الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها في صناعة السيارات في العالم

الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها في صناعة السيارات في العالم

تثير الأزمة الاقتصادية الحالية التي تمر بها الولايات المتحدة الكثير من المخاوف فيما يختص بعالم صناعة السيارات، وإذا كانت هذه الأزمة غير مرتبطة بالإنتاج الصناعي بشكل مباشر, إلا أنها تعزز المخاوف من حصول ركود اقتصادي في أكبر اقتصادات العالم، وتأثيرها بالتالي في اقتصادات باقي دول العالم وبالذات في أوروبا واليابان.
وقد شهدنا خلال الشهور القليلة الماضية تفاقم أزمة الرهن العقاري الأمريكية وانتشارها إلى قطاع البنوك وما تلا ذلك من نقص في السيولة استدعى البنوك المركزية الرئيسة في العالم إلى ضخ مليارات الدولارات في النظام المصرفي العالمي.
وأثرت مجمل هذه المشاكل في وضع الدولار الأمريكي الذي واصل انخفاضه بشكل دراماتيكي أمام معظم العملات الرئيسة وبالذات اليورو والجنيه الإسترليني.
كذلك ارتفعت أسعار النفط خلال الشهور الماضية بشكل صاروخي، حيث زادت بنسبة 40 في المائة منذ آب (أغسطس) الماضي لتصل إلى حدود الـ 100 دولار. وهو ما فاقم من قلق الشركات الصناعية في العالم التي بدأت في المطالبة بوضع حلول جذرية من قبل صانعي السياسات الاقتصادية في العالم للحد من أي مخاطر قد تطيح بالإنتاج الصناعي العالمي برمته.
في المقابل وعلى الرغم من القلق الذي يعتري القطاع الصناعي إلا أن تأثير العوامل السابقة في قطاع صناعة السيارات العالمي ما زال محدوداً إلى أضيق نطاق، إذ ارتفع إنتاج شركات السيارات بالمجمل, كما ارتفعت مبيعات السيارات بنسب متفاوتة.
وإذا كان من المفترض أن يؤثر ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الدولار بشكل سلبي في صناعة السيارات الأوروبية ومبيعاتها، فإن ما حصل هو العكس، إذ ارتفعت مبيعات معظم شركات السيارات الأوروبية وبالذات الألمانية منها, نظراً إلى ما يعد ثقة عالية بهذه المنتجات التي لا يؤثر فيها ارتفاع قيمة العملة الأوروبية.
مجموعة فولكس فاجن الألمانية ارتفعت مبيعاتها خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة 8.2 في المائة مقارنة مع مبيعات العام الماضي، حيث استطاعت المجموعة بيع ما يصل إلى 4.6 مليون سيارة من مختلف الطرازات، وتقول الشركة إن حجوزات مرتفعة لسياراتها الجديدة قد تم تسجيلها ومنها على سبيل المثال, ما يزيد على عشرة آلاف سيارة من طراز تيجوان الجديد الذي ينتمي إلى فئة سيارات الدفع الرباعي الصغيرة.
أما مجموعة بي إم دبليو فقد ارتفعت مبيعاتها بنسبة 7.8 في المائة خلال الشهور العشرة الماضية مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وقد استطاعت الشركة تسليم 1.218.588 سيارة من طرازات بي إم دبليو، ميني، ورولز رويس.
سيارات بي إم دبليو وحدها ارتفعت مبيعاتها خلال الفصول الثلاثة الأولى بنسبة 6.8 في المائة، حيث وصل عدد السيارات المباعة إلى 1.034.903 سيارة، وقد عززت طرازات إكس5، والفئة الثالثة بفئتيها الكوبيه والمكشوفة.
وحتى رولز رويس استفادت من طرحها مجموعة جديدة من سياراتها لترفع مبيعاتها خلال الشهور العشرة الماضية إلى 686 سيارة بزيادة بلغت نسبتها 24.3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
مرسيدس من جهتها، وعلى الرغم من ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الدولار إلا أنها نجحت في رفع مبيعاتها في الولايات المتحدة بنسبة 13 في المائة خلال الشهور الماضية.
وقد ارتفعت مبيعات الشركة عالمياً منذ بداية السنة ولغاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بنسبة 3 في المائة، حيث تم تسليم 872.700 سيارة. وقد أسهم الجيل الجديد من الفئة سي برفع نسب مبيعات الشركة بشكل واضح خلال الشهور الخمسة الماضية. كما أن طرح جيل جديد من سيارات سمارت زاد من مبيعات الشركة وقلص من توقعات الاقتصاديين بإمكانية التخلي عن سيارات سمارت في الوقت الحاضر.
شركات السيارات اليابانية استفادت خلال الشهور الماضية من ضعف الين الياباني وهو ما أسهم في رفع مبيعاتها في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
شركة تويوتا حققت من جهتها ارتفاعاً في المبيعات خلال العام الحالي، وقد استطاعت الشركة خلال الأشهر الستة الأولى مثلاً أن تزيد مبيعاتها بنسبة 8 في المائة، مع توقعات بارتفاع في النصف الثاني من العام الحالي.
في المقابل لم تستفد شركات السيارات الأمريكية من هبوط سعر صرف الدولار لتصريف إنتاجها خارج الولايات المتحدة، فعلى الرغم من ارتفاع المبيعات في بعض المناطق ومنها مثلاً الشرق الأوسط إلا أن ارتفاع أسعار النفط قلل من أي منافسة قد يسببها قطاع صناعة السيارات الأمريكية بسبب طبيعة هذه السيارات ومحركاتها الكبيرة التي تستهلك قدراً كبيراً من الوقود، وعلى الرغم من محاولات بعض الشركات الخجولة لطرح طرازات هجينية إلا أن ذلك لم يؤثر في الصورة العامة للسيارة الأمريكية في أسواق العالم. واللافت أن شركات مثل جنرال موتورز وفورد سجلت خسائر كبيرة خلال العام الحالي نتيجة مصاريف تتعلق بالتأمين الصحي والتقاعد, إضافة إلى الضرائب. وقد بلغت خسائر جنرال موتورز خلال الربع الثالث من العام الحالي 39 مليار دولار، وبالمقابل قلصت فورد خسائرها الفصلية إلى 380 مليون دولار، وهي تنوي خلال الفترة المقبلة بيع كل من: جاكوار ولاند روفر من أجل الحصول على السيولة اللازمة لتأمين متطلبات التطوير، ومن الممكن أن توفر هذه الصفقة مبلغا يزيد على ثمانية مليارات دولار.

الأكثر قراءة