بديل آخر لمقال "لنتعلم من دبي"
كان مقال الدكتور عبد الرحمن الزامل الذي نشر في هذه الصحيفة في 16 شباط (فبراير) الماضي والمعنون "لنتعلم من دبي" مهماً كونه طرح في وقت تشهد السوق العقارية والمالية للمملكة ودول الخليج تغيراً هيكلياً ملحوظاً. وقد استغربت كيف أن حكومة دبي لم تقم بتنظيم المساهمات العقارية، ولم تلتفت إليها، إلا وقد وقعت الفأس في الرأس، وأصبحت المشاريع العقارية المتأخرة في التنفيذ قلقاً يساور المستثمرين في القطاع العقاري في دبي. وكان يمكن لدبي أن تستفيد من ضياع مليارات الريالات في المساهمات العقارية في بعض الدول العربية، وتوجد حلاً منذ البداية. وزاد استغرابي أن نظام (قانون حسابات ضمان التطوير العقاري في دبي) جاء هو الآخر متأخراً للغاية رغم أنه معروف في عالم التجارة، وخصوصاً عند تأسيس الشركات، حيث يفتح حساب مماثل يسمى screw account حتى يدفع رأسمال الشركة كاملاً، ومن ثم يبدأ الصرف الفعلي لتنفيذ مشاريع الشركة, لذا فإن نظام دبي ليس خلاقاً.
والبديل الذي أطرحه هنا هو ما تقوم به المملكة حالياً بإنشاء صناديق عقارية تحت رعاية مدير اكتتاب (بنك استثماري مرخص له)، ويحرسه مستشار قانوني مستقل، ومحاسب ومراجع خارجي، ومجلس إدارة مسؤول ومشرف على أداء الصندوق، ويعمل على التزام الصندوق بمعاييره وسياساته وتحقيق أهدافه. ومن الأمثلة على ذلك صندوق سامبا العقاري، وصندوق الراجحي، وصندوق كسب العقاري.
والصناديق العقارية هي صناديق استثمارية لها عوائد وأداء متوقع، تتحقق عبر التزام الصندوق بتنفيذ المشروع العقاري المستهدف. وللصندوق مذكرة اكتتاب توضح طريقة الاشتراك، وعدد الوحدات وقيمتها الاسمية، وطريقة التخارج عبر انقضاء مدة الصندوق أو خلال عمر الصندوق، حيث يسمح بالتخارج بين الشركاء أو بينهم وآخرين خارج الصندوق، ناهيك عن أن بعض الصناديق توزع أرباحا دورية إن وجدت. ويعيب الصندوق العقاري الرسوم المتعددة والمتراكبة فهناك رسوم اشتراك، ورسوم إدارة، ورسوم تحقيق نجاح، وغيرها من رسوم. وهناك صعوبة في التخارج حيث إن معظم الصناديق لا تسمح بالتخارج إلا بعد انقضاء عمر الصندوق، الذي قد يمدد في حال تأخر تنفيذ المشروع العقاري.
وبقراءة سريعة للصناديق العقارية السعودية الحالية نجد أنها تفرض رسوما عالية. ففي صندوق كسب وصلت مجمل الرسوم نحو 50 في المائة من قيمة وحدة الصندوق، فقد وصلت تكلفة الوحدة 15 ريالا رغم أن القيمة الاسمية للوحدة هي عشرة ريالات. كما أنا هناك مخاطر للصندوق حيث اعتمد على مشروع واحد عبارة عن تطوير أراض خام في جنوب الرياض. وميزة صندوق كسب أن عمره قصير (سنتان فقط)، واتسم بشفافية عالية. على عكس الصناديق العقارية التي طرحت في بدايات نشأة هيئة السوق المالية، حيث لم تطرح مذكرة اكتتاب مفصلة ومفصحة أثناء الطرح، مما يجعل الحكم عليها أو التعليق عليها أمرا صعباً.
وعلى أية حال، يظل وجود صناديق عقارية أكثر أمناً وحفظاً لأموال المساهمين، وتوفر بعض الصناديق مرونة الاشتراك والسحب. وكلما زادت عدد المشاريع العقارية التي يحتويها الصندوق، كلما انخفضت مخاطره. والصناديق العقارية في اعتقادي (وللأسباب التي ذكرتها) هي أفضل من مجرد فتح حساب ضمان عقاري لتمويل المشروع العقاري. ولذلك فإنني أطرح الصناديق العقارية كبديل لمسألة حساب الضمان العقاري رغم اعترافي أنني لم أطلع على تفاصيل نظام دبي إلا ما قرأته في مقالة الدكتور الزامل.