الأسواق الآسيوية ما زالت في مرمى الائتمان الأمريكي
أدت المخاوف المرتبطة بأزمة المساكن، التي تعد الأسوأ منذ ما عرف بالكساد العظيم، التي لا تزال تخيم على الأسواق العالمية إلى هبوط معظم أسواق الأسهم الرئيسية أو في أفضل حالاتها ظلت على ارتفاعات بسيطة، فيما كانت الهند الاستثناء الوحيد بين الأسواق التي تمت تغطيتها في هذا التقرير، إذ ارتفعت سوقها بنسبة 3.36 في المائة مدعومة بالمزايا النسبية لأسواق الأسهم المحلية المزدهرة في البلاد. ويصعب تجنب هذه المخاوف عندما ننظر إلى تقديرات البنوك المختلفة التي تضع الخسائر المرتبطة بالائتمان, التي قدرت بحدود 400 مليار دولار والخسائر الناجمة عن الإقراض بشكل عام في حدود تريليوني دولار. وانخفضت الأسواق التي تعتمد على الصادرات كسوق هونج كونج والسوق اليابانية بنسبة 4.06 في المائة و2.75 في المائة على التوالي، ذلك على إثر المخاوف من ارتفاع أسعار العملات وتدهور أداء أكبر الاقتصادات العالمية. واستطاعت مؤشرات ناسداك, داو جونز, وستاندر آند بورز تحقيق ارتفاعات طفيفة. فقد ارتفع مؤشر داو جونز بأكثر من 1 في المائة في حين ارتفع مؤشرا ناسداك وستاندر آند بورز500 بنسبة .035 في المائة لكل واحد منهما. وظل مؤشر السوق الصينية دون تغيير بينما انخفض مؤشر فاينانشيال تايمز100 بنسبة 0.22 في المائة.
الولايات المتحدة
ظلت الأسهم الأمريكية مقيدة في تحركاتها, حيث انخفضت في بداية الأسبوع ثم أنهت الأسبوع على ارتفاع طفيف. ولم تفلح مبيعات التجزئة الأمريكية، لتشرين الأول (أكتوبر)، التي ارتفعت بنسبة بسيطة بلغت 0.2 في المائة بسبب ارتفاع أسعار النفط في تجديد نشاط السوق. ولم يكن هناك بدًُ من أن تسوء الأوضاع الاقتصادية مع تقليص المواطنين الأمريكيين إنفاقهم الاستهلاكي لدفع فواتير الوقود المرتفعة. عموماً يمكن القول إنه تم احتواء الوضع بشكل أفضل مقارنة بالهبوط الحاد في السوق خلال الأسبوع الماضي. وسجل مؤشرا ناسداك وستاندر آند بورز500 ارتفاعاً بنسبة 0.35 في المائة لكل منهما ليغلقا الأسبوع عند مستوى 2.637.24 نقطة و1.458.74 نقطة على التوالي. أما مؤشر داو جونز فقد ارتفع بنسبة 1.03 في المائة على أثر عمليات الشراء التي تمت في بعض الأسهم ذات الميزة النسبية في الأسواق المنخفضة.
وعلى صعيد أخبار السوق، تخطط البنوك الأمريكية الكبيرة وبالتحديد بنك أوف أمريكا وسيتي قروب وجي بي مورجان شيس، لإنشاء صندوق تبلغ قيمته 75 مليار دولار ويهدف إلى دعم استقرار أسواق الائتمان. ومن ناحية أخرى، تخطط شركة فيزا، وهي إحدى كبريات شركات عمليات الدفع المقدم عن طريق البطاقات الائتمانية، لطرح أسهم للاكتتاب العام الأولي تبلغ قيمتها عشرة مليارات دولار, وهي مرشحة لتكون ثاني أكبر عملية من نوعها في الولايات المتحدة. وفي ظل الأحداث الاقتصادية السائدة فإن الأمل ضئيل في حدوث أي مفاجآت إيجابية في بيانات المساكن الأسبوع المقبل. ومن جانب آخر، فإن هناك عدداً قليلاً من الشركات والقطاعات، كقطاع التقنية، التي مازالت على أدائها الجيد رغماً عن الظروف الصعبة للأسواق. وينبغي على المستثمرين البحث عن الشركات البارزة على مستوى العالم أو تلك التي لديها مزايا نسبية مقارنة بنظيراتها، رغماً عن قلتها، لحماية استثماراتهم من تداعيات تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي.
آسيا
أغلقت الأسواق الآسيوية الأسبوع بأداء متباين, إذ تراجع معظمها على أثر المخاوف العالمية, بينما ظل البعض الآخر مرتفعاً متأثراً بقوة الاقتصادات المحلية. ولم يؤد ارتفاع معدل النمو في الناتج المحلي الياباني لربع العام من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر) الذي كان أعلى من المتوقع وبلغ 0.6 في المائة إلى طمأنة المستثمرين إذ انخفضت الأسهم اليابانية بنسبة 2.75 للأسبوع. وأبقى بنك اليابان المركزي على سعر الفائدة دون تغيير عند 0.5 في المائة. ويبدو أن المستثمرين يتملكهم الخوف أكثر من الين القوي الذي ربما يؤدي إلى خفض الأرباح بالعملة المحلية نظراً لاعتماد معظم الشركات الكبيرة على التصدير. وأغلق مؤشر نيكاي 225 الأسبوع عند مستوى 15,154.61 نقطة.
ومن جانب آخر، لم تظهر الصين أي علامات تباطؤ في اقتصادها, حيث قفزت استثماراتها في المصانع والأراضي والأصول الأخرى في المناطق الحضرية بنسبة 27 في المائة خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى تشرين الأول (أكتوبر) من هذا العام. وإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة تبذل مجهودات كبيرة لكبح جماح هذا الارتفاع. ويتوقع أن تعمل الحكومة على زيادة معدلات الإقراض الحكومية لأجل عام واحد التي تبلغ حالياَ 7.29 في المائة, وهو أعلى مستوى لها منذ تسع سنوات. وبعد أن ظلت الأسهم الصينية المسجلة في سوق هونج كونج تسجل ارتفاعاًَ خلال ثلاثة أشهر السابقة، إلا أنها تمر حالياًَ بموجة انخفاض بسبب عمليات جني الأرباح والمعوقات الوشيكة المتعلقة بالسيولة. وسجل مؤشر هانج سنج انخفاضاًَ بنسبة 4.06 في المائة وأغلق الأسبوع عند مستوى 27.614.43 نقطة.
وتظهر الهند حالياً علامات لفك الارتباط بالأسواق العالمية, إذ يحقق اقتصادها النامي معدلات نمو أسرع مقارنة بمعدلات النمو في البلدان المتقدمة، وهذا السلوك يعبر عن تحول اقتصادي كبير. وقد يكون الارتفاع الذي حدث خلال الأسبوع ظاهرة مؤقتة ناتجة عن استثمارات صغار المستثمرين وليس الأموال الأجنبية الأكثر تأثيراً في السوق. هذا، وقد قفز مؤشر بي إس إيه 30 القياسي بنسبة 3.36 في المائة ليغلق الأسبوع عند مستوى 19.698.36 نقطة.
أوروبا
نظراً لاعتبار لندن أكبر مركز مالي متكامل، بعد نيويورك، فإنها تحظى بارتباط قوي وعلاقات وثيقة مع نظيراتها من المراكز المالية الأمريكية. وفي هذا الصدد فقد أدت المخاوف المستمرة حول قضايا الائتمان إلى التأثير سلباً في القطاعات المالية. فقد انخفض مؤشر فاينانشيال تايمز100 انخفاضاًَ هامشياً بنسبة 0.22 في المائة ليغلق عند مستوى 6.291.20 نقطة.
أسواق النفط
سجلت أسعار النفط انخفاضاً من الأسعار القياسية التي بلغتها الأسبوع الماضي. وبلغ سعر البرميل من خام النفط للتسليمات الآجلة في بورصة نيويورك في نهاية الأسبوع 95.1 دولار. وانخفض سعر النفط يومي الإثنين والثلاثاء استجابة لتعليقات المسؤولين السعوديين قبيل انعقاد اجتماع قمة رؤساء دول منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" في الرياض, التي ألمحت إلى أن المنظمة ربما تقرر زيادة إنتاجها في اجتماعها الوزاري في أبو ظبي الشهر المقبل لدعم استقرار أسواق النفط. وعزز هذا الانخفاض كذلك، تعديل وكالة الطاقة الدولية توقعاتها, حيث صرحت بأن الطلب العالمي سينخفض في الشتاء. بيد أن النفط سجل ارتفاعاً حاداً يوم الأربعاء استناداً إلى مخاوف تتعلق بمخزونات النفط الاحتياطية الأمريكية والتعليقات حول مخاوف التضخم التي صدرت عن بعض دول "أوبك". ولكن أسعار النفط عادت لتسجل انخفاضاًَ يوم الخميس ثم ارتفعت مرة أخرى يوم الجمعة وأغلقت الأسبوع بخسارة بنسبة 1.28 في المائة. وتتجه جميع الأنظار الآن صوب اجتماع القمة لمنظمة "أوبك" في نهاية الأسبوع رغماًَ عن أن بعض الدوائر في "أوبك" تقر بأن سلطة تسعير النفط أصبحت خارج نطاق إرادتهم, ما يشير إلى أن العامل المحرك لارتفاع أسعار النفط ليس النقص في المعروض النفطي.
أسعار العملات
شهدت الأشهر القليلة الماضية تأثر جميع الأسواق، بما فيها أسواق العملات بكوارث الائتمان. ولم يكن هذا الأسبوع مختلفاًَ عن الأسابيع السابقة حيث كانت القضايا المتعلقة بالائتمان وآثارها الاقتصادية هي الموضوع الرئيسي لتوزيع الأصول وتدفقات الأموال بين الدول. وسجل الدولار الأمريكي ارتفاعاً مقابل جميع العملات العالمية الرئيسية وأغلق الأسبوع عند سعر 1466 دولارا لليورو، و 111.08 للين الياباني. وخلال الأسبوع الماضي، هبط الدولار الكندي مقابل جميع العملات الرئيسية بنسبة راوحت بين 0.93 في المائة و3.38 في المائة. وسجل الجنيه الاسترليني أيضاًَ انخفاضاًَ أمام العملات الرئيسية إذ أغلق الأسبوع عند سعر 2.05 مقابل الدولار الأمريكي. أما الفرنك السويسري فقد ارتفع أمام جميع العملات ما يشير إلى تسوية جميع معاملات المتاجرة بالعملات.