"أوبك" توازن بين الحفاظ على السعر وتطمين المستهلكين
قرار منظمة الأقطار المصدرة للنفط “أوبك” في نهاية الأسبوع الأول من هذا الشهر في أبو ظبي بعدم زيادة الإنتاج يبدو أنه سعي إلى المواءمة بين اتجاهين: عدم زيادة الإنتاج على أساس أن السوق تبدو متوازنة في مجالي العرض والطلب، بدليل أنه رغم تراجع المخزونات التجارية لدى المستهلكين بنحو 50 مليون برميل منذ فصل الصيف، إلا أن الموجود يظل أعلى من معدل السنوات الخمس الماضية، لكن في الوقت ذاته البناء على الزيادة في الإمدادات من قبل الدول المنتجة التي شهدها تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وذلك لتطمين المستهلكين بقيادة الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة التي تكرر طلبها لـ "أوبك" ضخ المزيد من الإمدادات، وفي الوقت ذاته إبقاء سعر برميل النفط مرتفعا.
ولهذا يبدو وكأن الاجتماع قرر اتباع أسلوب يجعل السوق مشدودة من ناحية نسبة لعدم ضخ إمدادات جديدة، وانتظارا لتدفق معلومات خاصة فيما يخص الطلب ومدى التباطؤ الذي سيلحق بالاقتصاد العالمي والأمريكي تحديدا.
وفي تقدير لشركة سوسيتي جنرال مثلا، فإن حجم الطلب على نفط "أوبك"، التي صارت تسيطر على قرابة 50 في المائة من السوق بعد انضمام كل من أنجولا والإكوادور وتخصيص سقف إنتاجي لهما، سيزيد قليلا عن 32 مليون برميل يوميا، لكنه قد يتراجع إلى 30.7 مليون في الربع الثاني من العام المقبل وإلى 30.9 مليون خلال الربع الثالث من 2008، رغم أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يحتفظ بمعدل نمو عال يتجاوز 4 في المائة.
المركز الدولي لدراسات الطاقة الذي أسسه وزير النفط السعودي الأسبق أحمد زكي يماني في لندن لديه توقعات أقل، إذ يجعل الطلب المتوقع على نفط "أوبك" في المتوسط خلال العام المقبل في حدود 30.9 مليون برميل يوميا (انظر الجدول). وعطفا على توقعات كل من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والتقرير الشهري لـ "أوبك" التي تنتظر تراجعا في النمو على الطلب وزيادة في الإمدادات.
من ناحية أخرى، فإن قرار "أوبك" القاضي بعدم زيادة الإنتاج يعود بصورة ما إلى النمو في حجم الإمدادات من الدول الأعضاء إلى السوق، وهو ما يظهر في الأرقام الخاصة بشهر تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي، حيث تشير الأرقام المتاحة من مختلف مصادر الصناعة إلى أن إنتاج وصادرات "أوبك" شهدت زيادة في ذلك الشهر، وبلغ حجم الإمدادات 31.58 مليون برميل يوميا، بزيادة 880 ألفا، وهو ما انعكس في التقارير الخاصة بحركة الناقلات التي وصلت إلى أعلى معدل لها هذا الشهر خلال العام الحالي كله، ويعود ذلك بصورة أساسية إلى النمو في حجم الصادرات الإيرانية بنحو 560 ألف برميل لتصل إلى 2.93 مليون، كما يقدر أن العراق زاد من حجم صادراته 140 ألفا، والسعودية كذلك نحو 100 ألف، وكل ذلك فيما يبدو في إطار الاستعداد لضخ كميات أكبر الشهر الماضي، وفي إطار تنفيذ قرار "أوبك" ضخ نصف مليون برميل يوميا إضافية إلى السوق. الوضع الذي يمكن أن يعطي بعض التأثير هو الإمدادات من الإمارات، التي تقوم بعض الحقول فيها بإجراء عمليات صيانة دورية.
ومن جانب آخر، فإن قرار المنظمة تخصيص حصتين للعضوين الجديدين أنجولا والإكوادور يلفت النظر من ناحية النجاح في التوصل إلى قرار في هذا الجانب الذي يعتبر نقاشا مثار جدل في العادة ولا يتم التوصل إلى قرار بشأنه بسهولة في العادة، خاصة وكل من الدولتين لديها خطط طموحة لرفع الإنتاج بمعاونة شركات أجنبية. ثم إن الحصة التي خصصت للدولتين تزيد عما يمكنهما إنتاجه فعلا. فأنجولا مثلا خصص لها 1.9 مليون برميل يوميا، علما أن إنتاجها الحالي لا يتجاوز 1.7 مليون، بينما خصص للإكوادور 520 ألفا، علما أن إنتاجها لا يصل إلى نصف مليون برميل في الوقت الحالي، ولهذا تبدو المنظمة وكأنها وضعت هامشا يزيد على 200 ألف برميل يوميا، الأمر الذي يعطي الفرصة إلى زيادة في الإنتاج ودون تعديل للسقف المتفق عليه.