هل حقا توقفت الزراعة في المربع الأول يا د. ساعاتي؟
ما إن فرغت من قراءة مقال الدكتور أمين ساعاتي في جريدة "الاقتصادية" بعنوان "تجربة الزراعة وتحقيق الأمنيات" حتى تذكرت قوله تعالى "يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم والوالدين والأقربين .. "الآية, صدق الله العظيم.
وتعجبت كيف يمكن أن يكون الإنسان بعيدا عن العدل والإنصاف إلى هذا الحد؟ نعم, إلى الحد الذي يجعل فيه الزراعة عند جميع رجال الأعمال قضية استيراد وليست قضية إنتاج وتصدير؟ ويجعل من القطاع الزراعي قطاعا توقفت به عجلة الزمن عند المربع الأول, أي منذ نصف قرن تقريبا دون تطور.
وأن السياسة الزراعية فتحت المجال فقط أمام المستغلين للدخول في مجال لا يخصهم, وإنما الدخول فيه من أجل الكسب غير المشروع ولذلك كانت النتائج سلبية وعاجزة عن النهوض بقطاع الزراعة.
هذه الكلمات والأوصاف كلها وردت في مقال أخي الدكتور أمين ساعاتي الكاتب الاقتصادي السعودي وليس كاتبا آخر من خارج المملكة ولا يعيش فيها وبالتالي لا يرى على مائدته يوميا, بل ولا يمكن أن تخلو منها صباحا أو مساء من منتج وطني يجيب عن تساؤله: هل نحن فعلا ما زلنا في المربع الأول أم لا؟
لست هنا في معرض الدفاع عن وزارة الزراعة أو غيرها من الوزارات, فهذا ليس شأني, وأعتقد أنه شأن إدارة العلاقات العامة في تلك الوزارات بل الواجب يحتم عليها توضيح أي تساؤل يثيره الرأي العام, وإنما أعرب هنا عن استياء العديد من العاملين في القطاع الزراعي الذين تحدثوا معي وبعضهم ممن قضى مثلي أكثر من 20 عاما يجوبون مناطق المملكة المترامية الأطراف, حفرا لبئر أو زراعة خضراوات في بيوت محمية أو حصادا لمحصول قمح أو خلافه لتوفير منتجات وطنية من القمح والخضراوات والألبان والدواجن تعمر بها مائدة الدكتور ساعاتي. ليتم اتهامهم لاحقا بأنهم مستغلون دخلوا في القطاع الزراعي من أجل الكسب غير المشروع.
فأين الأرقام التي تكرم الكاتب الدكتور الساعاتي وطالب بالعودة إليها لتكون حجة للقطاع الزراعي أو عليه؟
شخصيا لن أستعرض أيا من الأرقام في هذا المقال, ولكنني أدعو فقط الكاتب الاقتصادي المتخصص أن يستعرض بعد الاطلاع على أي كتاب زراعي إحصائي, وهو متوافر لدى قسم الإحصاء في وزارة الزراعة, أو طلب أي بيانات أو دراسة لأي محصول أو منتج زراعي يرغب من الإدارة الزراعية في غرفة الرياض أو اللجنة الوطنية الزراعية في مجلس الغرف السعودية.
ومن ثم يجيب بكل عدل وإنصاف عن التالي:
أولا: كم بلغت نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي مقارنة بالمربع الأول؟
ثانيا: كم بلغ حجم الاستثمارات الوطنية الزراعية لتاريخه؟
ثالثا: ما إجمالي المساحة الحالية المزروعة بالقمح التي جعلت المملكة تكتفي ذاتيا من هذا المحصول الاستراتيجي الذي يوفر الخبز على موائدنا يوميا مقارنة بالمساحة المزروعة في المربع الأول؟ وكم سيكلف الدولة لو قررت حاليا شراءه من الخارج؟
رابعا: ما إجمالي المساحة المزروعة بالخضراوات المختلفة التي جعلت المملكة مكتفية ذاتيا بإنتاجها الوطني من معظم محاصيل الخضراوات الرئيسية؟
خامسا: كم عدد مشاريع الألبان في المملكة؟ وكم طنا من الألبان ومنتجاتها المختلفة تنتج المملكة سنويا من أجود أنواع الألبان في المنطقة, مقارنة بنوعية الألبان التي كنا نستهلكها في المربع الأول؟
سادسا: كم عدد مشاريع الدواجن في المملكة؟ وكم بلغ إنتاج المملكة سنويا من اللحوم البيضاء؟
سابعا: كم بلغ عدد العاملين في القطاع الزراعي لتاريخه؟ وما نسبة السعودة فيه مقارنة بغيره من القطاعات؟ وكم عدد المواطنين الذين أصبح الاقتصاد الزراعي المشغل الأساسي لهم مقارنة بما كان عليه الوضع في المربع الأول؟
بانتظار إجابة الدكتور أمين ساعاتي الحرة والشجاعة من أجل أن نتمكن سويا من الإجابة عن سؤاله, الذي أثاره في مقاله وهو: "نحو 55 عاما أي أكثر من نصف قرن والسؤال الذي يطرح نفسه هو: حل حققت وزارة الزراعة ما بشر به الملك سعود ـ رحمه الله, أم أننا ما زلنا نقف في المربع الأول؟".
نائب رئيس اللجنة الوطنية الزراعية
مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية