رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما مدى خطط التعليم الطبي والنظام الصحي؟

[email protected]

ذكرت في مقالات عدة سابقة أن توخي الحذر في المنعطفات الصحية المقبلة ضروري لما يكتنف ذلك من إلزامية التكامل في التنظيم والتخطيط ووضوح الأهداف ومحدودية المدد لنجاح المشاريع الصحية. إن توجه وزارة الصحة إلى تطوير خدمات الرعاية الصحية الأولية في المملكة لترتقي إلى تطلعات وطموحات المواطن والمقيم بتنفيذ برنامج "طبيب أُسرة لكل أُسرة" يعني أن جميع الجهات المقدمة للخدمات الصحية ودون تحديد إضافة إلى مؤسسات التعليم العالي والهيئات ذات العلاقة والجمعيات المتخصصة ستقوم بتعزيز هذا المشروع بأدوار أتوقع لها شأنا كبيرا في إنجاحه. هذا النظام الصحي الطموح يتوقع له أن يقوم على خدمات سبعة آلاف طبيب أسرة وأمثالهم تقريبا من المساعدين الصحيين وغيرهم من الإداريين, وستستخدم فيه أحدث التقنيات ووسائل الاتصالات للتواصل مع المجتمع ومؤسساته المدنية ذات العلاقة على مستوى المملكة. أحد متطلبات هذا البرنامج وأهم روافده هم المحركات المستقبلية لهذا البرنامج "الأطباء", فالعدد ليس ببسيط والسياسات والإجراءات محدودة ومعينة ولابد أن تؤدى بوحدة عمل واحدة ومنظمة على مستوى المناطق كافة. هذا يعني التركيز على التأهيل والتعليم الطبي والصحي لجميع العناصر المعتمد عليها هذا المشروع التي ستكون معظمها من الدول العربية, ولكن ما خطتنا التنفيذية محليا خلال السنوات العشر المقبلة من حيث التأهيل وأداء الخدمة؟
من وجهة نظر خاصة التعليم الصحي بشكل عام والطبي بشكل خاص لابد أن تخصص لهما وتقام مؤتمرات سنوية وورش عمل نصف سنوية تدعم مسيرته وتحافظ على جميع المكتسبات لتعزيز مثل هذه البرامج الصحية التي تشكل عصب النظام الصحي في الدولة. جامعة الملك سعود أقامت المؤتمر السعودي الأول لـ "مسيرة التعليم الطبي في السعودية" عام 1425هـ وهاهي وزارة الصحة على مشارف إقامة المؤتمر السعودي الأول للتعليم الطبي هذا العام 1429هـ, الذي ستركز فيه على مناقشة الوضع الحالي والتحديات التي تواجه التعليم الطبي. هذا يعني أن تخريج كوادر متخصصة في طب الأسرة على سبيل المثال يعني وضع استراتيجية تصونها وتحافظ على تحقيق أهدافها كل الجهات التي تعنى بالتعليم العالي حكومية وأهليته, والجهات المقدمة للخدمات الصحية تشريعا وتنفيذا معتمدة على نتائج وتوصيات هذه اللقاءات المثمرة السابقة واللاحقة. قد أنوه هنا إلى أهمية النظر بشمولية اقتصاديا وإداريا بجانب التأهيل العلمي والطبي من حيث أساس تطبيق النظام وآليته وعلى أي مدى, ومن ثم نشره في مختلف الوسائل. إما تخصصيا فمن المتوقع أن نهتم بـ (أ) آلية القبول في كليات الطب السعودية من حيث التوفيق بين الأعداد المطلوب تخرجها ومدد البرامج التأهيلية والحاجة إلى سد العجز. (ب) مراعاة المحتوى وجودة الخريجين في التخصص نفسه. (ج) الاهتمام بالتقنية المستخدمة وتوقعات ما سيكون عليه الحال خلال عشر سنوات على الأقل, فالصحة الإلكترونية بجميع تفرعاتها يتوقع لها أن تستحوذ على جزء كبير من آليات التعلم وأساليب المباشرة الوقائية والعلاجية. (د) علاقة الثلاثي "الطبيب (كأستاذ أو ممارس), الطالب, والمريض المباشرة أو "عن بعد" ومراعاة الفروق الفردية بينهم في كل المراحل. (هـ) التشديد على تطبيق أخلاقيات المهنة التي امتهن البعض أخيرا البعد عن أخلاقياتها في الممارسة. (و) أهمية إطلاع الدارس في كلية الطب أو المنخرط في البرنامج التأهيلي - في أي مرحلة قبل الانخراط في الخدمة - على النظم المدنية التي قد تساعده في أداء عمله بسهولة أكبر وبراحة تشعر المريض بتمكن الطبيب ومن علمه ومعلوماته. (ز) بعد الاطمئنان على القيام بمهامه لابد أن يتبنى الممارس عملية الاستفادة من المعلومات والقيام بالدراسات والأبحاث الفردية أو المشتركة من خلال برنامج "نشر ثقافة البحث العلمي". هذا يعني أن يكون الممارس مسجلا في جميع المكتبات المتخصصة، إضافة إلى العامة والوطنية، كما لابد أن تسهل له الجهات التابع لها حضور المؤتمرات والندوات المتخصصة -المحلية والدولية - باعتبارها من أهم عوامل التطوير فيما بعد.
أما من ناحية التعريب فنحن أمام قوى شد وجذب تحتاج منا إلى أن نحدد وجهتنا فنؤسس له أو نتعامل معه بأسلوب آخر. إن من المزعج أن نكون في طريق نعرف محدداته ومساره ثم نحتار بين "التعريب أو الاستمرار في التغريب". إننا إذا ما أردنا الاتجاه نحو التعريب فلابد أن نناقش قائمة طويلة قد اختصر وأركز على: (1) توفير الكوادر القادرة على الأداء بكفاءة عالية وباللغتين وبالتالي توفير الوسائل العلمية والعملية للتعليم باللغة العربية. (2) الاستمرار في توحيد تعريب المراجع والدوريات والمصطلحات الطبية والصحية, وبالتالي الاهتمام بالنشر باللغة العربية خصوصا أن مشروع "طبيب أُسرة لكل أُسرة" سيدعم من قبل مجموعة من الدول العربية, (3) الاهتمام بالمكتبات الطبية في كل قطاع صحي ودعمها للتحول للرقمية خلال عامين على أكثر تقدير, (4) إيجاد مخارج للتكاليف وعملية التمويل، وهذه يتحملها مسؤولو الجهات المعنية للمواءمة بين جودة المخرجات وضبط حجم التكاليف لضمان استمرار نجاح هذا المشروع الكبير.
قد تكون الحلول المبنية على "القياس بالمسطرة" مثالية لدرجة أنها لا تنطبق ولا يمكن تطبيقها, لذلك نحتاج هنا إلى الخبرة من القطاعات المتخصصة التي يمكن لها أن تطوع بعض المفاهيم والقراءات فتجد الحلول الوسطية في مدى ملاءمة وتكامل الجهود. وقد أعرج على أهمية الانضمام إلى تكتلات علمية عالمية مؤثرة تزيد من وزن وقيمة المحتوى المنهجي بما يتوافق وأهداف البرامج الصحية الحديثة وتحقق لنا تنمية صحية مستديمة ـ بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي