سعوديات يؤيدن طلب الخلع من الأزواج لأسباب مختلفة
أخذت قضايا الخلع في المجتمع السعودي في التزايد وفقا لإحصائيات تصدرها بين الحين والآخر وزارة العدل, وتختلف أسباب طلب الخلع بين النساء السعوديات, ففي الوقت الذي ترجع فيه فاطمة عبد الله الأسباب إلى العنف الأسري الذي يرتكبه بعض الأزواج ضد زوجاتهم مستدلة بما حدث لها مع زوجها السابق الذي تحقق لها طلب الخلع قبل فترة وجيزة، في حين ترى أم البراء أنها ما زالت تبحث عن الخلع من زوجها لسوء عشرته الزوجية وممارسته الضرب المبرح لها ما جعله تبتعد عن عش الزوجية منذ أكثر من سبع سنوات حتى الآن، والدعوى بينها في المحاكم ما زالت قائمة, وشخصيا أرى أن من حق أي زوجة طلب الخلع من زوجها إذا كانت كارهة له أو يستخدم معها العنف والضرب المبرح. وترى ف محمد الحمد أنها سعدت بتحقق الخلع من زوجها لأنها تكرهه ولا تطيق البقاء معه منذ اقترنت به وحصل لها ذلك بعد أن دفعت له مقابلا لذلك, وأؤيد أي زوجة تسعى للأمر ذاته دون ظلم لزوجها.
بذل المرأة المال
وحول هذه القضية المثيرة للجدل التي اختلفت الآراء حولها يؤكد فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو الإفتاء سابقا, أن الخلع هو بذل المرأة لزوجها مالا أو منفعة حتى تتخلص من الزوجية، فإذا وافق الزوج ودفع المال أو تنازلت عن نفقة الأولاد أو عن بقية المهر المؤخر صح الخلع، وفي هذه الحال له أن يشترط تغيير اسم الابن عند الخلع، فإن لم توافق امتنع عن الخلع، وله حقٌ في إثبات الاسم الذي يختاره في دفتر عائلته، ولا يستطيعون أن يعترضوا عليه. والله أعلم.
وأضاف فضيلته أن الخلع يعد بينونة صغرى لا يقدر على رجعتها، ولا عدة لها، وإنما عليها الاستبراء بحيضة إذا كانت تحيض أو شهر إذا كانت آيسة أو بوضع الحمل إن كانت حاملا، ولا يحل له أن يتزوج حتى تستبرأ المخالعة، فإن تزوج قبل استبراء المخالعة لم يصح زواجه، ولم ترث الرابعة، فإن حاضت قبل زواجه بالرابعة صح زواجه، وحدت عليه الرابعة وورثت, وأما المختلعة فلا إحداد عليها ولا ميراث لها.
5 أعذار مبيحة للخلع
وفي السياق ذاته يضيف الشيخ الجبرين أن هناك خمسة أعذار مبيحة للخلع:
أولها إذا كرهت المرأة شيئا كاتصافه بالشدة والحدة وسرعة التأثر وكثرة الغضب والانتقاد لأدنى فعل والعتاب على أدنى نقص فلها الخلع.
ثانيا: إذا كرهت خلقه كعيب فيه أو دمامة أو نقص في حواسه فلها الخلع.
ثالثا: إذا كان ناقص الدين بترك الصلاة أو التهاون في الجماعة أو الفطر في رمضان دون عذر أو فعل المحرمات كالزنا والسكر والسماع للأغاني والملاهي ونحوها فلها طلب الخلع.
رابعا: إذا منعها حقها من النفقة أو الكسوة أو الحاجات الضرورية وهو قادر على ذلك فلها طلب الخلع.
خامسا: إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها إما لعنة فيه أو زهد فيها أو صدود إلى غيرها أو لم يعدل في المبيت فلها طلب الخلع.
أحقية المرأة في طلب الخلع
ويرى فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء أنه لا يجوز أن تطلب المرأة الخلع إلا لغرض لقوله صلى الله عليه وسلم لامرأة ثابت بن قيس وقد قالت له عن زوجها «أني لا أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر بعد الإسلام» فقال لها «أتردين عليه حديقته قالت: نعم فقال رسول الله لزوجها «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» وإذا أراد الزوج العودة لها وهي موافقة فيكون بزواج جديد وعقد جديد, وبعض أهل العلم يرى أنه يقع طلقة واحدة ولكنه لا يعد طلاقا ولكن عليه في الأمر نفسه أن يطلقها عند الخلع. وبالنسبة لزواج الرجل من أخرى فهذا من حقه ولكن لا يترتب على ذلك عدم أحقية المرأة في طلب الخلع إذا كانت كارهة له ولا ترغب في العيش معه لأن من يرغمها على ذلك يكون مخالفا لشرع الله الذي يعطيها الحق في الخلع في الوقت الذي تحتاج فيه إلى ذلك من كره له أو سوء معاشرة.
ويضيف الشيخ المنيع أن الخلع إذا كان بلفظ الخلع اعتدت المخالعة بحيضة واحدة كالمستبرئة لأمره, صلى الله عليه وسلم, أن تعتد بحيضة وإن كان بلفظ الطلاق فإن الجمهور على أنها تعتد بثلاثة إقراء. ولا يملك المخالع مراجعتها في العدة إذ الخلع يبينها منه. وبالنسبة للزوجة الصغيرة إذا تضررت يخالع عنها والدها نيابة عنها لعدم رشدها، وبالنسبة للمرأة التي يتزوج زوجها بثانية فليس هناك ما يمنع شرعا من مطالبتها بالخلع لأن هذا حق أعطاها إياه الشرع, وأي قوانين تحكم بذلك فهي مخالفة لأحكام الشريعة ولا يعتد إلا بالحكم الشرعي لأنه هو الأساس الذي يجب السير عليه.
عقد جديد مستوف لشروطه
ويرى الشيخ الدكتور هاني بن عبد الله الجبير القاضي في المحكمة العامة في مكة المكرمة, أن الرجل إذا خالع امرأته (أي اتفقا على أن تعطيه مالاً مقابل طلاقها، سواء أعطته أو أبرأته من باقي مهرها أو غير ذلك)، فإن المرأة تبين منه، فلا تحل له إلا بعقد جديد مستوف لشروطه وأركانه الشرعية؛ وذلك لأنَّ المرأة خالعت زوجها للتخلص منه، فلو جُعل للزوج حق المراجعة لفاتت فائدة الخلع.
ويقول الشيخ عوض بن محمد مرضاح إمام وخطيب جامع بن حسن آل الشيخ سابقا في مكة المكرمة, إن على الأزواج والزوجات تجنب الخلع بالعمل على احترام كل منهما الآخر والتمسك بأهداب هذا الدين، وأن يكون ذلك في أضيق الحدود من أجل بناء أسرة سعيدة واستمرارها، وإذا لم يتحقق ذلك وكانت المرأة مظلومة ومضطهدة وكارهة لزوجها وبينهما سوء عشرة ولا يحق له أن يرفض ذلك فمن حقها أن تطلب مفارقة زوجها على أن تدفع له مالا مقابل ذلك شريطة أن يكون هناك سوء عشرة بينهما أو تكون كارهة له ولا يحق له أن يرفض ذلك، ويستحب ألا يأخذ منها أكثر من مهرها، إذ إن ثابت بن قيس اكتفى بمخالعته لها بالحديقة التي أمهرها إياها، وذلك بأمر رسول الله, صلى الله عليه وسلم.