الإقراض بالمزايدة .. خطة جديدة للبنوك المركزية لمعالجة أزمة الرهن العقاري
في إطار السعي لدعم الوضع المتردي لأسواق الائتمان في الولايات المتحدة الأمريكية وفي العالم، قدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، إضافة إلى بعض البنوك المركزية الأخرى البنك المركزي السويسري والبنك المركزي الكندي خلال الأسبوع الماضي خطة جديدة لتوفير السيولة للبنوك ولكن بطريقة أخرى غير تقليدية. فبدلاً من توفير السيولة من خلال القروض التي تقدمها البنوك المركزية عادة وبسعر الخصم المعلن عنه، ستقوم البنوك المركزية بتقديم القروض بطريقة المزايدة بين البنوك وبسعر خصم يتوقع أن يزيد على سعر الفائدة المستهدف الذي تقترض به البنوك من بعضها بعضا وأقل من سعر الخصم الذي يقرض به البنك المركزي البنوك في حالة حاجتها إلى السيولة. ولكن لماذا تعمد البنوك المركزية لتقديم هذه القروض بهذه الطريقة ما دامت تقدمها بشكل عادي من خلال نافذة الخصم الخاصة بها؟
الهدف من هذا الإجراء أولاً وأخيراً هو دعم الوضع المتردي لأسواق الائتمان، بحيث إن البنوك المركزية ترسل بذلك إشارة إلى المقرضين والمقترضين بأنها ستوفر السيولة التي ستحتاج إليها السوق وبأي كمية عن طريق المزايدة. ومعنى ذلك أن البنوك التي تجد صعوبة في الحصول على قروض لتغطية أوضاع احتياطياتها النظامية بشكل يومي، بسبب تردي وضعها الائتماني نتيجة خسائر سوق الرهن العقاري، ستتوافر لها نافذة أخرى للاقتراض، ما سيخفف من قلق المستثمرين بشأن البنوك والمنشآت المالية التي واجهت خسائر في مجال الرهن العقاري. إضافة إلى ذلك تشترط البنوك المركزية على البنوك تقديم ضمانات تتمثل في أصول مالية للحصول على هذه القروض، ومن ضمن الأصول المقبولة كضمانات السندات المدعومة بقروض الرهن العقاري. وبذلك فإن البنوك المركزية وبطريقة غير مباشرة تقدم دعماً لهذا النوع من السندات، الذي يعاني بشكل كبير من ضعف السيولة فيه. أمر آخر تهدف إليه البنوك المركزية المشاركة في هذه العملية هو تخفيض تكلفة الإقراض قصير الأجل بتوفير عرض غير محدود من النقد القابل للإقراض.
وكان البنك المركزي الأوروبي قد قام بتخصيص ما قيمته 500 مليار دولار لإقراضها من خلال المزاد خلال الفترة المقبلة في حين خصص الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ما قيمته 20 مليار دولار لتعزيز الثقة في قطاع الائتمان. وقد قام البنك المركزي الأوروبي بإقراض 30 مليار دولار أمريكي ولمدة 35 يوماً وبسعر فائدة قدره 4.67 في المائة في ثاني مزاد خلال الأسبوع الماضي، كما تمت جدولة أربعة مزادات لـ "الفيدرالي" خلال كانون الثاني (يناير) 2008. وعلاوة على ذلك ستقوم البنوك المركزية لكل من سويسرا، كندا، وبريطانيا بعمل مزادات مماثلة خلال نهاية كانون الأول (ديسمبر) وبداية كانون الثاني (يناير) 2008، وذلك في مسعى لدعم مستويات السيولة في أسواق الائتمان العالمية. ومع ذلك فهناك الكثير من الجدل حول جدوى إجراءات الإقراض تلك Term Auction Facility في تعزيز الثقة أسواق الائتمان. فعلى الرغم من أن القروض التي قدمت أدت إلى تخفيض تكلفة الاقتراض، إلا أنها لن تؤدي بالضرورة إلى نتائج سريعة من حيث تشجيع البنوك على منح المزيد من الائتمان لأن البنوك كغيرهما من المستثمرين تزداد تمسكاً بالنقد عندما يعتقدون، بسبب أزمة ما، أنهم سيحتاجون إليه قريباً، خصوصاً عندما تتناقص قيمة سندات الرهن العقاري التي يملكونها حالياً.
وفيما يتعلق بالمقترح الذي رعاه وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون لتكوين صندوق ضخمSuperSIV لشراء الشركات المصدرة لسندات الرهن العقاري التي يطلق عليها شركات الاستثمار المهيكل الذي تبناه كل من "سيتي بانك" وبنك أوف أمريكا و"جي بي مورقان آند شيز"، فقد أبدت هذه البنوك عدم حاجتها له في الوقت الحالي. وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد رعت اتفاقاً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لتأسيس صندوق ضخم SuperSIV بقيمة 80 مليار دولار لشراء شركات الاستثمار المهيكل SIV’s التي ترعى تأسيسها البنوك دون الدخول المباشر في ملكيتها لتقوم تلك الأخيرة بشراء سندات الرهن العقاري التي تصدرها تلك البنوك ثم تقوم ببيعها في شكل محافظ تشمل سندات ذات تصنيفات ائتمانية متنوعة ثم بيعها للمستثمرين مرة أخرى. والفائدة التي تجنيها البنوك من هذه العملية أنه بسبب عملية التنويع Diversification، تستطيع البنوك بيعها على أنها سندات ذات تصنيف ائتماني مرتفع ومن ثم تحصل على عائد مرتفع مقارنة بما لو تم بيعها على أنها سندات ذات تصنيف ائتماني منخفض. وكان السبب الذي أدى إلى إلغاء فكرة SuperSIV هو قيام HSBC Holding PLC وشركة تأمين السندات MBIA وشركات أخرى تدير شركات الاستثمار المهيكل SIV’s على إجراء تدابير خاصة بهم لتجنب بيع أصولهم المتمثلة في معظمها في سندات الرهن العقاري.