معدلات التضخم تتراجع أم تتصاعد؟

[email protected]

يقول لنا أصحاب القرار الاقتصادي أن معدلات التضخم المرتفعة حاليا ستتراجع خلال الفترة المقبلة وإنهم يتخذون الإجراءات اللازمة للتعامل مع مشكلة الغلاء. وكما هو معروف فإن الإجراءات والقرارات الاقتصادية سواء كانت من خلال السياسة المالية أو النقدية أو الاثنتين معاً ستساعد على تخفيض نسب التضخم، لكن نتائجها الإيجابية تأخذ وقتاً طويلاً ولا يشعر بها أو يلمسها أفراد المجتمع إلا بعد مرور سنة أو سنتين.

ولقد تم اتخاذ قرار صرف بدل غلاء المعيشة من أجل التخفيف عن كاهل المواطن ومساعدته على مواجهة القفزات السريعة والمتتالية في أسعار المواد الأساسية. فمن الواضح أن أسعار الكثير من المواد الغذائية والطبية وإيجارات المساكن ارتفعت بنسب تصل إلى أكثر من 40 في المائة، لذلك تحتاج ميزانية الفرد إلى جرعة إنعاش سريعة. وعلى الرغم من الضبابية التي صاحبت بداية الإعلان عن الـ 5 في المائة زيادة في الرواتب وطريقة صرفها إلا أن الجهات المعنية قامت بتوضيح الصورة وأعلنت التالي: "صرف بدل غلاء المعيشة لجميع شاغلي الوظائف بمختلف فئاتهم بما في ذلك المتعاقدون اعتبارا من 1/1/1429، على أن يصرف البدل في السنة الأولى 5 في المائة وفي السنة الثانية 10 في المائة وفي السنة الثالثة 15 في المائة وذلك من الراتب الأساسي".
وبغض النظر عن حجم الزيادة يبدو أن المخططين الاقتصاديين قاموا بتحديد الزيادة بثلاث سنوات لأنهم واثقون بقدرتهم على السيطرة على مشكلة التضخم خلال تلك المدة ومن ثم يستطيعون إيقافها. هنا أرجو أن يتسع صدر أصحاب القرار الاقتصادي في بلادنا ويتقبلون منا التساؤلات التالية:

أولاً: تقولون إن نسب التضخم ستتراجع خلال سنتين، إذا لماذا لم يتم صرف الزيادة بطريقة تتماشى مع الاحتياجات الآنية للمواطن أي بشكل تنازلي في السنة الأولى 15 في المائة وفي السنة الثانية 10 في المائة وفي السنة الثالثة 5 في المائة؟

ثانيا: الكل يعلم أن من الأسباب الرئيسية للتضخم في بلادنا هو ضخ سيولة القطاع الحكومي سواء في القطاع المالي من خلال سياسة سداد الدين العام أو من خلال تمويل الحكومة مشاريع وطنية مهمة. فهل هناك نية في التفكير في طرق جديدة للتمويل تساعد على امتصاص فوائض السيولة وتفتح المجال للصناديق الحكومية المتخصصة في تنويع أصولها وتوزيع مخاطرها من خلال الاستثمار المباشر الخارجي؟ فعلى سبيل المثال تمويل مشروع سكك القطارات بين المدينة وجدة ومكة كان من الأجدى أن يتم من خلال استخدام التدفقات النقدية المستقبلية لهذا المشروع الذي يتوقع له نجاح ومردود مالي جيد بسب كثافة التنقل بين جدة والمشاعر، فمن خلال إنشاء جهة اعتبارية مستقلة نستطيع إصدار سندات أو صكوك إسلامية مدعومة ومغطاة بالتدفقات النقدية المستقبلية للمشروع. وبهذا يتم سحب فوائض السيولة من السوق والمستثمرين ونتيح الفرصة للصناديق الحكومية المتخصصة في استثمار أصولها خارجيا لتسهم في تنويع دخل الاقتصاد الوطني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي