تزايد الإمدادات واحتمال تراجع الطلب يضغطان على سعر برميل النفط

تزايد الإمدادات واحتمال تراجع الطلب يضغطان على سعر برميل النفط

تتزامن عوامل عدة، مثل زيادة الإمدادات وبروز حالة من التشاؤم بخصوص وضع الطلب على النفط خلال الربع الأخير من هذا العام من مختلف المؤسسات البحثية وتلك التي تتابع شؤون السوق النفطية، في تخفيف الضغوط المباشرة على سعر برميل النفط، الأمر الذي أدى إلى تراجع إلى ما تحت 100 دولار، بعد أن سادت قناعة خلال الأسابيع القليلة الماضية أن تجاوز هذا الحاجز والاستقرار فوقه أمر محتم. وأسهم بدء تدفق زيادة النصف مليون برميل يوميا التي قررتها منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) لتصل إلى الأسواق مطلع هذا الشهر في لعب دور في هذا الصدد.
كما أن مؤشرات فصل الشتاء حتى الآن تشير إلى أنه يمكن أن يكون معتدلا، وهو ما قد يؤثر في حجم الطلب خلال هذه الفترة وحتى نهاية العام.
وفي تقدير لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن معدل النمو في الطلب العالمي على النفط هذا الربع سيكون في حدود 1.8 مليون برميل يوميا، لكنه سيتراجع خلال العام المقبل إلى مليون ونصف المليون برميل يوميا. أما الإمدادات من المنتجين خارج الدول الأعضاء في (أوبك) فسيبلغ 900 ألف برميل يوميا، خاصة من البرازيل وكندا وإلى حد ما الولايات المتحدة، ما سيعوض عن تراجع الإنتاج في مناطق أخرى مثل بحر الشمال. أما متوسط إنتاج (أوبك) وفق الإدارة فسيبلغ العام المقبل 31.7 مليون برميل يوميا.
التقرير الشهري لـ (أوبك) نفسها يتوقع تراجعا في حجم الطلب إلى 1.2 مليون برميل يوميا إلى 85.7 مليون برميل لهذا العام، بينما يزيد العام المقبل 1.3 مليون إلى 87 مليونا. أما إمدادات المنتجين من خارجها فتتوقع أن تسجل زيادة في حدود 29 ألف برميل يوميا منذ آب (أغسطس) الماضي، لكن يظل وضع المخزونات الأمريكية عاملا في أن تعيش السوق حالة من الشد.
أما الوكالة الدولية للطاقة فترى أن استمرار سعر برميل النفط مرتفعا بدأ يلقي بظلاله على الطلب الذي قد يتأثر بمعدل يصل إلى نصف مليون برميل يوميا خلال الربع الحالي. ثم إن الإمدادات سجلت زيادة تجاوزت المليون برميل.
وهناك أيضا الزيادة في المعروض من (أوبك) بنحو 350 ألف برميل خلال الشهر الماضي مقارنة بما كان عليه في أيلول (سبتمبر)، وذلك وفق تقديرات للمركز العالمي لدراسات الطاقة، وحتى قبل تدفق الزيادة التي قررتها (أوبك). ويعود ذلك إلى تحسن في وضع الإمدادات العراقية خاصة من الحقول الشمالية وتحسن في الوضع الأمني وعدم تعرض خطوط الأنابيب إلى عمليات تخريبية، الأمر الذي دفع السلطات العراقية إلى توقيع أول اتفاق ثابت ولمدة ثلاث سنوات لشحنات من خام كركوك، الأمر الذي يعكس ثقة متزايدة في الوضع الأمني والسيطرة عليه.
وتشير بعض المراكز التي ترصد حركة الناقلات مثل "أويل موفمنتس"، إلى أن صادرات الدول الأعضاء في (أوبك)، عدا أنجولا، سترتفع بنحو 720 ألف برميل يوميا خلال فترة الأسابيع الأربعة حتى الثامن من الشهر المقبل. ومن جانبها توقعت مؤسسة بترولوجستكس ارتفاع حجم إمدادات المنظمة خلال الشهر الحالي بنحو 350 ألف برميل يوميا. وكان وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي قد أوضح أن إنتاج بلاده بلغ خلال هذا الشهر تسعة ملايين برميل يوميا.
ويضيف المركز العالمي في تقريره لهذا الشهر أن الوضع الخاص بالإمدادات سيتحسن بسبب الخطوة السعودية التي قامت بالبناء على ما قامت به بالنسبة لشحنات الشهرين الحالي والمقبل من توسيع للفرق السعري من خلال التخفيضات لكل أنواع النفوط المتجهة إلى السوق الأمريكية، حيث بلغ الفرق بالنسبة لخام العربي الثقيل "فوب" رأس تنورة نحو 16.35 دولار للبرميل مقارنة بسعر السوق الحرة لخام ويست تكساس الأمريكي الخفيف الحلو.
ويفترض في هذه التخفيضات أن تجعل من الخام السعودي الثقيل أكثر إغراء لبعض أنواع المصافي في السوق الأمريكية، علما أن الوكالة الدولية للطاقة، واستنادا إلى أرقام أمريكية ترى أن إجمالي الطلب الأمريكي على النفط خلال الأسابيع الأربعة قبل صدور التقرير تشير إلى حدوث تراجع في حدود 0.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم أن الطلب لفترة عام سجل زيادة بلغت 1 في المائة.
ويتبنى المركز العالمي موقفا متشائما خاصة بعد الارتفاع الكبير في الأسعار تجاه الطلب مقارنة بمراكز الأبحاث الأخرى، وهو بالتالي يتبنى موقفا أن التوقعات المستقبلية ستتخذ موقفا متراجعا خاصة خلال الربع الأول من العام المقبل ما لم يحدث انقلاب مفاجئ بسبب الطقس. ويساعد في هذا الاتجاه أن التوقعات الخاصة بالنمو الاقتصادي تعطي احتمالا أكبر لحدوث تباطؤ، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث ضغط كبير على هيكل الأسعار، وهو ما سيفرض نفسه على اجتماع وزراء النفط في المنظمة يوم الأربعاء في أبو ظبي.
لكن رغم هذا يتوقع أن تظل السوق مشدودة وضعا في الاعتبار أن هذا فصل الشتاء، حيث يزيد الطلب عادة، هذا إلى جانب العوامل الجيوسياسية والتوترات التي تعتري منطقة الشرق الأوسط والخليج تحديدا على أساس أنها تحتوي على المخزون الأساسي للطاقة الأحفورية.
لكن المركز يتبنى موقفا يقوم على أن وضع الأسعار سيتحدد وبصورة كبيرة بالطريقة التي تتصرف بها (أوبك) خلال فترة الأشهر القليلة المقبلة.
الخطوة السعودية بإحداث خفض في بعض أسعار نفوطها من خلال توسيع هامش الفروقات يشير إلى أنها تقبل بفكرة تخفيض سعر البرميل، ولو أن هذا الاتجاه يمكن أن يلقى معارضة من أعضاء آخرين أكثر اهتماما ورغبة في الحصول على أسعار أعلى.

الأكثر قراءة