذي يرأس مجلس إدارة شركة جازبروم في الانتخابات الرئاسية الروسية في شهر آذار(مارس) المقبل.