التحذير من شركات تروج لوثائق تأمين صحي غير نظامية تستخدم في إصدار إقامات العمال وتجديدها

التحذير من شركات تروج لوثائق تأمين صحي غير نظامية تستخدم في إصدار إقامات العمال وتجديدها

كشف لـ "الاقتصادية" عدد من المسؤولين في قطاع التأمين الصحي، عن ضبط عدد من وثائق التأمين الصحي غير المطابقة لما تم اعتماده من قبل مجلس الضمان الصحي التعاوني، تروجها بعض شركات التأمين في السوق السعودية.
واعترف المسؤولون بتورط عدد من شركات التأمين العاملة في السوق السعودية في إصدار تغطيات تأمينية غير حقيقية من أجل تسهيل مهمة تجديد وإصدار إقامات العاملين (المقيمين).
وأكد لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد الله بن إبراهيم الشريف الأمين العام لمجلس الضمان الصحي التعاوني، أنه بالفعل توجد مخالفات من هذا النوع في مجال التأمين الصحي، لكنه اعتبر أن هذه المخالفات رغم خطورتها إلا أنها لا تشكل تهديدا لقطاع "التأمين الصحي" الوليد في السوق السعودية.
وأشار الشريف إلى أن التحايل في هذا القطاع موجود على مستوى العالم، ويوجد هناك عمل مشترك بيّن الجهات المعنية للتصدي لأي مخالفات ترتكب في مجال التأمين الصحي وتطبيق أشد العقوبات النظامية على مخالفي أحكام تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني.

تفتيش شركات التأمين

وأفاد الأمين العام لمجلس الضمان الصحي التعاوني أن هناك آليتين يتم اتباعهما لاكتشاف قيام شركات التأمين أو أصحاب عمل بإصدار وثائق تأمين صحي غير حقيقية، أولاهما تكون من مهام أمانة مجلس الضمان الصحي وهو عبر التفتيش على شركات التأمين, أما الآلية الثانية فهي من خلال لجنة تفتيشية مشتركة بين أمانة مجلس الضمان الصحي ومؤسسة النقد للتفتيش على شركات التأمين ضمن برنامج زمني محدد.
وقال: "إنه بمجرد ما يتم اكتشاف مخالفة تعرض على لجنة المخالفات التي تقوم بدورها بتحديد العقوبة ومن ثم اعتمادها من قبل رئيس مجلس الضمان الصحي".
تحجيم المنافع

وحول ما إذا كانت تلك الشركات المتورطة في ترويج وثائق صحية مخالفة مرخصة من قبل مجلس الضمان الصحي، اكتفى الشريف بالقول إن الشركات التي تم اعتمادها من قبل مجلس الضمان الصحي لتقديم هذه الخدمة هي 23 شركة، إذ إنه لا يتم التعامل مع أي شركة ما لم يتم إدخال بياناتها وحصولها على الترخيص اللازم من قبل مؤسسة النقد.
وفيما يتعلق بالنتائج المترتبة على غياب التغطية التأمينية نتيجة وجود مثل هذه الوثائق المخالفة على العاملين المقيمين في المملكة، بيّن الشريف أن هناك لجنة مشتركة في هذا الشأن تعمل على متابعة جميع المخالفات، وإذا اكتشفت أن هناك تواطؤا بين رب العمل وشركة التأمين في تحديد أو تحجيم المنافع أو عدم إعطاء العامل الفرصة للوصول للخدمة فإن هناك إجراء آخر يتخذه المجلس مع وزارتي التجارة والعمل من أجل اتخاذ الجزاء اللازم.
2.8 مليون مشترك

