خبراء الطاقة العرب: قمة الرياض عكست حرص "أوبك" على استقرار سوق النفط
يرى عديد من الخبراء أن بيان قمة أوبك الثالثة، أسهم في طمأنة الأطراف ذات العلاقة بتأمين الطاقة للعالم، وبخاصة أن الدول تعهدت باتخاذ إجراءات فاعلة في "سد الفجوة في مجال التنمية وتوفير الطاقة للعالم والحفاظ على البيئة في الوقت نفسه".
وبينما أكد أحد الخبراء أن البيان جاء "منصفا" اقتصاديا وبيئيا، فإن آخرين أكدوا أهمية الدور الذي يجب على الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك تأديته.
مراسلو "الاقتصادية" في السعودية والإمارات والكويت رصدوا رؤى خبراء في الطاقة والاقتصاد والسياسة. وفي ما يلي مجمل تلك الرؤى:
أكد الدكتور راشد أبانمي الاستراتيجي والخبير النفطي ، أن بيان قمة أوبك الثالثة، كان بمنزلة رد "صريح" على المطالبات بمقاضاة المنظمة، لافتا إلى أن الرد الحاسم تشكل في عدة نقاط، "من أهمها: أن "أوبك" تراعي مسؤوليتها بالموازنة بين المعروض والمطلوب... إضافة إلى تطمين حماة البيئة بأنها تتخذ إجراءات عملية وجادة في هذا الخصوص".
وكان البيان أكد أن عملية إنتاج موارد الطاقة واستهلاكها تفرض بعض التحديات الإقليمية والدولية وأن التطورات التكنولوجية لعبت دوراً مهماً في مواجهة تلك التحديات، وتوفير موارد بترول ملائمة للعالم من أجل تحقيق الازدهار والرفاهية، وأن منتجي البترول مدعوون لأن يلعبوا دوراً محورياً من أجل أن يوفروا للعالم احتياجاته من الطاقة المستقبلية والتعاون مع المجتمع الدولي من أجل مواجهة المشكلات الخاصة بالبيئة، "ونحن نشترك مع المجتمع الدولي مخاوفه في أن التغير المناخي يعد تحدياً، ونركز على دور الحكومات ودور المبتكرين والأسواق والتطور التكنولوجي في أي جهود تتخذ على المستوى الدولي أو الإقليمي، وأكد البيان أهمية الإجراءات الخاصة بمواجهة التغير المناخي إلى تتسم بالتوزان، ونضع في الحسبان أثرها في الدول النامية، بما في ذلك الدول التي تعتمد على إنتاج الوقود الأحفوري وتصديره، واتخاذ جميع الإجراءات من أجل مواجهة المشكلات الخاصة بانبعاث الغازات الدفيئة، وأيضا الاستفادة من آليات برتوكول كيوتو، والتركيز على أهمية تكنولوجيا البترول النظيفة من أجل الحفاظ على البيئة المحلية والإقليمية والتركيز على الاهتمام بتطبيق التكنولوجيا الخاصة بمواجهة مشكلات انبعاث الغازات الدفيئة ولاسيما آلية احتباس الكربون وتطبيقه".
وشدد الدكتور أبا نمي على أن بيان "أوبك" جاء "منصفا" للمنظمة اقتصاديا وبيئيا على وجه الخصوص، لافتا إلى أن مضمون البيان كان فيه "تحذير للقوي من استغلال القوة على الدول الضعيفة من خلال فرض نهج غير متوازن"، وبخاصة أن المنظمة دللت على أنها "ليست منظمة احتكارية... وأنها لا تعمل لمصلحتها فقط دون مراعاة المستهلكين".
قرار متوازن
من جهة أخرى، شدد وليد الرواف، رئيس شركة بتروليوم ون، على أن قمة أوبك لهذا العام خرجت بقرار متوازن وواقعي، ولم يخضع الرؤساء إلى الآراء المتطرفة والمغرضة والمستفزة. وزاد: "الثابت أن هنالك فائضاً في العرض، لذا جاء القرار متوازياً، ولم يربك السوق، وهذه تسجل لرئيس الجلسة، والدولة التي احتضنت القمة، فلم تنجرف لتسييس القرار رداً أو حتى تلميحاً لمن أراد جر القمة له. الأسعار أكثر من منطقية ومتجانسة مع رغبات المستهلك".
وذهب الرواف إلى حد التأكيد أن أغلب الدول المستهلكة وضعت ضرائب لا مبرر لها، ما رفع الأسعار دون سبب منطقي و"في هذه النقطة أيضاً خرج القرار مقراً لعدالة السعر الحالي دون أن يتطرق لما أثير خارجها".
ارتفاع الأسعار يعوض ضعف العملة
واتجه الدكتور فهد الفانك، الخبير الاقتصادي، إلى أبعد من ذلك حين قال: "إن البيان الختامي لمؤتمر "أوبك" هذه المرة يمثل مصالح دول أوبك "الحقيقة إذ لم نشاهد المنظمة تركض ـ وفقا للدكتور الفانك ـ باتجاه زيادة الإنتاج من احتياطيات أجيالها لخفض الأسعار" التي عدها الخبير الاقتصادي الأردني عادلة باعتبار أن الارتفاع الحاصل يأتي مع انخفاض الدولار، العملة التي يتعامل بها السوق النفطية، وهو الأمر ذاته الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية.
وقال الفانك: إن هذا الارتفاع يعوض ضعف العملة، ويبقي على السعر لبرميل النفط و وللثروات الأخرى التي تتخذ من العملة الأمريكية عملة رئيسة معقولا وعادلا، مؤكدا أن إبقاء البترول والعملات المحلية مرتبطة بالدولار يعود بالفائدة على الاقتصادات المحلية، ويحمي العملة من أن تواجه تغيرا دائما في سعر صرفها مع العملة الأهم في العالم.
إعلان الرياض تأكيد لمبادئ المنظمة
وأكد لهب عطا عبد الوهاب، رئيس وحدة البحوث الاقتصادية في شركة ياس للاستشارات، أن بيان مؤتمر قمة منظمة الدول المنتجة للبترول (أوبك) الثالثة التي عقدت في الرياض أخيرا، وعرفت بـ "إعلان الرياض" جاء تأكيدا للمعطيات والمبادئ التي كانت وما زالت منظمة أوبك متمسكة بها، ويتجلى ذلك في حرصها الكبير على توفير أسواق النفط بما هو مطلوب من إمدادات. وأشار إلى أن إعلان "أوبك" زيادة سقفها الإنتاجي بواقع 500 ألف برميل يوميا (بناء على توصيات المؤتمر الوزاري الذي عقد في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي بدءا من مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، لهو أبلغ دليل على ذلك.
وأوضح الخبير الاقتصادي والنفطي أن "أوبك" عبر تاريخها الطويل حرصت على تزويد الأسواق بالنفط الخام، والعمل كذلك على توفير طاقة إنتاجية فائضة لمقابلة أي نقص ممكن أن يحصل للإمدادات العالمية، مضيفا أن توجيه أصابع الاتهام للمنظمة كلما ارتفعت أسعار النفط يجانبه الصواب، خصوصا إذا علمنا أن الدول الصناعية تفرض ضرائب باهظة على البترول، وبالذات المشتقات البترولية (النفطية) كالكازولين، والديزل، والتي تصل نسبته في فرنسا، على سبيل المثال، إلى أكثر من 70 في المائة.
وأشار إلى أن الأمانة العامة لأوبك ترى أن الارتفاع الحالي في الأسعار لا تبرره أساسيات السوق من عرض وطلب، بل تتعلق بجملة أسباب خارج نطاق سيطرة المنظمة وعلى رأسها أن المضاربين في الأسواق يستغلون حالة السوق، والتي تعرف بأدبيات الطاقة بـ "حالة التراجع" backwardation، حيث يكون فيه السعر الآني أعلى من سعره للشهر الذي يليه في الأسواق المستقبلية، كما يحصل حاليا في بورصة نايمكس للمبادلات الآجلة، إضافة إلى النقص الحاد والمزمن في طاقات التكرير، حيث هناك عزوف واضح لكثير من الدول الصناعية، وخاصة الولايات المتحدة عن الولوج في بناء مصاف جديدة بسبب تكلفتها الباهظة من جانب وللشروط البيئية المتعددة التي يجب الالتزام بها من جانب آخر، علما بأن آخر مصفاة تم بناؤها في الولايات المتحدة الأمريكية تعود إلى عام 1976.
وتابع لهب عطا عبد الوهاب، أن المشكلات الفنية التي تعانيها المصافي تجعلها لا تقوى على معالجة النفوط الثقيلة، وهي من أنواع النفوط الفائضة حاليا في الأسواق مؤكدا أن انخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسة الأخرى، وخاصة اليورو لعب دورا في ارتفاع الأسعار إلى معدلات قياسية، لاسيما أن سلعة النفط لا تزال تسعّر بالدولار في السوق العالمية، وزاد: برزت خلال مداولات قمة أوبك الثالثة خلافات حادة وكبيرة حول تسعير النفط تجلّت في انقسام المنظمة إلى معسكرين الأول معسكر تقوده فنزويلا وإيران والأكوادور (التي عادت عضويتها إلى المنظمة بعد تعليق دام أكثر من عقد) وكذلك بذلت جهدا كبيرا في تسييس المداولات والمطالبة بأن تلعب "أوبك" دورا سياسيا أكبر مما تقوم به الآن، ولم يخل ذلك من مماحكات وإشارات إلى العدو المشترك لإيران وفنزويلا (الولايات المتحدة الأمريكية)، حيث طالب ذلك المعسكر الدول الأعضاء بأن يتضمن البيان الختامي إشارة إلى ذلك، بالمقابل رأى المعسكر الثاني بقيادة السعودية وبعض الدول الخليجية والعراق ضرورة التروي والتأني عند معالجة مثل هذا الموضوع، وبالتالي لا بد من تركه للجهات الفنية ممثلة في وزراء مالية الدول الأعضاء لدراسة مثل هذا الإجراء.
وبين أن الدعوة إلى إعادة النظر في تسعير النفط هي ليست بالدعوة الجديدة، إذ حدث ذلك أكثر من مرة خاصة خلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات حين تنامى إلى مسامع الكثيرين ضرورة تبني سلة من العملات لتسعير النفط بدلا من الدولار، إلا أن سرعان ما هدأت هذه الدعوة بعد أن استرد الدولار عافيته.
دور مؤثر للعوامل السياسية
وأكد أنه كان للعوامل السياسية دور لا يستهان به في الارتفاعات الحالية في الأسعار جسدتها العوامل الجيو سياسية في العديد من الدول المنتجة الرئيسة، ومن ذلك، على سبيل المثال، لا الحصر، تهديد تركيا باجتياح شمال العراق على خلفية وجود حزب العمال الكردستاني على أراضيه، ما يهدد بتوقف الإمدادات من مدينة كركوك إلى ميناء جيهان التركي، والتي تقدر بنحو 250 إلى 300 ألف برميل يوميا.
وأضاف: كما أن التهديدات الغربية باللجوء إلى عمل عسكري والتوسع في العقوبات الاقتصادية ضد إيران على خلفية ملفها النووي يثير هلع الأسواق خاصة إذا ما أقدمت إيران بعمل مماثل كغلق مضيق هرمز الذي يعد رئة التجارة البترولية في العالم، إذ تمخره ناقلات عملاقة، مشيرا إلى أن متوسط النفط الذي يعبر هذا الشريان يبلغ نحو 17.5-18 مليون برميل يوميا .
وتابع أن هناك دولاً منتجة أخرى كنيجيريا تشهد قلاقل سياسية أفضت إلى توقف الإمدادات، إذ أدت العمليات العسكرية لثوار (دلتا النيجر) إلى حجب 550 ألف برميل يوميا عن الأسواق، وهو ما يعادل ربع الإنتاج النيجيري. ورأى أن تضافر هذه العوامل مجتمعة ألقى بظلاله على التطورات التي تشهدها السوق النفطية حاليا والذي توضحه حالة التقلبات في الأسعار.
وأكد أن قمة "أوبك" أو ما اصطلح عليه إعلان الرياض شددت في بيانها الختامي على الحاجة الماسة إلى ضمان الأمن والسلم العالميين لما لذلك من تأثير في أمن إمدادات الطاقة. وبين أن إعلان الرياض جاء متطابقا لتوقعات العديد من المراقبين، إذ خلا الإعلان عن أي ذكر لزيادة في سقف إنتاج المنظمة، وهو الأمر الذي كانت تضغط عليه بشدة الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخرى التي ترى أن عدم قيام "أوبك" بزيادة الإنتاج لمقابلة النمو في الطلب العالمي على النفط (الذي يعزز من نمو الاستهلاك في الهند والصين) يضر بمصالح المستهلكين والمنتجين سواء بسواء. وأشار إلى أن من أبرز الإيجابيات التي تضمنها إعلان الرياض هو ما أبداه الملوك والرؤساء من اهتمام في قضايا البيئة والتغيرات المناخية والاحتباس الحراري جسده الإعلان عن إنشاء برنامج أو صندوق للبحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة بمبلغ وصل إلى 750 مليون دولار تشمل إسهام كل من السعودية بمبلغ 300 مليون دولار والكويت والإمارات وقطر التي خصصت كل منهما 150 مليون دولار للغاية المذكورة.
ورأى أن تبني إنشاء مثل هذا البرنامج يعزز من رؤية الدول الأعضاء في المنظمة على ضرورة التوسع في الاستخدامات التكنولوجية الحديثة لإنتاج طاقة نظيفة وصديقة للبيئة بما في ذلك الطاقات المتجددة كطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وطاقة الوقود الحيوي. وأضاف: كذلك سيعزز من تطلع أوبك من خلال تعاونها مع المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية الأخرى على المسؤولية الجماعية الملقاة على الدول المنتجة والدول المستهلكة لحماية كوكب الأرض من الأضرار الناجمة عن النشاط الإنساني. وقال: إن الحوار الذي أجرته وتجريه "أوبك" مع دول الاتحاد الأوروبي يصب في هذه الخانة. وأكد أن أهم ما تجلى في مداولات مؤتمر قمة "أوبك" الثالثة هو ما جاء على لسان أمينها العام عبد الله البدري، ووزير الثروة والمعادن السعودي المهندس على النعيمي من خلال تأكيدهم أمن الطاقة بشقيه: أمن الإمدادات، وأمن الطلب، فإذا كانت الدول المستهلكة لا تمل من التأكيد على ضرورة خلق المناخ الملائم لتدفق آمن للإمدادات، فإن الدول المستهلكة المنتجة عليها في المقابل أن تضمن الطلب الآمن على نفوطها، إذ ما جدوى إنفاق مليارات الدولارات، ولا سيما أن دول المنظمة باشرت في تنفيذ مشاريع متعددة لزيادة الطاقة الإنتاجية من مشتقات النفط تفوق في مجموعها 500 مليار دولار خلال الفترة من 2005-2020 لزيادة إنتاج دول المنظمة بمعدل تسعة مليارات برميل يوميا بحلول عام 2020 دون أن يقابل ذلك طلب واضح ومحدد على نفوطها.
أطراف فاعلة خارج "أوبك"
أكد عدد من الخبراء والمختصين في شؤون الطاقة في الإمارات، أن تعهد زعماء "أوبك" بتقديم رسالة قادة منظمة أوبك "التطمينية" فيما يخص إمدادات النفط مهمة بالنسبة لاستقرار أسواق النفط, لكن هناك أطرافا فاعلة أخرى غير أوبك لها دورها أيضا في تهدئة الأسواق واستقرارها في مقدمتهما المنتجون من خارج "أوبك". وأكد الخبراء أن خلو البيان الختامي من الإشارة إلى موضوع تراجع قيمة الدولار لم يكن مفاجئا لأن هذا الموضوع لم يكن على جدول أعمال القمة.
ولفتوا إلى أن فكرة صندوق أبحاث الطاقة فكرة خلاقة وسابقة على صعيد "أوبك" والصعيد العالمي، وهي تعكس حسن نوايا أعضاء المنظمة، وحرصهم على البيئة النظيفة وهذه مسؤولية عالمية لا تخص "أوبك" وحدها.
وأكد الدكتور عدنان شهاب الدين، أمين عام "أوبك" سابقا، عضو مجلس إدارة الشركة الوطنية لمشاريع التكنولوجيا، أن القمة الثالثة لمنظمة أوبك التي استضافتها الرياض أخيرا عكست في قراراتها وتداولات القادة وفي البيان الختامي مدى حرص المنظمة على استقرار أسواق النفط والابتعاد عن التذبذب حتى فيما يخص الأسعار, وهذا الحرص على استقرار سوق النفط ليس وليد قمة الرياض وإنما على الدوام. حرصت دول المنظمة على ضخ كميات كافية للأسواق وعلى استخدام السعة الإضافية لديها كي تؤمن الإمدادات اللازمة والمطلوبة من هذه المادة الحيوية للسوق العالمية, وهذا يعكس حرص "أوبك" على استقرار سوق النفط العالمية وإبعادها عن شبح التذبذب.
وفيما يخص تبرع بعض دول المنظمة بمبالغ كبيرة للأبحاث في مجال الطاقة والبيئة أكد الدكتور شهاب أن مبادرة المملكة بالتبرع بمبلغ 300 مليون دولار لصالح هذه الأبحاث وتبرع الإمارات وقطر والكويت بـ 450 مليون دولار للغاية ذاتها يعكس مدى حرص هذه الدول على التخفيف من الآثار السلبية لاستخدام النفط على البيئة, فالصندوق المقترح سيمول الأبحاث التي تساعد على أن يكون النفط صديقا للبيئة, وأن يكون استخدام النفط سليما ومستداما من خلال التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وأكد الدكتور شهاب الدين أن مبادرة المملكة بوضع نواة هذا الصندوق تفتح المجال لأن يكون الصندوق المقترح عالمياً وليس خليجياً فقط، فالنرويج وكندا وغيرها من المنتجين من خارج "أوبك" يمكن أن يساهموا في دعم الصندوق لأن الأبحاث التي سيمولها الصندوق ستنعكس آثارها الإيجابية على حالة المناخ العالمي.
وفيما يخص عدم تطرق البيان الختامي لموضوع ضعف الدولار، أوضح الدكتور شهاب الدين أنه كان معروفا مسبقا أن قادة دول المنظمة لن يعبروا في البيان الختامي لقمتهم في الرياض عن قلق إزاء المستوى الضعيف للدولار، كما كانت ترغب في ذلك إيران وفنزويلا، وأكرر هنا ما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، إن موقفا كهذا قد يأتي بنتائج عكسية، حيث اقترح ترك الموضوع للجهة المختصة، وهي وزراء المال. علما بأنه ليس كل دول "أوبك" تبيع كل نفطها بالدولار، فإيران مثلا تحصل على نحو 70 في المائة من إيرادات صادراتها للنفط بعملات غير الدولار.
الإمدادات طرف في المعادلة
وعدّ درويش القبيسي، من المركز الدولي لأنظمة الماء والطاقة، أن تعهد قادة دول "أوبك" بتقديم إمدادات نفطية كافية، وفي وقتها للسوق أمر ضروري لاستقرار السوق النفطية شديدة الحساسية, ولكن الإمدادات تشكّل أحد أطراف معادلة السوق النفطية التي تحكم أحيانا فيها المضاربون الذين هجروا في بعض الأحيان أسواق الأسهم والعقارات العالمية، واتجهوا إلى سوق النفط. ولفت القبيسي إلى أن التنسيق ما بين دول منظمة أوبك والمنتجين من خارج المنظمة أمر ضروري ومطلوب لصالح استقرار أسواق النفط، وكذلك الأمر مع الدول المستهلكة الأساسية أي الدول الصناعية. وختم القبيسي تصريحه لـ "الاقتصادية" بالإشارة إلى أن قمة الأوبك الأخيرة التي استضافتها الرياض عموما كانت ناجحة خاصة أنها عكست وحدة موقف دول المنظمة وانسجام أعضائها، وهذه ناحية في غاية الأهمية. فأي اختراق للمنظمة أو شرخ وتباين في موقف أعضائها ليس لصالح سوق النفط العالمية، ولا لصالح استقرارها, وهو بالتأكيد يخالف مصالح دول أوبك.