الفرنشايز .. فرص استثمارية واعدة
أعلنت الغرفة التجارية الصناعية في الرياض خلال الفترة الماضية أن هناك تنسيقا يجري لتكون الرياض عاصمة للامتياز التجاري "الفرنشايز" على مستوى الشرق الأوسط، حيث سيتم إنشاء وتخصيص مكاتب خاصة لشركات عالمية مانحة للفرنشايز تنطلق من مدينة الرياض في المستقبل, وإقامة المؤتمر الدولي للامتياز التجاري"الفرنشايز" خلال الفترة من 27 إلى 29 جمادى الأولى المقبل الموافق 1 - 3 حزيران (يونيو) 2008، ويأتي هذا المؤتمر ليفتح آفاقا جديدة للاستثمار في المملكة وبالتحديد لفئة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي ما زال الاقتصاد يعاني كثيرا بسبب غيابها الواضح.
واتفق كثيرا مع ما ذكره الأستاذ محمد المعجل رئيس لجنة الامتياز التجاري عن ضعف الثقافة التجارية في السوق السعودية فيما يخص المفهوم الحقيقي للامتياز التجاري وكذلك الخلط بين الامتياز التجاري وبين الوكالة التجارية, وهذا بلا شك يتعلق بالقوانين التجارية الناقصة المطبقة على أرض الواقع من المشرع التجاري المحلي, وهذا بلا شك يستدعي تنقيح القوانين الحالية, واستكمال منظومة القوانين الحاكمة لهذا النشاط، وإصدار نظام خاص بنشاط حق الامتياز (الفرنشايز) على غرار نظام عقد الوكالة التجارية، حيث يعد الامتياز التجاري أحد أنواع الاستثمار الذي يحتاج بلا شك إلى صيغة تشريعية وقانونية تحكم وتضبط العمل التجاري الذي يحمله الفرنشايز.
كذلك فإن الحاجة إلى مؤسسات وتشريعات الدعم للعملية التجارية يقودنا للحديث عن العوامل الداعمة لعملية الامتياز التجاري, هناك حاجة ماسة إلى تطوير نظم العمل في القطاع المصرفي ودور التمويل لمواكبة متطلبات الاستثمار في هذا القطاع، من جهة أخرى فإن وجود شركات قانونية متخصصة في الامتياز التجاري هو إلحاح آخر لضمان انسيابية العمل التجاري للفرنشايز خصوصا ونحن نشهد قلة من مكاتب المحاسبة القانونية المتخصصة في هذا المجال والسبب يعود طبعا إلى ضعف الامتياز التجاري في المملكة خلال السنوات الماضية.
وبغض النظر عما يحمله الامتياز التجاري من فوائد لمصلحة مانحي الامتياز من دخل إضافي متمثل في رسوم استغلال حق الملكية، وتقليل التكلفة في أداء الأعمال، والحصول على ميزة السمعة والانتشار بتكلفة قليلة، والأرباح المالية السنوية، إلا أنه من وجهة نظر اقتصادية, فإن الامتياز التجاري اليوم يمثل سبيلا آخر لفتح فرص استثمارية جديدة ومنها خلق فرص وظيفية, على مستوى الأشخاص الحاصلين على حق الامتياز التجاري, إضافة إلى الاستفادة المالية والتسويقية والإدارية للمؤسسات الممنوحة، واستفادة الممنوحين بميزات النظام، ودرجة المخاطر المنخفضة التي تواجه الممنوحين عند إقامة وتشغيل المشروعات نتيجة الميزات المكتسبة والمقدمة من المانحين مثل، تأسيس نشاط بأساليب جيدة ومجربة ومطورة، ونتيجة الاستفادة من خلاصة الخبرات العملية للمانح في المجالات التسويقية والإدارية. هذه الفوائد تأتي ملخصة في رفع مستوى المنافسة داخل الاقتصاد باتساع رقعة العمل التجاري.
وشخصيا, فإن هناك تفاؤلا كبيرا بنجاح صناعة حق الامتياز في السعودية بالنظر إلى عوامل متعددة, لعل أهمها الانفتاح الكبير الذي يشهده الاقتصاد ابتداء من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية, وكذلك التدفق الكبير للاستثمارات الأجنبية التي جعلت المملكة تحتل المرتبة الأولى على مستوى المنطقة, وكذلك القوة الاقتصادية للمملكة على مستوى المنطقة، إضافة إلى العوامل الداخلية على مستوى عدد السكان ومعدلات النمو والقوة الشرائية التي يتمتع بها أفراد المجتمع السعودي، والقدرة المالية والإدارية التي يملكها المستثمر السعودي حاليا في ظل الشكوى من قلة الفرص الاستثمارية، كذلك فإن المساحة الجغرافية للمملكة تساعد على انتشار الامتياز التجاري على مستوى المناطق، والانفتاح المالي الكبير الذي يشهده الاقتصاد من ناحية ولادة العديد من دور الاستثمار والبنوك التجارية.
أتمنى أن يكون مؤتمر الامتياز التجاري فاتحة أمل لتأسيس قاعدة للفرنشايز في السعودية والتعريف بمجالات العمل غير المستغلة بهذا النشاط، والعمل على توعية المستثمرين الراغبين في العمل بنظم الاستثمار قانونياً ومالياً واقتصاديا وإداريا وفنياً.