عشوائية خدمات الملاهي وتهالك تجهيزاتها
المدن أو الحدائق الترفيهية إضافة إلى كثير من الصالات في الأسواق والمراكز التجارية تستميل الأسر والأفراد لقضاء بعض الوقت بعيدا عن بيئة العمل اليومية. الوسائل الترفيهية أو الألعاب في هذه الحدائق الترفيهية أو الصالات عادة ما تكون الأكثر استهدافا لرغبة الأطفال الاستمتاع بأوقاتهم فيها، خصوصا إذا ما كانت في حالتها الجيدة أو المجددة. ما يثير الاهتمام هو عدم اكتمال جاهزيتها واستمرار تعطل بعضها مما يشعر الكثيرين بالخوف خصوصا إذا ما دارت حولها قصص الأعطال التي أدت إلى حوادث كارثية. هذا حتما يستدعي وقوف عدة جهات على الطبيعة في هذه المواقع والإسراع في رفع كفاءتها تأسيسا وتجهيزا وتشغيلا, لأننا إذا ما أردنا أن نستعرض حجم المشكلة لوجدنا أننا أمام مشكلة حصر شامل وتصنيف خدمي بناء على موقعها وحجمها وأنواع الألعاب الترفيهية التي بها. وإذا كانت هذه أول مهمة يمكن آن تتم خلال هذا العام على مستوى المملكة فإن هناك مهمات أخرى حيال موضوع بالغ الأهمية أولهمها الصيانة والنظافة. لقد باتت حوادث الملاهي تؤرق الكثير بعد تكرار وقوعها في مختلف المواقع وبمختلف مستويات تأثيرها خلال الأعوام الماضية. والمؤسف أن بعض المواقع مازال مستمرا في تشغيل الأجهزة والألعاب مما يؤكد عدم الاكتراث لعوامل كالحرارة والرطوبة وتشبع الرياح بالغبار وخلافه كمسببات لتكثيف إجراءات عمليات الصيانة الدورية في جميع أنواعها المكشوفة منها والمسقوفة أو المغطاة.
في يوم الإثنين 11/5/ 1428هـ الموافق لـ نيسان (أبريل) عام 2007م تم إطلاق أول جمعية وطنية تعنى بالسلامة ضد الحوادث المأساوية داخل المدن الترفيهية. لقد وافقت اللجنة الوطنية للسياحة في مجلس الغرف التجارية السعودية على إنشاء الجمعية الوطنية لسلامة ألعاب المدن الترفيهية في جميع مناطق المملكة يكون أصحابها أعضاء في هذه الجمعية ويكون المشرف على الألعاب في أي مدينة ترفيهية عضوا في فريق المتابعة والتفتيش الفني. وقد تقرر ونشر أن فريق التفتيش الفني سيقوم بزيارة المدن الترفيهية والكشف على الألعاب ثم يصدر شهادات بسلامتها في كل مدينة ملاه وبصفة دورية من أجل الحد من الحوادث. إلى هنا والحديث جميل والتصريحات رنانة ولكن مما وقع وتكرر وقوعه إضافة إلى المشاهدات (عن قرب) يبدو أن مرور عام كامل لم يشفع لها لإعادة تنظيمها والتوصل إلى توحيد إجراءات الصيانة وتوظيف المختصين بهذه المواقع, أو تأسيس شركات متخصصة في صيانة المدن الترفيهية!. هذا من وجهة نظري يستدعي التدخل السريع للحفاظ على أرواح المرتادين لهذه المواقع وسلامتهم فإن الهدف هنا ليس إصدار شهادات قابلية التشغيل وسلامة الأداء ولكن هي مجموعة عوامل إذا ما اجتمعت زرعت في مجملها الطمأنينة في نفوس المرتادين. فإذا كان في الرياض مثلا ما يقارب 150 موقعا ترفيهيا بين حديقة ومدينة ومركز وصالة, فكم هي على مستوى المملكة؟, وكيف تتم عملية التصنيف والتزام كل موقع بما يجب أن يقدم من خدمات؟. ثم كيف يتم الكشف على الألعاب وتصدر بذلك شهادة السلامة التي توضع في موقع بارز تمكن المرتادين من الاطمئنان على أبنائهم عند زيارتها؟. من الطبيعي أن تحدث الأعطال ولكن ليس من الطبيعي أن تغيب الصيانة أو أن تؤدى بأسلوب تقليدي ودون مراعاة الجودة في الأداء. إن السياسات والإجراءات والتنظيمات المتعلقة بسلامة الألعاب وأمنها, إضافة إلى الالتزام باستيراد أفضل أنواع التجهيزات والألعاب وتشغيل المختصين أو المدربين بشكل جدي لتعد أساسا نظاميا عند افتتاح أو استمرار تشغيل موقع ترفيهي من شأنه الترويح عن الناس لا ترويعهم. من ناحية أخرى هذه المدن أو المواقع الترفيهية تستوجب وجود سيارة إسعاف تابعة لها أو عيادة طبية (حسب فئاتها) خلال فترات التشغيل فهل هذا يطبق الآن؟, وكيف يمكن ضمان استمرارية توفير هذه الخدمة؟. أما من ناحية التأمين فلم نسمع عن أن تحملت شركة التأمين تبعات قضية أو حادثة وقعت في أي من هذه المواقع الترفيهية, فهل فعلا توجد تغطية لجميع المواقع والألعاب وجميع طاقم التشغيل وجميع الزوار خلال فترة وجودهم وتكفل حقوقهم طالما أن الموقع مفتوح لتقديم الخدمة؟.
قد يعلق مستثمر أن الوضع لا يشجع على إقامة مدن ترفيهية على مستوى عال من التجهيز والتشغيل والخدمة, لذلك قد نلجأ لبحث الأمور من حيث ترغيب الرساميل الخارجية بضخ استثمارات جديدة في قطاع الترفيه السياحي الحيوي المعتمد على تجدد أنماط الحياة وتنوع أساليب الترفيه وتحديث أجهزته وأدواته بشكل مستمر في حدود ما يكفل ويضمن سلامة الأفراد والزوار جميعا. من ناحية أخرى تخصيص مواقع للسياحة في كل المدن على غرار المناطق السكنية والزراعية والصناعية، وأن تحظى تلك المناطق بأهمية بالغة عند تخطيط المدن. هذا بالطبع سيضع أمام المسؤولين أجندة ضم بعض التخصصات عند إنشاء كليات وطنية للسياحة تخرج كوادر متخصصة تعمل في هذه المناطق الترفيهية وفي مجالات أخرى مثل الفنادق والمطاعم ومراكز الترفيه المختلفة, وسيجعل الاهتمام في المقبل من المهرجانات والفعاليات خلال مواسم الربيع والصيف من كل عام في أفضل حالاته, خصوصا إذا ما علمنا أن التوجه العام يسير نحو قضاء الإجازات في داخل المملكة من هذا العام فصاعدا, والله المستعان.