رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


"الصحة" .. تبريرات غلاء الدواء

منذ أمد ليس بالقصير والمواطنون يشتكون غلاء الدواء، بل تفاوت أسعاره من صيدلية إلى أخرى، وأحيانا ارتفاع سعر المنتج محليا على المستورد .. وقد قيل الكثير عن التجاوزات والمخالفات في تسعيره وصرفه وعن الاحتكار وتغيير أسماء الدواء الواحد كوسيلة لأسعار أعلى، ورغم تأكيد وزارة الصحة على أنها إنما أصدرت قرارا بتخفيض أسعار الأدوية، ورغم تهديدها ووعيدها بأنها سوف تتخذ إجراءات حازمة تجاه المخالفين للتسعيرات الجديدة، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن ما من جديد، فالأسعار في ارتفاع والشكوى في التياع!
الغريب العجيب في الأمر أن عدم الاكتراث بالاستجابة لقرار التقيد بالأسعار الجديدة المخفضة يتخذ له البعض التبريرات ما يعزز بقاء التسعيرات المرتفعة سارية المفعول إلى أطول مدى، لا يحدث هذا من قبل أصحاب الصيدليات أنفسهم كجهات مستفيدة من هذا الارتفاع، وإنما يصدر عن جهات إدارية مسؤولة عن شؤون الدواء أو صناعته، فجهة تؤكد أن تطبيق القرار يحتاج على الأقل إلى شهور، وجهة أخرى تدفع بهذه المدة إلى أمد أطول، أما لماذا؟ فكما تقول الجهتان، وكل حسب ( ليلاه!!)، إن الأدوية تتطلب وقتا طويلا لكي يوضع عليها أوراق التسعيرات الجديدة وغيرها من بيانات مثل مدة الصلاحية، الجهة المصنعة والدولة والوكيل وفقا لما هو متبع من إجراء في وزارة الصحة بداية فترة جديدة. لو كانت النية والجدية متوافرتين حقا لتطبيق قرار وزارة الصحة وجعله ساري المفعول فور صدوره لقامت الجهات المعنية بالوزارة بالمبادرة إلى تزويد الصيدليات بالتسعيرات المخفضة لجميع الأدوية في قوائم ريثما تتمكن هذه الجهات من إنجاز طباعة الأوراق المطلوبة لإلصاقها على العبوات الجديدة (إذ يفترض أن لدى الجهات المعنية عن شؤون الدواء في الوزارة قاعدة بيانات تتضمن كل أنواع وأسماء الأدوية بأسعارها وجهات صنعها..) وبدورها تقوم الصيدليات باطلاع العملاء على قوائم التسعيرة في حالة رغبتهم التأكد من أنهم يشترون أدوية حسب التخفيض المعتمد.
فهل يمثل هذا الإجراء عملا مستحيلا تعجز عنه وزارة الصحة - حفظها الله - التي تتوعد وتهدد ولم نسمع أو نقرأ أنها فعلت ما يثبت دفاعها عن تنفيذ ما صدر عنها من قرارات؟! إنه عمل، تحول دونه على ما يبدو فقط عادة التسويف المزمنة في الوزارة ومحاولات البعض إيهامنا: بأن التسعير ليس (لعبة!!) وإنما يحتاج إلى جهد جهيد يتطلب دهراً ودفعنا إلى الاعتقاد بأنهم فعلا حريصون على تقديم خدمات نوعية (جدا جدا) وهو موقف يفهمه أقل الناس فطنة، بأنه مجرد حيلة هشة لتصريف الأدوية الموجودة في المخازن والأرفف بأسعارها القديمة العالية بهدف تحقيق أكبر قدر من الأرباح على حساب المواطنين.
وإذا كان هذا البعض من (المهولائية) يزعم أنه إنما يريد بذلك وضع وثيقة قانونية مصدقة صادرة عن وزارة الصحة بين يدي العميل تمكنه من الاطمئنان فلماذا لم تصعد به غيرته على حماية المواطنين إلى المبادرة في الإعلان من خلال وسائل الإعلام وتنبيههم للتأكد من التسعيرات الجديدة وفقا للقوائم المقترحة الموزعة على الصيدليات والمختومة من الوزارة، وبالتالي تمكين المواطن في حالة الشك أو التلاعب من تقديم فاتورة الدواء إلى جهات الاختصاص.. أليس ذلك إجراء ممكنا ريثما يجد السادة في الجهات الإدارية وذات العلاقة بصناعة الدواء الوقت الكافي لوضع ملصقات التسعيرات الجديدة؟!
مثل هذا الإجراء يقطع الطريق على حالة اللا اكتراث من قبل الصيدليات ويدعم اطمئنان العملاء في الحصول على الدواء بالتسعيرة المخفضة.. وفوق ذلك يبقى على وزارة الصحة وجهاتها النهوض بمسؤوليتها في مراقبة ما يحدث في سوق الدواء من فوضى وأن تكون صارمة في اتخاذ التدابير والعقوبات, لا تكتفي بإصدار القرارات لإبراء الذمة فقط، وإنما في حراسة مهامها وفي تنفيذ ما يصدر عنها يوما بيوم، فقوة القرار في تطبيقه وليس في تحبيره!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي