رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


نطالب بمعلومات وبيانات تاريخية معتمدة لسوق الأسهم

[email protected]

يقوم الاستثمار عموماً، والاستثمار في سوق الأسهم خصوصاً، على توافر المعلومات في سوق تتسم بالشفافية التي تتحقق بتوافر المعلومات والبيانات التي تمكن المستثمر من بناء القرار الاستثماري على أرضية صلبة ترتكز على تحليل علمي يحدد نتائج القرار. فعملية اتخاذ القرار الاستثماري ونجاحها تعتمد على مدخلات عملية تقييم الاستثمار ممثلة بالبيانات المالية الخاصة بالشركات والقطاعات، معلومات الخطط المستقبلية للشركة ضمن القطاع الذي تعمل فيه وتوجهات الاقتصاد الكلي عموماً، إضافة إلى أدوات التحليل المستخدمة لتقييم الاستثمار ومداه الزمني والعائد المستهدف ضمن مختلف السيناريوهات المحتملة لأداء الشركة، القطاع، والاقتصاد ككل. لذلك، فإن جودة مدخلات عملية التقييم الاستثماري، جودة ودقة نماذج وأساليب التحليل الاستثماري، تحديد المدى الزمني المستهدف للاستثمار، وغيرها من العوامل المالية والاقتصادية والسياسية تحدد نتائج العملية الاستثمارية ومستوى العوائد مقارنة بخيارات المقارنة الأخرى كالودائع الزمنية والادخارية أو صناديق مقياس الأداء وغيرها من المقاييس.
وبتناول مدخلات عملية التقييم الاستثماري ممثلة بالبيانات، الإحصاءات، والمعلومات، فإن توافرها وجودتها نوعياً تؤثر في عملية التقييم الاستثماري أكثر من أي شيء آخر لكون كم ونوع البيانات والمعلومات المتعلقة بالشركات، القطاعات، والاقتصاد الكلي أيضاً هي المصدر الذي تبنى عليه مختلف طرق التقييم واتخاذ القرار الاستثماري ولو تباينت أساليب وطرق التقييم والفرضيات المستخدمة، حيث أن عملية التقييم الاستثماري تماثل عمليات الإنتاج من ناحية الاعتماد على جودة المدخلات لضمان جودة نتائج العملية الإنتاجية.

كما أن مسؤولية توفير البيانات والمعلومات المالية والاقتصادية تناط بعدد كبير من الأطراف، منها القطاع الخاص بشركاته مهما كان هيكل ملكيتها وتصنيفها، الجهات الرقابية والتنظيمية كالهيئات المسؤولة عن مختلف القطاعات كالقطاع المالي أو قطاع الاتصالات وغيرها، الجهات الحكومية المسؤولة عن بيانات وإحصاءات ومعلومات الاقتصاد الكلي، والجهات الأخرى المستقلة ممثلة بالبنوك الاستثمارية وشركات التصنيف المحلية والعالمية. فقيام كل جهة وطرف بمسؤولية توفير البيانات والمعلومات تسهم في توفير مدخلات تحديد القرار الاستثماري وبالتالي نتائجه، أي أن الثقافة الاستثمارية الكلية في الاقتصاد ليست رهناً بكتيبات تصدرها جهة واحدة، بل إنها حلقة متكاملة من توفير البيانات والمعلومات يسند بعضها بعضاً وتثبت صحتها وواقعيتها بتناغم مع البيانات والمؤشرات الاقتصادية الأخرى.
ومن ضمن التقارير التي تحوي بيانات ومعلومات مهمة للمستثمرين في سوق الأسهم السعودية يبرز التقرير الإحصائي الشهري لشهر كانون الثاني (يناير) الذي صدر من إدارة معلومات السوق بهيئة السوق المالية في الثاني من شباط (فبراير) الماضي، أي بعد يومين من نهاية كانون الثاني (يناير)، وفي اليوم الأول من آذار (مارس) الحالي. حقيقة، يحسب لصالح إدارة المعلومات سرعة إعداد وإصدار التقرير على الرغم من توافر المعلومات بشكل يومي ولحظي للإدارة ومنذ فترة طويلة. وهذا التقرير، الذي كان يجب أن يولد منذ سنوات، وغيره من التقارير تحتوي على بيانات مهمة للباحثين والمستثمرين على السواء لارتباطها في النهاية ببعض الظواهر البارزة في السوق كالتذبذب، ارتفاع المخاطرة، موجات المضاربة، ونمط الزخم.
وعلى الرغم من إيجابية إصدار التقرير الشهري لمعلومات التداول، إلا أن معلومات وبيانات السوق السعودية وخصوصاً التاريخية كالسلاسل الزمنية لأسعار الأسهم وأحجام التداول وعدد الصفقات المعدلة بالأرباح الموزعة وتجزئة الأسهم يصعب أو يستحيل الحصول عليها، كما لا يوفرها موقع تداول! وحين نشير إلى السلاسل الزمنية، فالمعني هنا توافر سلسلة زمنية مقبولة تغطي بيانات التداول اليومية منذ عام 1990، فيما يتعلق بالتداولات والمتغيرات خلال يوم التداول الواحد مقسمة إلى دقائق مثلاً، حيث إن أسواقاً أخرى إقليمية ناهيك عن الأسواق العالمية توفر سلاسل زمنية لمعلومات التداول خلال اليوم الواحد لفترات تاريخية طويلة ليتمكن الباحث والمستثمر من دراسة الهيكل والسلوك الجزئي للسوق بجانب مختلف الأمور المتعلقة بالسوق والتي تعتمد في الدرجة الأولى على توافر هذه البيانات. فالأسواق، جميع الأسواق المالية، تتطور وتتحسن جراء قوانين وأنظمة وتشريعات مبنية ومستندة إلى أبحاث علمية تفسر سلوك ومتغيرات السوق وتبين مصادر القوة ومناطق الضعف وطرق العلاج والسياسات التي يجب اتباعها لتحسين أداء السوق أو للتقليل من أثر إحدى الظواهر غير المرغوب فيها كالتذبذب الحاد وغير المبرر. وللتأكيد، فإن كل سوق حالة خاصة ويجب أن ترتكز التشريعات والتنظيم على أبحاث علمية مبنية على بيانات السوق نفسها، فاستخدام بيانات تاريخية لمؤشر ستاندارد آند بورز على سبيل المثال لن تفسر أي شيء ولن تعطي إلا أداة مقارنة بالسوق السعودية، وحتى المقارنة لن تكون ممكنة إن لم تتوافر بيانات السوق السعودية!
خلاصة القول، من المهم أن تولي إدارة معلومات السوق أولوية لتوفير سلاسل زمنية يومية معدلة لتفادي أي تحيز حسابي وتوفيرها للباحثين وللمستثمرين على الإنترنت. ولاقتراب موعد إطلاق المؤشر الحر الذي يعكس تحركات الأسهم المتداولة وغير الجامدة مع الإعلان أن المؤشر سيتم إصداره مع توفير تحركاته لمدة عام سابق، فإن من المهم التأكيد على أن عملية توفير البيانات للعام السابق فقط غير مقبولة بتاتاً من قبل المستثمرين والباحثين. فباستثمار إضافي بسيط، بإمكان إدارة معلومات السوق تصحيح مسار إصدار البيانات والابتعاد عن السرية غير المبررة من خلال العمل على توفير بيانات مفصلة لجميع المتغيرات تعود إلى مطلع التسعينيات، فإن تعذر فمنتصف التسعينيات، وإن تعذر أيضاً فمطلع الألفية، وهو الحد الأدنى المقبول لفهم السوق وتفسير طبائعها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي