رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


جامعة الملك سعود والريادة في تمكين الطالب من النقاش

[email protected]

التربية والتعليم الداء والدواء، هذه قناعة راسخة في ذهني, وكلي ثقة بأن أغلب مشكلاتنا ناتجة عن غياب استراتيجية تعليمية تتناسب ومعطيات العصر ومتغيراته, وذروة سنام التعليم ما يعرف بالتعليم العالي, وهو تعليم في بلادنا لا يختلف عن التعليم العام إلا من ناحية التخصص, لذا فإنني لا أفرق بين من هو جامعي أو ما دون ذلك من حيث القيم والمفاهيم والسلوك ومن حيث التفكير والقدرة على التصدي للقضايا ومعالجة المشكلات بمنهجية بحثية علمية وموضوعية.

وكلي ثقة أيضا بأن حل معظم مشكلاتنا وتعزيز قوى تحقيق النهضة الحضارية التي ننشدها جميعا تنطلق من التربية والتعليم اللذين تتحمل مسؤوليتهما وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ومؤسساتها التعليمية, إضافة إلى الأسرة التي تتحمل نصيبا كبيرا في جانب التربية "وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان قد عوده أبوه". ولا شك أن الأسرة ليست مؤسسة احترافية بل هي مؤسسات تربوية متفاوتة لا يمكن ضبطها بسهولة لتلعب دورها التربوي المطلوب بينما المؤسسات التعليمية العامة والعالية يمكن ضبطها من ناحية الرؤية والرسالة والأهداف والبناء المؤسسي والمشاريع والآليات التنفيذية, إضافة إلى السياسات التعليمية والثقافة المؤسساتية.
لذلك كتبت مقالتين الأولى بعنوان "الدكتور الدكتاتور ظاهرة يجب القضاء عليها", والثانية بعنوان "الأبحاث والتربية والتعليم وتداخل الأولويات في جامعاتنا", أكدت من خلالهما أهمية التربية والتعليم, وأوضحت من خلالهما أهمية التركيز على التربية والتعليم لنخرج طلبة مسلحين بأرقى القيم والمفاهيم السليمة, طلبة قادرين على الحوار والتفكير والإبداع والعطاء بما لديهم من عقول منفتحة ومتقبلة للرأي والرأي الآخر واحترام الآخرين, وأكدت أن البحث يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية بالنسبة للتربية التي تأتي في المقام الأول ثم التعليم ثانيا وإن كان البحث يشكل آلية مهمة من آليات التعليم.
وطالبت في المقالة الثانية المديرين الجدد للجامعات بأن يلتفتوا أولا إلى المهام التربوية والتعليمية المتهاوية كمهام ملحة وذات أولوية تجب معالجتها والنهوض بها في أسرع وقت ممكن من خلال آليات قابلة للتطبيق لإنتاج خريجين يحملون كما كبيرا من المعارف والمهارات والقيم والمفاهيم السلمية تجعل منهم سواعد بناء لا معاول هدم في بناء مجتمعنا واقتصادنا.
ويوم الجمعة الماضي طالعتنا صحيفة "الرياض" بخبر يقول إن جامعة الملك سعود نظمت ملتقى لطلابها بعنوان "مشروع الخطة الاستراتيجية" تهدف إلى إعداد خطة شاملة ومتكاملة طويلة المدى لتحقيق ريادة الجامعة في العملية التعليمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع لتكون في طليعة الجامعات العالمية المتميزة.
وهو خبر أسعدني كما أسعد أصدقاء لي يدرس أبناؤهم في الجامعة الذين هاتفوني لقراءة الخبر, ولقد أسعدني أكثر ما استهل به الدكتور خالد عبد الغفار بن عبد الرحمن مدير مشروع الخطة الاستراتيجية للجامعة كلمته به, حيث أوضح أن مشروع الخطة يهدف إلى إعداد خطة شاملة ومتكاملة طويلة المدى لتحقيق ريادة الجامعة في العملية التعليمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع.
وما أكده من أهمية طرح الشكاوى وأحقية الطالب في النقاش في توضيح مدى الضعف والقوة وفي شؤون الطلاب من القبول والتسجيل والإرشاد الأكاديمي والمكافآت والسكن وفي أعضاء هيئة التدريس وكيفية العلاقة والتعاون وطرق التدريس, حيث شدد على طرح هذه القضايا من حيث بيئة التعليم وتفاعل الطالب في طرح آرائه وصنع المناهج وتطويرها والمشاركة في تقويم أعضاء التدريس, وهو ما ننادي به جميعا من أجل صناعة الطالب المنفتح والمتقبل للنقد والرأي الآخر بعد أن يكون قد مارس ذلك مع من هو أعلى منه منصبا وأكبر منه عمرا وخبرة وتجربة.
ولا شك أن هذا المشروع الذي انتظرناه طويلا يعد الخطوة الأولى على طريق الألف ميل الصحيح, وكلنا ثقة بأن القائمين على هذا المشروع سينجزونه في وقت قياسي وبكفاءة عالية لنرى ثماره قريبا, بإذن الله, مع مراعاة المعالجة السريعة للتعسف الشديد والكثير من قبل الدكاترة الذين اعتادوا الدكتاتورية لسنوات طويلة من خلال دورات تأهيلية, ولا عيب في ذلك, فالعلم يطلب من المهد إلى اللحد, كما يمكن للقائمين على المشروع الإسراع في إزالة الإجراءات التعسفية أيضا مثل الإجراء الذي يطلب من الطالب دفع مبلغ 500 ريال لمراجعة ورقة الامتحان إذا أراد الطالب ذلك, وهو إجراء يمكن الاستغناء عنه بإجراء آخر أكثر منطقية إذا أرادت الجامعة الحد من المراجعة العبثية لبعض الطلاب الذين من المفترض أن يكونوا قلة قليلة إذا أحسنت الجامعة تربية الطالب وعززت ثقته بنفسه.
ختاما كلنا نلمس التغييرات الرائعة التي تمر بها جامعة الملك سعود بعد أن تسلم إدارتها الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن العثمان, وكلنا ثقة بأن جامعة الملك سعود ستكون الجامعة الأولى التي يغادرها آخر دكتور دكتاتور لنحتفل جميعا بذلك كما احتفلت العديد من الجامعات, ليسود في جامعاتنا الدكتور الأب المربي والمعلم المتمكن والقدوة المثالية, الدكتور القادر, بإذن الله, على صناعة جيل مترب ومتعلم ومفكر, جيل متوثب للعطاء والإنتاجية بسمات أخلاقية مستلهمة من أخلاقيات ديننا الإسلامي الحنيف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي