تحليل: نظام التمويل الإسلامي يحمي العالم من الأزمات الائتمانية
أكد تحليل مالي أن نظام التمويل الإسلامي يملك القدرة على حماية الاقتصاد العالمي من الأزمات الائتمانية. ويقول جيم دانيال في تحليل تنشره "الاقتصادية" اليوم, إن اتفاقية التمويل الإسلامي تقضي بأن يقوم البنك بشراء سلعة ما من البائع في السوق ويعيد بيعها بربح للمشتري، وفي الوقت نفسه يمكن المشتري من سداد البنك على أقساط مقابل الإيجار أو أسهم الملكية.
ولكي يحمي البنك نفسه من احتمال عدم السداد، يطلب البنك تقديم ضمانة أكيدة، ويتم تسجيل البضاعة أو الأرض باسم المشتري منذ بداية العملية. وزيادة على ذلك، يجب أن يتأكد المشتري أن مصدر الأموال التي استخدمها البنك لشراء العقار خال من الربا. ويذهب المحلل إلى القول إن البنوك الإسلامية تجنبت الربا عبر التأكد من أن تلك الصفقات التي تبرمها تكون مدعومة بموجودات أو أصول ملموسة بدلاً من الموجودات غير الملموسة كالدين, "وهي أيضا ضمنت أن جميع الرهنيات كانت مدعومة بموجودات ملموسة بدلاً من الائتمان الرخيص".
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
لنفترض للحظة أن جميع الرهنيات غير ذات الملاءة التي تخلفت عن السداد في الولايات المتحدة لم تكن قائمة على الائتمان الرخيص وأنها كانت بدلاً من ذلك مربوطة بموجودات حقيقية. صحيح أنه في هذه الحال، لن يكون هناك هذا الكم من الرهنيات التي يتم شطبها، ولكن في المقابل، لن يكون لدى البنوك الكثير من الموجودات التي تخفض قيمتها.
بطبيعة الحال، ليس هذا ما حدث، ولكن ربما كان الوقت مناسباً لإلقاء نظرة على الخطوط الإرشادية القديمة الخاصة بالتمويل الأخلاقي. ورغم أن هذه الفكرة ليست غريبة عن الفكر الإسلامي، إلا أنه يعتقد أنها ولدت من جديد في الأعوام الأخيرة.
وغني عن القول أن هذا النظام مختلف كثيراً عن التمويل الحديث الذي تعد الفائدة فيه واحدة من الطرق الرئيسة التي تجني بها البنوك الأموال عبر المنتجات التي تقدمها كالرهون والقروض الشخصية. أما نظام التمويل الإسلامي فيؤكد على اشتراك الأطراف في الربح والخسارة.
يشار إلى أن الديانة المسيحية واليهودية درجتا من الناحية التاريخية على تحريم الفائدة، ولكن قليلاً ما يتم الالتزام بذلك. وحتى أرسطو كان يشعر أن جني المال من المال هو إثراء "غير طبيعي" واعتبرها توما الأكويني تقاضي مبالغ مضاعفة.
وعلى شاكلة أرسطو، فإن الشريعة الإسلامية تعد الفائدة غير أخلاقية لأنها نوع لا أساس له من أنواع الإثراء، وتوجد اقتصاداً افتراضياً مقابل الاقتصاد الحقيقي. ويمكن القول ببساطة إن الفائدة تولد المال من المال وهي اتجار في المديونية بدلاً من المتاجرة في الأصول الملموسة الحقيقية.
السوق الوهمية
ووفقاً لما يقول كمال ميان، المدير المساعد لفرع التمويل الإسلامي في بنك أتش إس بي سي، فرع أمانة، كانت سوق المشتقات المالية العالمية في عام 1996 تقدر بمبلغ 64 تريليون جنيه استرليني . هذا، في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي لكل دول العالم مجتمعة نحو 30 تريليون جنيه.
وهذا يعني أن 34 تريليون جنيه من الاقتصاد المالي كانت تتعلق بموجودات افتراضية غير ملموسة هي الائتمان – وبشكل خاص أموال موجودة فقط لأن شخصاً ما أعلن أنها سوف تكون موجودة في المستقبل.
إن هذا يخلق مشكلة اقتصادية تؤدي إلى حدوث فقاعات وإلى انهيار الأسواق : مع زيادة الفائدة تهبط تكلفة الأصل بسبب انخفاض الطلب على الائتمان، وإذا انخفض الطلب، يجب أن ينخفض العرض أيضاً، وإذا انخفض العرض، يجب أن تنخفض الإنتاجية كذلك، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تفشي البطالة وإلى حدوث مشكلات عمالية.
البديل الإسلامي
لذلك، فإن الكيفية التي يمكن بها معالجة المخاوف الأخلاقية في اقتصاد مالي تعتمد بشكل كبير على المنتجات التي تتحمل الفائدة . ففي اتفاقية رهن إسلامية، بدلاً من إقراض المشتري أموالاً لشراء شيء ما، يقوم البنك بشراء هذا الشيء من البائع في السوق ويعيد بيعه بربح للمشتري، وفي الوقت نفسه يمكن المشتري من سداد البنك على أقساط مقابل الإيجار أو أسهم الملكية. ولكي يحمي البنك نفسه من احتمال عدم السداد، يطلب البنك تقديم ضمانة أكيدة، ويتم تسجيل البضاعة أو الأرض باسم المشتري منذ بداية العملية. وزيادة على ذلك، يجب أن يتأكد المشتري أن مصدر الأموال التي استخدمها البنك لشراء العقار خال من الربا.
الأزمة التي لم تكن لتحدث
إذن، تتجنب البنوك الإسلامية الربا عبر التأكد من أن تلك الصفقات التي تبرمها تكون مدعومة بموجودات أو أصول ملموسة بدلاً من الموجودات غير الملموسة كالدين. والآن لنتخيل مرة أخرى أن جميع الرهنيات غير ذات الملاءة والتي أصبحت ميتة الآن كانت مدعومة بموجودات ملموسة بدلاً من الائتمان الرخيص. عندها سيكون الناس أقل رغبة في أخذ رهن لن يكونوا قادرين على سداده لو كان يتعين عليهم دعمه بضمانة حقيقية. فهل يمكن بفضل ذلك تجنب الفوضى التي تعم أسواق المال الآن؟
من الصعب البت في ذلك. وبطبيعة الحال، لا نستطيع الإدعاء بأن هذا هو البلسم الشافي لجميع الأمراض، وأن من غير الواقعي إلغاء الفائدة، ولكن من المؤكد أنه يجدر بنا أن نعيد التفكير في النتائج الأخلاقية والاقتصادية المترتبة على الفائدة. ومن ناحية أخرى، فإن الجانب السلبي لعدم التمكن من الحصول على الائتمان هو أنه يمكن أن يجعل النمو أكثر صعوبة وينطوي على إمكانية مفاقمة الوضع فيما يتعلق بعدم تساوي المداخيل. إذن، ماذا يمكن أن يحدث إذا لم يكن لدى الشخص ما يقدمه للبنك كضمانة في المقام الأول ؟
في ضوء استمرار أزمة الائتمان وما نتج عنها من نقص على هذا الصعيد، فإن المنتج المالي الذي لا يتضمن عنصر الائتمان سيكون مغرياً للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء.