شبح الركود يخيّم على الأسواق الأمريكية.. ومؤشرات إيجابية في منطقة اليورو
الأسبوع ما قبل الماضي كان حافلاً بالأخبار السلبية التي أثرت في أداء الأسواق المالية، خصوصاً تلك المتعلقة بخسائر البنوك جراء استثماراتها في السندات المدعومة بقروض الإسكان. هذه الأخبار زادت من القلق بشأن إمكانية امتداد آثار هذه الخسائر إلى بيوت استثمارية أخرى وتأثيرها في أداء القطاع المالي بشكل عام. وقد أضيف هذا الأسبوع ضيف جديد إلى قائمة المنشآت المالية التي عانت من خسائر بسبب مشكلات الرهن العقاري وهو وسيط التعامل الإلكتروني إي تريد Etrade، حيث أفصحت الشركة عن خسائر كبيرة جراء الاستثمار في السندات المدعومة بقروض الرهن العقاري.
وفي هذا الأسبوع صدرت تقارير مهمة في الولايات المتحدة يتعلق الأول بالمساكن المعلقة للبيع، والثاني بمؤشر أسعار المنتجين، والثالث بمبيعات التجزئة. والأخير بمؤشر أسعار المستهلكين. ففيما يتعلق بالمساكن المعلقة للبيع أظهر تقرير ارتفاعها خلال أيلول (سبتمبر) الماضي بمعدل 0.2 في المائة في حين انخفضت خلال آب (أغسطس) بمعدل -6.5 في المائة، مما يشير إلى تحسن في الطلب على المساكن قد يؤدي في حالة استمراره إلى خروج قطاع الإسكان من دوامة الهبوط التي عصفت به خلال هذا العام وأدت إلى الكثير من الإفلاسات سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الشركات. وقد يكون هذا الارتفاع ناتجاً بشكل أساسي عن تخفيض سعر الفائدة الأول والذي تم في الثامن عشر من أيلول (سبتمبر) الماضي، مما شجع الكثيرين على شراء المساكن لتوقعهم بارتفاع أسعارها في حال استمر الاحتياطي الفيدرالي في تخفيض سعر الفائدة.
وفيما يتعلق بأسعار المنتجين فقد ارتفعت بشكل طفيف خلال تشرين الأول (أكتوبر) وبأقل مما كانت عليه في أيلول (سبتمبر) الماضي، حيث ارتفعت بمعدل0.1 في المائة مقارنة بمعدل 1.1 في المائة خلال أيلول (سبتمبر) الماضي. إضافة إلى ذلك فلم يتغير المؤشر العام لأسعار المستهلكين خلال تشرين الأول (أكتوبر) عن معدله في أيلول (سبتمبر)، حيث بلغ 0.2 في المائة. وفيما يتعلق بمبيعات التجزئة ارتفع حجم المبيعات، لكن بمعدل أقل مما بلغته في الشهر الماضي، حيث بلغت نسبة الارتفاع هذا الشهر 0.2 في المائة في حين بلغت 0.6 في المائة الشهر الماضي. أما فيما يتعلق بالإنتاج الصناعي فقد انخفض معدل الإنتاج الصناعي خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بمعدل 0.5 في المائة عن معدله في أيلول (سبتمبر) الذي ارتفع خلاله بمعدل 0.1 في المائة. واستقرار مؤشري أسعار المنتجين والمستهلكين في حين تراجع مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي سيشجعان الاحتياطي على تخفيض سعر الفائدة خلال الاجتماع المقبل، خصوصاً في ظل التراجع الشديد الذي تشهده الأسواق المالية وفي ظل التوقعات المتشائمة بشأن النمو الاقتصادي خلال الربع الرابع من هذا العام.
في أوروبا أشارت تقارير إلى أن منطقة اليورو قد أظهرت أداء اقتصاديا جيدا خلال الربع الثالث من هذا العام. لكن على الرغم من ذلك فإن الارتفاع في قيمة اليورو والتدهور في أداء أسواق الائتمان العالمية والتباطؤ المتوقع في أداء الاقتصاد الأمريكي قد تؤثر في الأداء الاقتصادي خلال الربع الأخير من هذا العام. ويتوقع المحللون أن يبلغ معدل نمو منطقة اليورو السنوي خلال الربع الثالث من هذا العام بمعدل 2.5 في المائة بينما يتوقع أن يبلغ معدل النمو ربع السنوي 0.6 في المائة وهو ضعف معدله في الربع الثاني من هذا العام. وهذه التوقعات ستعتمد بشكل كبير على معدل نمو كل من الاقتصاد الألماني والفرنسي واللذين يشكل اقتصادهما نصف قيمة الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو. وفي شهر أيلول (سبتمبر) الماضي انخفض الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو بمعدل 0.7 في المائة، وهو الأمر الذي أدى بالمحللين إلى تخفيض توقعاتهم المتعلقة بالنمو السنوي للإنتاج الصناعي إلى 3.5 في المائة بدلاً من 4.5 في المائة. ويأتي هذا الانخفاض بشكل أساسي كنتيجة لتقييد شروط الائتمان ولارتفاع أسعار النفط الأمر الذي أدى إلى تراجع الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو. عوامل أخرى تسهم في الرؤية المتشائمة للمحللين بشأن معدل النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو خلال الربع الأخير من هذا العام من أهمها التباطؤ في الاقتصاد الأمريكي الذي كان السبب الرئيسي في انخفاض مؤشر ثقة المستثمرين الألمان إلى أقل مستوى خلال 14 سنة. ومن ناحية أخرى يواجه الاقتصاد البريطاني تباطؤاً هو الآخر جراء ارتفاع أسعار المساكن وارتفاع أسعار الوقود التي أسهمت بشكل رئيسي في رفع معدل التضخم إلى معدل أعلى من المتوقع بلغ في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2.1 في المائة.
الأسواق المالية
استمر الهبوط في الأسواق المالية خلال بداية الأسبوع حيث كسر الـ "داو جونز" حاجز الـ 13 ألف نقطة لأول مرة منذ فترة طويلة كما سجل الـ "نازداك" هو الآخر هبوطاً حاداً بلغت نسبته 1.7 في المائة في بداية الأسبوع. لكن سرعان ما عاودت الأسواق ارتفاعها يوم الثلاثاء الماضي حيث ارتفع الـ "داو جونز" في ذلك اليوم بنسبة 2.5 في المائة والـ "نازداك" بنسبة 3.5 في المائة وهي ثاني أعلى زيادة للـ "داو جونز" خلال العام. وكان سبب هذا الارتفاع هو تفاؤل المستثمرين وأن أكثر سيناريوهات أزمة الرهن العقاري حدة قد تكون زالت كما ترافق ذلك مع انخفاض أسعار النفط. لكن هذه الفسحة لم تستمر طويلاً حيث انخفض الـ "داو جونز" والـ "نازداك" في الأيام التالية لذلك وبمعدلات 0.6 و0.9 في المائة. وقد أغلق كل من الـ "داو جونز" والـ "نازداك" في نهاية تداولات الأسبوع على ارتفاع عند مستوى 13176.79 للـ "داو جونز" وعند مستوى 2637.24 نقطة.