متى ننتهي من ظاهرة إعادة تبويب القوائم المالية؟

[email protected]

تقوم الشركات في نهاية كل ربع سنة مالية بإعلان قوائمها المالية الأولية لإظهار هذه القوائم بصورة عادلة وفقا للمعايير المحاسبية ونظام الشركات في المملكة والنظام الأساسي للشركة، إلا أنها قوائم غير مدققة حيث إن مراجع الحسابات الخارجي يقوم بعملية فحص محدودة نتيجة لطبيعة هذه المعلومات وتوقيتها. في السياق نفسه، تقوم الشركات في نهاية كل سنة مالية بإعلان قوائمها المالية النهائية وهي بالطبع قوائم مدققة يجب على مراجع الحسابات الخارجي فيها أن يقوم بمراجعة تفصيلية لهذه القوائم كجهة مستقلة ذات خبرة ومصداقية.
من الناحية النظرية، يجب ألا تكون هناك فروقات بين القوائم الأولية والقوائم النهائية وإن حدثت فيجب أن تكون هذه الفروقات ضمن نطاق بسيط وألا تتكرر في نهاية كل سنة مالية. لكن اللافت أنه من الناحية العملية نلحظ وجود عدد لا يقل عن عشر شركات مدرجة في سوقنا المالية تقوم في نهاية كل سنة مالية بإعلان فروقات بين هذه القوائم تكاد تكون فروقات جذرية حتى أصبحت هذه الظاهرة عادة سنوية لهذه الشركات.
من هذه الشركات، شركتا صدق ونادك حيث أعلنت شركة صدق أن أرباحها في القوائم الأولية بلغت 25.5 مليون ريال في حين أعلنت في قوائمها النهائية أن أرباحها بلغت 11.8 مليون ريال، مما يدل على فرق سالب بأكثر من 13.7 مليون ريال يمثل نسبة 54 في المائة. بالنسبة لشركة نادك، أعلنت الشركة أن أرباحها في القوائم الأولية بلغت 77.6 مليون ريال في حين أعلنت في قوائمها النهائية أن أرباحها بلغت 113.5 مليون ريال، مما يدل أيضاً على فرق (هذه المرة موجب) بنحو 36 مليون ريال يمثل نسبة 32 في المائة، وهي بلا شك فروقات كبيرة لأرباح كلتا الشركتين.
بررت كل شركة إعادة تبويب قوائمها المالية النهائية بالتزامها بالمعايير المحاسبية المعتمدة و كأن هذه المعايير لا تظهر إلا في نهاية السنة المالية فقط، مما يؤكد لنا أن بعض الشركات مع الأسف إما أنها لا تمتلك أنظمة محاسبية داخلية تتماشى مع المعايير المحاسبية المعتمدة وإما أن المسؤولين في هذه الشركات يجهلون هذه المعايير والتغيرات التي تطرأ عليها من وقت لآخر وبالتالي بروز هذه الظاهرة في نهاية كل عام لتكشف لنا حجم المأساة التي نعيشها.
المؤلم أن هذه الفروقات، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تؤدي حتماً إلى تذبذبات سعرية حادة على أسعار أسهم هذه الشركات قد يستفيد منها الكبار لكن المؤكد أن صغار المستثمرين هم من يدفع دائماً ثمن هذه الفروقات، وتبقى التساؤلات مطروحة: لماذا لا تبرز ظاهرة إعادة تبويب القوائم المالية إلا في الشركات الصغيرة؟ والأهم من ذلك متى سننتهي تماماً من هذه الظاهرة غير الحضارية ؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي