رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مخاوف الركود الاقتصادي تهبط بأسواق المال العالمية

[email protected]

يبدو أن هناك تحسناً في أحد جوانب الاقتصاد الأمريكي ليعوض بعضاً من التراجع في القطاعات الأخرى. فقد أظهر استبيان الـ ISM لقطاع الخدمات والذي يعد أحد أهم التقارير التي ستقرأ أداء أنشطة الخدمات في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعا خلال تشرين الأول (أكتوبر) ليبلغ مستوى 55.8 نقطة في حين كان مستواه 54.8 نقطة في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. ويعد ذلك مؤشراً إيجابياً على تحسن أداء شركات الخدمات والتي تمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد الأمريكي. ويأتي هذا المؤشر مخالفاً لمؤشر القطاع الصناعي والذي أتى منخفضاً الأسبوع الماضي ومقترباً من مستوى الـ 50 نقطة والذي يعد حداً فاصلاً بين التوسع والانكماش في القطاع. وتأتي هذه الزيادة لتعكس التحسن في الصادرات الأمريكية والتي جاءت كنتيجة طبيعية للانخفاض في سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى مما جعل السلع الأمريكية أقل تكلفة بالنسبة للمستوردين.
ويبدو أن أزمة الرهن العقاري سوف تزداد عمقاً وذلك نتيجة للقيود الأكثر تشدداً والتي بدأت تفرضها البنوك الأمريكية على عملية الإقراض العقاري. حيث أظهر استبيان مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمسؤولي الإقراض أن البنوك شددت عملية الإقراض حتى على أصحاب السجل الائتماني الجيد كما أنها زادت تكاليف الإقراض على قطاع الأعمال وذلك نتيجة زيادة مخاطر الإقراض. وهذا الأمر يزيد من القلق بشأن ضعف تدفق السيولة سواء لقطاعات الأعمال أو للأسواق المالية مما يعني استمرارا في التراجع التي تشهده هذه القطاعات. وقد شمل هذا الاستبيان 52 من مسؤولي الائتمان المصرفي المحلي و 20 من المؤسسات الأجنبية والتي تعمل في الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد استلم نتائج هذا الاستبيان قبيل قراره المتعلق بتخفيض سعر الفائدة الأسبوع ما قبل الماضي، مما يعني أن لجنة سياسات السوق المفتوح وهي تتخذ قرارها أخذت في اعتبارها نتائج هذا الاستبيان وما قد يترتب على النمو الاقتصادي الأمريكي نتيجة تزايد تكلفة الائتمان.
وتأتي هذه البيانات بعد بيانات توظيف جيدة خلال أيلول (سبتمبر) الماضي حيث ارتفع عدد الوظائف التي أضافها الاقتصاد الأمريكي بمعدل 166 ألف وظيفة وهي أكثر من الزيادة المتوقعة والتي بلغت 80 ألف وظيفة. وهذه الزيادة انعكست على استقرار في معدل البطالة عند معدل 4.7 في المائة. وهذه البيانات الإيجابية تأتي لتحسن التوقعات بشأن النمو الاقتصادي خلال الربع الأخير من هذا العام والذي تدور مجمل التوقعات حول احتمال انخفاضه عن المعدل الجيد الذي تحقق خلال الربع الثالث من هذا العام والذي بلغ 3.9 في المائة.
لكن من ناحية أخرى، يأتي ارتفاع أسعار النفط خلال هذا الأسبوع والذي بلغ 96 دولارا ثم عاود التراجع إلى مستوى 93 دولارا للبرميل ليضيف قلقاً آخر بشأن تزايد الضغوط على دخل المستهلك الأمريكي. حيث سيؤدي ذلك إلى تراجع القدرة الاستهلاكية للمستهلكين خصوصاً أن ارتفاعات أسعار النفط هذه تأتي على مطلع الشتاء والذي يتزايد فيه الاستهلاك عادة بسبب زيادة الطلب على وقود التدفئة والذي لا مناص للمستهلك من الإنفاق عليه. مما يعني أن ذلك سيؤدي إلى تراجع الاستهلاك من السلع الأخرى الأقل ضرورة ومن ثم نتوقع أن ينعكس ذلك على بيانات مبيعات التجزئة القادمة.
وفي القارة الأوروبية، أظهرت البيانات أن التدهور في قطاع الائتمان وارتفاع سعر صرف الباوند مقابل الدولار بدأت تؤثر وبشكل سلبي في النمو الاقتصادي في بريطانيا. حيث أظهرت البيانات أن إنتاج المصانع انخفض خلال أيلول (سبتمبر) الماضي كما تراجعت أنشطة قطاع الخدمات خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. إضافة إلى ذلك أشارت توقعات النمو في منطقة اليورو إلى التراجع في حين زادت التوقعات بشأن تزايد معدل التضخم. وعلى الرغم من هذه البيانات فقد أبقى كل من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير خشية من تعميق أثر التراجع في معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة والتي كانت مشكلات الائتمان السبب الرئيسي فيها. إضافة إلى ذلك فإن زيادة أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المتزايد سيؤدي حتماً إلى زيادة سعر صرف اليورو والباوند أمام الدولار الأمريكي ومن ثم سوف يؤثر بشكل كبير في الصادرات الأوروبية. لذلك يبدو أن كلاً من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي قد فضلا تحمل معدل تضخم مرتفع من أجل الحفاظ على تنافسية منتجاتهم. من ناحية أخرى، أقدم البنك الاحتياطي في أستراليا على زيادة سعر الفائدة إلى أعلى مستوى لها خلال 11 عاماً ولتبلغ 6.75 في المائة وذلك بواقع ربع نقطة مئوية بهدف مواجهة مشكلات التضخم المتسارع هناك.
ومن الملاحظ هنا أن مخاوف التضخم تحولت من الولايات المتحدة الأمريكية والتي عمدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى إجراء زيادات متكررة في سعر الفائدة لمواجهته إلى مناطق أخرى في العالم كأوروبا والصين وأستراليا. فيما بقيت اليابان تعاني مشكلة التراجع في الأسعار والتي بقيت أسيرة لها خلال العقد الأخير والتي لا تجد حتى الآن وسيلة للخروج من نفقها المظلم. ويأتي ذلك في نفس الوقت الذي يتراجع فيه الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى والتي تؤدي بشكل أو بآخر إلى تعديل الميزان التجاري لهذه الدول مع الولايات المتحدة الأمريكية. هذه العملية الديناميكية هي نتيجة متوقعة حيث إن أغلب هذه الاقتصادات تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى الولايات المتحدة مما يعني أنه إذا عطس الاقتصاد الأمريكي أصابت الإنفلونزا هذه الاقتصادات. لذلك فإن مشكلات الاقتصاد الأمريكي لا بد في النهاية أن تؤدي إلى آثار سلبية في تلك الاقتصادات وفي أدائها العام. والذين يهللون لارتفاع أسعار صرف العملات الأخرى أمام الدولار الأمريكي لا يعون فعلاً النتيجة السلبية التي ستتحملها هذه الاقتصادات بسبب هذا الارتفاع. فأوروبا الآن وقعت بين فكي كماشة ، فإما أن تقبل بارتفاع سعر صرف اليورو أمام الدولار ومن ثم التضحية بتنافسية صادراتها والتي ستؤدي في النهاية إلى تراجع النمو الاقتصادي. وإما القبول بمعدل تضخم مرتفع في سبيل المحافظة على تنافسية الصادرات. لكن ماذا سيكون عليه الوضع في حال ارتفاع أسعار صرف اليورو والباوند مرة أخرى ولأرقام قياسية أخرى أمام الدولار؟ سيؤدي ذلك إلى تزايد القوة الاستهلاكية للأوروبيين ومن ثم ارتفاع معدل التضخم وفي نفس الوقت انخفاض آخر في تنافسية السلع الأوروبية.
الأسواق المالية:
الـ "داو جونز" افتتح الأسبوع على مستوى منخفض بمقدار 0.4 في المائة عن مستواه الذي أغلق عليها خلال الأسبوع ما قبل الماضي. ثم عاود الارتفاع يوم الثلاثاء مع زوال المخاوف بشأن القروض المتدنية الجودة والتي أدت إلى شطب الكثير من المنشآت المالية ديونها بسببها وليعوض خسائره التي مني بها يوم الإثنين، لكنه ما لبث أن انخفض مرة أخرى مع تجدد هذه المخاوف مرة أخرى خصوصاً مع انخفاض الدولار إلى مستويات قياسية أخرى يومي الأربعاء والخميس وليبلغ مستوى 13292.66 نقطة. وقد أغلق المؤشر الأسبوع على مستوى 13042.74 ومنخفضاً بشكل حاد بمعدل 223.55 نقطة.
وفي مسار مماثل سار كل من مؤشر الـ "ناسداك" الذي أغلق في نهاية الأسبوع على 2627.94 وبمعدل 68.06 نقطة. ومؤشر نيكاي الياباني والذي يسير عادة بشكل متوازن مع المؤشرات الأمريكية حيث يتابع المستثمرون هناك بحذر كل أخبار تتعلق بالاقتصاد الأمريكي لتأثيرها المباشر فيهم. وقد أغلق "نيكاي" في نهاية الأسبوع على 15583.42 كاسراً بذلك حاجز الـ 16 ألف نقطة نزولاً.
وفي أسواق العملات استمر الدولار في انخفاضه وبشكل أسرع مما كان عليه في السابق حيث بلغ الدولار مستوى قياسيا جديدا عند مستوى 1.4680 لليورو الواحد يوم الخميس الماضي بينما أغلق الأسبوع على مستوى 1.4678 دولار لكل يورو. ومن ناحية أخرى تدهور الدولار بشكل قوي أمام الين الياباني أيضا وليبلغ مستوى 110.685 ين لكل دولار في نهاية الأسبوع. وينتظر أن يستمر هذا التراجع كلما زادت احتمالات خفض سعر الفائدة من أجل تحفيز قطاعات الائتمان والتي تعاني قلقاً كبيراً بشأن المخاطر، مما يتسبب في مطالبة المقرضين بفوائد أعلاه على قروضهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي