أحدث الإصدارات

أحدث الإصدارات

إذا كان 11 من أيلول (سبتمبر) فاجعة كبرى للأمريكيين, فإن 12 من أيلول (سبتمبر) فاجعة أخرى أصابت العرب والمسلمين المقيمين في الولايات المتحدة والغرب بشكل عام, فمع إشراقة شمس اليوم الذي تلا تدمير البرجين, بدأت المعاملة الودودة والمتفهمة بالتلاشي ليحل مكانها الشك والريبة.. وأحيانا العدوانية التي قد تصل حد الإيذاء الجسدي لأبنائنا في الخارج, من قبل كثيرين ممن لم يعد بمقدورهم التمييز بين ماهو عربي أو مسلم وبين ماهو إرهابي.. مؤلف هذا الكتاب طالب عربي سعودي شهد الأحداث لحظة بلحظة, وذاق مرارة المعاناة والخوف على نفسه وعلى عائلته خلال الفترة التي تلت هجومي واشنطن ونيويورك.
لا يعنى الكتاب بالتحليل والنقد اللذين ملآ المكتبات والصحف منذ ستة أعوام وحتى اليوم، بل يسوق لنا صورا نابضة بالحياة, وشخصية, للحدث نفسه, ولمشاعر المؤلف وعائلته, مسجلا لقطات لا تنسى مثل هلع طفل أمريكي لدى رؤيته امرأة ترتدي الحجاب, والإهانات التي انصبت على رأس ابن الكاتب من قبل زملاء مدرسته المتعصبين باعتباره (ابن لادن) والرعب الذي عانى منه المؤلف وعائلته في شوارع شيكاغو المظلمة.
ورغم اللمسة العاطفية القوية التي تميز الكتاب, لا يغفل المؤلف الصور المشرقة لقسم من المجتمع الأمريكي ممن لم تفقدهم الصدمة توازنهم وطريقة التعامل النبيل مع الآخر ولو كان مختلفا, أكان ذلك على مستوى الطبيبة التي تتخلى عن إجازتها لتوليد امرأة مسلمة يمنعها دينها أن تنكشف أمام طبيب توليد من الرجال, أو على مستوى إدارة المدرسة التي تعتذر للأسرة المسلمة عما لحق بطفلها من الإهانة وتلزم أهل الطفل المعتدي بتوقيع تعهد بعدم التعرض للولد المسلم مرة أخرى.. وغير ذلك من الصور المتنوعة التي تعطي الكتاب مذاق لوحة حية مشبعة بالصدق والانفتاح على الآخر.

* سمعت جنديا أمريكيا يتحدث عن صوره التي التقطها لـ 12 سجينا قتلهم برشاش آلي، يقول: "أطلقت على هذا الرجل في الوجه, أترى؟ رأسه مفلوقة بالنصف, أطلقت على ذاك الرجل بين رجليه, استغرق ثلاثة أيام لينزف حتى الموت".
* سمعت الفريق جايمس ماتيس يقول: "من الممتع جدا القتال في العراق.. إنه مضحك جدا, أحب المشاجرات".
* سمعت الجندية ليندي انجلند, التي صورت في سجن أبو غريب وهي ممسكة بحبل قيد إلى طرفه أسير, تقول: "أمرت من ضباط برتبة أعلى أن أقف هناك وأمسك بهذا الحبل وأن أنظر إلى الكاميرا, ثم التقطوا صورا للعملاء النفسيين, لم أكن أريد أن أكون في الصور, اعتقدت أن الأمر كان غريبا نوعا ما".
ما سمعته عن العراق, كتاب فريد من نوعه ينقل إلينا شهادات حية من خلال أقوال سمعها المؤلف من شخصيات سياسية وعسكرية أمريكية وبريطانية وعراقية, دونها كما هي دون أي تعليق أو تشذيب ثم جمعها في كتاب من 127 صفحة من الأقوال والتصريحات التي تأخذنا برحلة إلى الأعماق السوداء القابعة في قعر النفس البشرية, إلى أمكنة يخاف كل منا مجرد النظر إليها لئلا يرى في مرآتها صورته الأخرى المثيرة للرعب والاشمئزاز.
كتاب من الصدق والرعب والصدمة.

الأكثر قراءة