معايير المنافسة بين المصارف الإسلامية والتقليدية في السوق المحلي
في الاقتصاد الحر، و وجود حرية المنافسة، نجد أن هناك عوامل تؤثر بشكل كبير في التنافسية لعل من أهم تلك العوامل أو المعايير السعر والجودة، كذلك يعتبر للوقت دور في بعض الأحيان، فالمنافسة في السعر تجعل من منتج تنتجه شركة معينة يماثل منتجا آخر تنتجه شركة أخرى مع امتياز للشركة التي تبيعه بسعر أقل. في نفس الوقت الجودة تجعل للمنتج امتيازا حتى مع وجود منتجات أرخص في السعر إذ إن الجودة لها أثر في رغبة المشتري حتى مع وجود بدائل أقل في السعر وفي نفس الوقت أقل في الجودة.
أما فيما يتعلق بأثر الوقت في رغبة الزبون، فهذا يتم في بعض الأحيان عندما يكون هناك أثر للوقت، فمثلا من يريد أن يبني منزلا أو عمارة تجارية، أو أي نشاط تجاري مثل مستشفي أو مؤسسة تعليمية خاصة نجد أن عامل الوقت له اثر في الربحية والعائد حيث إن كل يوم، له ربحيته، وكذلك يكفي من يبني منزله الخاص مئونة دفع أجرة إضافية.
ما سبق يعتبر أمرا شائعا فيما يتعلق بالمؤثرات في أسعار المنتجات، وهي يمكن أن نسميها عوامل تؤثر بشكل كبير فيما يتعلق بالتنافسية بين الشركات والمنتجات في الأسواق الحرة، وهذا في حال عدم وجود أمور أخرى مؤثرة مثل ما يتعلق بالدين أو الأعراف والتقاليد.
ولكن نجد أن هذا يختلف نوعا ما في السوق السعودي، خصوصا فيما يتعلق بالمصارف والمؤسسات المالية بشكل عام، والخدمات التي تقدمها تلك المؤسسات، ولذلك نجد ومن خلال قراءة لوضع التمويل والخدمات المصرفية بشكل عام في السوق المحلي، أن هناك عاملا أو معيارا مؤثرا ومهما في مستوى الطلب على الخدمات والمنتجات المصرفية، ومع وجود المعايير السابقة – أعني الجودة والسعر والوقت – إلا أن هذا العامل أصبح يحتل المرتبة الأولى لدى الكثير من عملاء تلك المؤسسات.
وذلك أن المجتمع السعودي بشكل عام يعتبر مجتمعا متدينا، ويضع لأحكام الشريعة الأولوية في جميع الأمور المتعلقة بتصرفاته، وكما هو معلوم بأن علماء الشريعة بشكل عام سواء في المجتمع السعودي أو غيره يرون تحريم القرض بفائدة ولذلك فإن المجتمع قد يقبل بتمويل تصل تكلفته إلى الضعف أو أكثر، ولا يقبل بالدخول في معاملة يرى أنها محرمة، بل قد نذهب إلى أبعد من ذلك وهو أن الفرد قد لا يقبل بأن يدخل في عملية تمويل إذا ما كان يرى أنها محرمة، حتى ولو لم يجد بديلا آخر متوافقا مع الشريعة.
ولذلك وبعد أن بدأت المؤسسات المصرفية تعرض عددا من المنتجات المتوافقة مع الشريعة أصبح الإقبال عليها كبيرا وكان له أثره في نمو أرباح المصارف في السوق السعودي، بل إنه أثر في وضع كثير من الشركات المساهمة حتى أصبحت تحول قروضها التقليدية إلى قروض متوافقة مع الشريعة.
وهذا يقودنا إلى تساؤل قد يكون محل اهتمام الإخوة القراء وكثير من أفراد المجتمع، وهو أنه لما لا يكون مثل هذا الطلب والإقبال المتزايد على المنتجات المتوافقة مع الشريعة، له نفس المستوى من الاهتمام من قبل المؤسسات المالية، لتطوير منتجاتها وإيجاد نماذج جديدة تحقق ربحية لتلك المؤسسات، ورغبة المجتمع.
فلماذا لا تلعب تلك المؤسسات دورا رئيسيا في هذا الأمر عبر إنشاء معاهد متخصصة، ودعم مشاريع البحث المتعلقة بالمصرفية الإسلامية، وإقامة المؤتمرات والندوات والمحاضرات، ودعم المؤسسات والهيئات التي تهتم بمثل هذه القضايا.
فمن وجهة نظر متواضعة نجد أن جهود المؤسسات المصرفية في هذا المجال أقل بكثير مما يفترض أن تحققه، إذ إن هذا بالتالي سيؤدي إلى أن تصل هذه الصناعة إلى مرحلة جمود، والقبول فقط بما وصلت إليه من نجاح، في حين أن الاستراتيجية العامة للمصارف اليوم تتطلب الاهتمام بإيجاد منافذ أكثر لتحقيق نمو في العوائد.