وأوضح الشريف أن عدد المشتركين في نظام الضمان الصحي التعاوني، في ارتفاع من حين إلى آخر، وقد بلغ عدد المشتركين حتى هذه اللحظة نحو 2.8 مليون مشترك.
وعن تطبيق الإلزامية على أرباب العمالة الخاصة (عمال المنازل والمزارعون والسائقون وغيرهم) بالتأمين على تلك العاملة، أشار أمين مجلس الضمان الصحي إلى أن تطبيق هذا الإجراء سيحدده مجلس الضمان الصحي.
وعن مراعاة أن شركات التأمين لا تسعى إلى إبرام عقود تأمين مع أفراد، أكد الشريف أنه لا توجد في العالم بأكمله وثيقة تناسب الأفراد، وبعد تأسيس المجلس الوثيقة العامة وهي الخاصة للعمالة بالقطاع الخاص تبين أن هناك حاجة لوثيقة للعمالة المنزلية حيث إن المجلس عمل على إعداد وثيقة تأمين صحي مناسبة لهذه الفئة، مشيرا إلى أن المجلس يعمل الآن على إعداد وثيقة تأمين صحي مخصصة للأفراد المقيمين في المملكة الذي تزيد أعمارهم على 65 سنة.

النظام لا يستثني أحدا

وأبان الشريف أن منظومة التأمين الصحي التعاوني ستنتهي بأكثر من وثيقة تأمين، حيث إن كل بوليصة تستهدف شريحة معينة، كما أن أمانة المجلس تعمل على تطبيق النظام، حيث إن النظام يشمل عموم المقيمين وأسرهم ولا يستثني أحدا.

تجديد الإقامات وإصدارها

من جهته، ذكر موسى الربيعان رئيس اللجنة الوطنية للتأمين رئيس دار موسى للتأمين، أنه نما إلى علم اللجنة وجود تغطيات تأمين صحي محدودة وذلك بقيام بعض من شركات التأمين بإصدار تغطيات غير حقيقية من أجل تسهيل مهمة تجديد وإصدار إقامات العاملين غير السعوديين لأرباب العمال.

تلاعب في وثائق التأمين

وأوضح الربيعان أن التعبير عن وثيقة التأمين الصحي "المغشوشة" لا يعبر عن الواقع إنما يمكن تمييزها بالتغطية غير الحقيقية، حيث إن أرباب العمل يؤمنون لدى شركات فقط لغرض إصدار الوثيقة والحصول على إقامات عمل لعمالهم، مبينا أن تلك الوثائق التي أصدرتها شركات التأمين بعد شراء أرباب العمل لها لا تغطي هؤلاء العمال لدى المنشآت الطبية.
وقال الربيعان "نحن لا ننكر أنه نما إلى علمنا قيام بعض شركات التأمين بناء على طلب بعض أرباب الأعمال بإصدار وثائق تأمين صحي تتضمن خصومات كبيرة تعطى مقابل عدم تقديم مطالبات وتترك إدارة هذه المطالبات من قبل أرباب العمل وهي بذلك لا توفر التغطية التأمينية المرجوة وإنما تستخدم فقط لاستخراج تصريح الإقامة".
وأضاف قائلا: "إن هذا التلاعب قد حذرت اللجنة الوطنية منه وأثارت الموضوع على مستوى مؤسسة النقد وعلى مستوى مجلس الضمان الصحي"، مشيرا إلى أن هذا العمل هو تلاعب من قبل أرباب العمل بمساعدة من شركات التأمين على النظام، الأمر الملزم بمعاقبة جميع المشتركين في هذا التحايل متى ما ثبت ذلك.

من 1000 إلى 250 ريالا

وعن سعر التغطية الحقيقية التي يبتاعها أرباب العمل، بيّن رئيس اللجنة الوطنية للتأمين رئيس دار موسى للتأمين، أنه تتفاوت أسعار التغطية، ما بين 800 و1000 ريال، مؤكدا أن هناك خطرا كبيرا على شركات التأمين التي تصدر تغطية تأمين حقيقية بسعر 500 ريال وتابع بالقول: "إننا سمعنا بتغطيات تأمينية بأسعار قد تصل إلى 250 ريالا أو أقل".
ويعتقد الربيعان أن إصدار شركات التأمين وثائق غير حقيقية ظاهرة لا يعرف مدى انتشارها في السوق السعودية، مستنكرا أن تساعد شركات التأمين رجال الأعمال في التحايل على النظام وتقدم لهم تغطيات غير حقيقية، حيث إن شركات التأمين تخضع لمراقبة مؤسسة النقد ولديها مجالس إدارات والتي من أولوياتها التأكد من عدم التلاعب والتحايل، كما أن الشركة مملوكة لجزء من العامة، الأمر الذي يفترض أن تكون أكثر شفافية أمام المساهمين.

غرامات وعقوبات

وحول ما إذا كانت هذه الشركات مرخصة أم قاصرة على شركات غير مرخصة، ذكر الربيعان أن المعلومات الأولية تفيد أن معظم شركات التأمين العاملة في التأمين الصحي هي شركات حصلت على موافقة المؤسسة على التسجيل الذي يؤهلها في وقت لاحق للترخيص و تم تأهيلها تبعا لذلك من قبل مجلس الضمان الصحي لتقديم تغطيات التأمين الصحي.
وأشار إلى أن هناك غرامات وعقوبات يمكن استخدامها ضد شركات التأمين المخالفة للنظام. إلا أن الأمر الملكي أعطى شركات التأمين العاملة في المملكة فرصة لتصحيح أوضاعها حتى الربع الأول من عام 2008، مما قد يفسر من بعض الشركات على أنه إشارة خضراء للتغاضي عن بعض مبادئ العمل التأميني.

تعويض المتضررين

أشار الربيعان إلى أن أي تحايل على الأنظمة خصوصا في مجال التأمين فإنه يكون مضرا لقطاع التأمين الوليد و مضرا لمصداقيته، إضافة إلى أنه يمكن أن يمتد هذا التحايل ليفشل شركات التأمين الجادة في العمل، وذلك لأن النظام يلزمها بعدم إصدار الوثائق بالتعويض عند تقديم الخدمة الطبية.
وحول ما إذا يحق للمتضريين رفع دعوى ضد شركات التأمين التي أصدرت لهم وثائق تأمين غير حقيقية، قال الربيعان: "بالتأكيد يحق للمتضررين رفع قضايا ضد شركات التأمين ويحصلون على تعويضات مالية"، حيث إنه بإمكان هؤلاء العمال رفع شكواهم إلى مؤسسة النقد أو تقديمها إلى لجنة مخالفة النظام في مجلس الضمان الصحي والذي يأمل أن يتم تفعيلها لتقوم بهذا الدور على أحسن وجه.
أما عن الإجراءات أو التدابير التي يمكن أن تتخذها اللجنة الوطنية للتأمين في مواجهة هذا التحايل في إصدار وثائق تأمين غير حقيقية أو في مواجهة هذه الشركات، بين الربيعان أن اللجنة هي تشاورية ومحاورة بين العاملين في قطاع التأمين وشركات التأمين وتتصل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لتسهيل أمر ما، حيث إن اللجنة أثارت هذه القضية، إضافة إلى أنها تراقبها وتناقشها بشكل قريب لكن مسؤولية تطبيق الأنظمة تبقى منطقيا في يد الجهات التي صرح لها رسميا بذلك.

سمعة صناعة التأمين في السعودية

وعن السماح للمساهمين في شركات التأمين المخالفة للنظام بأن يرفعوا قضايا على مجالس إدارة تلك الشركات المتورطة، قال: "إن نظام الشركات يسمح ويحق للمساهمين طلب عقد جمعية عادية في تلك الشركات لمساءلة مجلس الإدارة في الأخطاء والمخالفات التي ارتكبتها الشركة".
وذكر رئيس اللجنة الوطنية للتأمين رئيس دار موسى للتأمين أن وجود مثل هذه الممارسات الخاطئة يضر بسمعة صناعة التأمين في المملكة ويقضي على الشركات التي تعمل في السوق بصدق وإخلاص، كما أنها تسيء لنظام الضمان الصحي التعاوني الذي يسعى إلى إيجاد تغطيات لأكثر من مليوني شخص بين مواطن ومقيم، ونعول كثيرا على هذا النظام بأن يكون على المدى البعيد العمود الفقري للرعاية الصحية في المملكة.
ودعا الربيعان إلى ضرورة أن يكون هناك تنسيق على مستوى عال بين مؤسسة النقد ومجلس الضمان الصحي لمحاربة مثل هذه الأساليب التي قد تعيق تطبيق النظام بالشكل الصحيح.

الأكثر قراءة