لماذا تغيرت استراتيجية "دار الأركان"؟
كنت قد ذكرت في مقال سابق أن شركة دار الأركان تعتمد في استراتيجيتها على تطوير الأراضي والمشاريع السكنية خلال فترة زمنية قصيرة (لا تزيد في الغالب على سنة واحدة)، وهي استراتيجية تختلف اختلافا يكاد يكون جذريا عن معظم الشركات العقارية الأخرى المدرجة في سوق الأسهم السعودية، التي تعتمد على الإيجارات كمصدر أساسي للدخل.
هذه الاستراتيجية ساعدت الشركة على النمو بشكل سريع خلال السنوات الأخيرة نتيجة قيام الشركة برفع رأس المال أربع مرات، من خلال دخول شركاء جدد قاموا بضخ سيولة جديدة في الشركة، إضافة إلى الطفرة الكبيرة التي شهدها قطاع التطوير العقاري في المملكة خلال تلك السنوات، حيث تتركز نسبة لا تقل في المتوسط عن 95 في المائة من إجمالي أصول الشركة في أصول متداولة قصيرة الأجل تتكون بشكل رئيس من أراض مطورة ومشاريع تحت التنفيذ يتم بيع هذه الأراضي والمشاريع خلال أقل من عام.
بالنظر إلى القوائم المالية السنوية لعام 2007م، نلحظ تغيراً جوهرياً في استراتيجية الشركة، حيث إن الأصول المتداولة أصبحت تمثل نسبة لا تزيد على 40 في المائة من إجمالي الأصول نتيجة قيام الشركة بتحويل أراض مطورة ومشاريع تحت التنفيذ بقيمة 10.7 مليار ريال (تعادل نسبة 59 في المائة من إجمالي الأصول) من أصول متداولة قصيرة الأجل إلى أصول ثابتة طويلة الأجل، ما يدل على تأجيل إمكانية بيع هذه الأراضي والمشاريع لأكثر من عام، ما قد يؤثر في نمو الإيرادات في 2008م، وهو بلا شك تغير جوهري في استراتيجية الشركة نضع عليه أكثر من علامة استفهام.
من جانب آخر، نجد أن الاستراتيجية السابقة كانت تعتمد على وجود تدفقات نقدية سالبة من الأنشطة التشغيلية بسبب توجيه جزء كبير من التدفقات النقدية الموجبة لتمويل الأراضي المطورة والمشاريع تحت التنفيذ (تدوير سريع للأصول قصيرة الأجل)، ما مكن الشركة من تحقيق معدلات نمو عالية للإيرادات، لكننا الآن نرى تغيراً أيضا في هذه الاستراتيجية، حيث أصبحت هذه التدفقات النقدية موجبة وبأرقام كبيرة، مع الاحتفاظ بأرصدة نقدية فائضة عن حاجة الشركة تقدر بأكثر من 1.6 مليار ريال، لا هي استثمرتها في نشاطاتها الرئيسة لتحقيق عائد جيد للمساهمين، ولا هي أطفأت بها جزءا من المديونية التي تجاوزت حالياً مستوى ستة مليارات ريال.
لا شك أن شركة دار الأركان من الشركات الجيدة والواعدة في قطاع التطوير العقاري في المملكة، إلا أنه في ظل هذا التغيير الجذري لاستراتيجيات العمل يجعلنا نتساءل: لماذا تغيرت هذه الاستراتيجيات؟ ولماذا الآن؟ وكيف ستتمكن الشركة خلال 2008م من تحقيق نمو في إيراداتها بما يخدم مصالح مساهميها؟