تزايد المخاوف من تفاقم أزمة الرهن العقاري يشيع القلق في أسواق المال العالمية

تزايد المخاوف من تفاقم أزمة الرهن العقاري يشيع القلق في أسواق المال العالمية

أدى تزايد المخاوف من تفاقم أزمة الرهن العقاري وما ترتب عليها من تزايد عمليات شطب الديون في النظام المصرفي الأمريكي إلى إشاعة القلق في أوساط الأسواق العالمية الرئيسية وجعلت سلامة أكبر الاقتصادات العالمية، الاقتصاد الأمريكي، على المحك. ودعم هذه المخاوف تصريح شركة "سيتي جروب" بأنها قد تضيف مبلغ ثمانية مليارات دولار إلى مبلغ 11 مليار دولار المعلن عنه سابقاً كديون معدومة عن الأوراق المالية المرتبطة بأزمة الرهن العقاري وذلك على أثر انخفاض استثماراتها في سوق المساكن. فقد انخفضت جميع الأسواق التي شملها هذا التقرير بدرجة كبيرة، حيث هبطت مؤشرات ناسداك وداو جونز وستاندارآند بورز 500 بنسبة 6.5 في المائة ، 4.1 في المائة و3.7 في المائة على التوالي. وعلى صعيد الأسواق الآسيوية فقد كانت من أكثر الأسواق تأثراً بالأزمة، إذ انخفض مؤشر سوق هونج كونج ومؤشر نيكاي225 الياباني بنحو 5.5 في المائة لكل منهما. وسجلت سوق الهند هبوطاً بنسبة 4.6 في المائة فيما سجل مؤشر شنغهاي الانخفاض الأكبر بين جميع الأسواق التي شملها التقرير بنسبة 8 في المائة. أما الأسواق الأوروبية، فقد سجلت أكبر انخفاض أسبوعي لها منذ تموز (يوليو) الماضي حيث هبط مؤشر "فايننشيال تايمز" بنسبة 3.5 في المائة هذا الأسبوع.

الولايات المتحدة
هبطت الأسهم الأمريكية إلى أدنى مستوى لها منذ شهرين وسط مخاوف من تعاظم أثار أزمة الائتمان وانخفاض قيمة الأصول لتطول الإنفاق الاستهلاكي. فقد أدى انخفاض المبيعات في قطاع التجزئة الأمريكي خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) نتيجة لارتفاع أسعار الوقود وهبوط قيمة العقارات إلى إضعاف القوة الشرائية للمستهلك الأمريكي. وفي هذا الصدد، فقد صرحت شركة Fannie Mae، أكبر مصادر تمويل قروض المساكن في أمريكا، بأن خسائرها للربع الثالث زادت على الضعف لتصل إلى 1.39 مليار دولار نتيجة لزيادة حالات التأخر عن سداد أقساط الرهونات العقارية الناجمة عن الهبوط الحاد في قطاع المساكن. كما لم يفلح تراجع العجز في الميزان التجاري الأمريكي الذي حدث بشكل غير متوقع في أيلول (سبتمبر) وكذلك تزايد التوقعات بقيام بنك الاحتياطي الفدرالي بخفض سعر الفائدة القياسي في الشهر المقبل لدعم نمو الاقتصاد الأمريكي، في مساعدة سوق الأسهم في تحقيق أي ارتفاع.
سجل مؤشر ناسداك أحد أكبر انخفاضاته الأسبوعية بنسبة بلغت 6.5 في المائة وأغلق الأسبوع عند مستوى 2627 نقطة. انخفض مؤشرا داو جونز وستاندارآند بورز500 بنسبة 4.1 في المائة و3.7 في المائة ليغلقا الأسبوع عند مستوى 13.042 نقطة و1453 نقطة على التوالي.

آسيا
هبطت الأسهم الآسيوية وسط تدافع المؤشرات القياسية لأهم أسواق الأسهم في المنطقة لتسجيل أسوأ أداءِ أسبوعي لها خلال ثلاثة أشهر تقريباً وذلك مع تفاقم خسائر أسواق الائتمان وانخفاض الدولار.
قد يفقد الاقتصاد الياباني أداءه الجيد مع بدء أسعار المساكن في الانخفاض، وتقليص أسعار النفط المرتفعة لأرباح الشركات، وتهديد أزمة الرهن العقاري في أمريكا للطلب على صادراته وتأثيرها الكبير في باقي الأسواق. وفي ظل هذه الظروف، من المحتمل أن يحجم البنك المركزي الياباني عن رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل بسبب المخاوف من تراجع النمو الاقتصادي واستمرار الأسواق في التذبذب. كما أدى إعلان صحيفة مؤشر نيكاي إلى أن عملية الدمج التي كانت مزمعة بين شركة شينكو سيكيورتيز ووحدة الوساطة التابعة لمجموعة مينروهو سوف تؤجل، بسبب الخسائر التي تكبدتها الشركة الأخيرة في استثماراتها في الرهونات العقارية، إلى هبوط الأسهم اليابانية إلى أدنى مستوياتها خلال ثلاثة أشهر حيث تراجع مؤشر نيكاي بشكل حادٍ بنسبة 5.6 في المائة وأغلق الأسبوع عند مستوى 15.583 نقطة.
وفي الصين أمر البنك المركزي الصيني جميع البنوك ابتداءً من تشرين الثاني (نوفمبر) بحجز احتياطيات أكثر، بنسبة 13.5 في المائة، بهدف تعزيز إدارة السيولة في النظام المصرفي والسيطرة على نمو القروض المتزايدة وخفض المضاربات في الأسهم والسندات. ومن شأن ذلك، أن يساعد أيضاً على خفض معدل التضخم الذي من المتوقع أن يقفز إلى 4.5 في المائة هذا العام مقارنة بنحو 1.5في المائة في عام 2006م. وقد هبط مؤشر شنغهاي المركب الخاص بالأسواق الصينية هبوطاً حاداً بنسبة 8 في المائة وأغلق الأسبوع عند مستوى 5777 نقطة.
انخفض مؤشر هانج سانج الخاص بسوق هونج كونج بنسبة 5.5 في المائة ليغلق الأسبوع عند مستوى 20.387 نقطة.
اضطر البنك المركزي الهندي للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة للسيطرة على الأسعار وذلك نتيجة لتسبب التدفقات النقدية من الاستثمارات الأجنبية القياسية في ارتفاع الروبية الهندية إلى أعلى مستوياتها في تسع سنوات، مما هدد بتفاقم التضخم في البلاد خلال المنظور القريب. هذا، وقد انخفض مؤشر بي إس أيه 30 بنسبة 4.6 في المائة ليغلق الأسبوع عند مستوى 19.058 نقطة.

أوروبا
سجلت الأسواق الأوروبية أكبر انخفاض أسبوعي لها منذ تموز (يوليو) حيث هبطت أسهم مجموعة رويال بانك الاسكتلندية وبنك باركليز بنسبة تجاوزت 10 في المائة على أثر توقعات باحتمال تعرضها لخسائر بسبب انهيار الأوراق المالية المرتبطة بالائتمان. علاوة على ذلك، فقد أعلنت الحكومة البريطانية عن ارتفاع العجز التجاري للبلاد إلى مستوى قياسي في شهر أيلول (سبتمبر) نظراً لهبوط الصادرات المتجهة إلى خارج منطقة الاتحاد الأوروبي، في إشارة إلى أن تراجع النمو الاقتصادي العالمي والجنية الاسترليني القوي يسهمان في إضعاف الطلب على السلع البريطانية. وقد أغلق مؤشر فاينانشيال تايمز 100 الأسبوع عند مستوى 6304 نقاط، منخفضاً بنسبة 3.5 في المائة.

أسواق النفط
شهدت أسواق النفط استمرار بلوغ الأسعار مستويات قياسية جديدة هذا الأسبوع إذ تجاوز سعر خام غرب تكساس 98.50 دولار للبرميل وبات من المحتمل تخطيه عتبة الـ 100 دولار في القريب العاجل. وفي هذه الأثناء لا يزال الجدل مستمراً حول ما إذا كانت قوى العرض والطلب أم المضاربات هي العامل الرئيسي الذي يكمن وراء بلوغ أسعار النفط هذه المستويات القياسية، فيما يمكن الجزم بأن انحدار الدولار لأعلى مستوى له على الإطلاق مقابل اليورو، وتزايد التوقعات بحدوث مزيد من الانخفاض في احتياطيات النفط الأمريكية، وكذلك المخاوف من نقص المعروض النفطي أسهمت بشكل رئيسي في وصول أسعار النفط إلى مستوياتها القياسية العالية. وعلى الرغم من هدوء التوترات بين تركيا والمتمردين الأكراد قليلاً، فإن هذه الأزمة لا تزال تمثل أحد العوامل المهمة لارتفاع أسعار النفط وذلك في ظل إمكانية توسع دائرة هذه الأزمة بشكل قوي يؤدي إلى تهديد الإمدادات النفطية من المنطقة.
ارتفعت أسعار النفط الفورية في بورصة نيويورك بنسبة 0.4 في المائة، أو بمقدار 0.39 دولار للبرميل وأغلقت الأسبوع عند سعر 96.33 دولار للبرميل، منخفضة قليلاً عن السعر القياسي الذي بلغته خلال الأسبوع. وقد تراجعت مخزونات النفط الاحتياطية الأمريكية إلى 311.9 مليون برميل الأسبوع الماضي مسجلة ثالث انخفاض لها على التوالي. ورغماً عن المخاوف من احتمال انخفاض استهلاك الطاقة وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إلا أنه لا يزال هناك مجال واسع لارتفاع أسعار الخام، وخاصة مع انخفاض مخزونات النفط الأمريكية الاحتياطية مع حلول فصل الشتاء.

أسعار العملات
أدت التهديدات المحدقة بالاقتصاد الأمريكي وتزايد المراهنات على إقدام بنك الاحتياطي الفدرالي بتخفيض سعر الفائدة القياسي خلال الشهر المقبل تعزيز النمو الاقتصادي، إلى استمرار الدولار في الانخفاض هذا الأسبوع. وشهد الدولار قليلاً من التحسن مع نهاية الأسبوع، إذ ارتفع من أدنى مستوى قياسي بلغه مقابل اليورو وأغلق الأسبوع منخفضاً عند مستوى 1.4678 دولار لكل يورو. وبالنسبة للجنية الاسترليني، فقد تراجع أمام اليورو والعملات ذات أسعار الفائدة المنخفضة، الين الياباني والفرنك السويسري، بيد أنه ارتفع مقابل العملات الرئيسية الأخرى على أثر توقعات بأن يبقي بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير خلال الأشهر المتبقية من هذا العام. وارتفع الين أمام جميع العملات الرئيسية هذا الأسبوع حيث تجنب المستثمرون الاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية، المشتراه بقروض من مصادر يابانية. وبالنسبة للفرنك الفرنسي الذي يتسم بأسعار فائدة منخفضة، فقد كان أداؤه مماثلاً لأداء الين. ومع تزايد المخاوف من تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، فقد تراجعت عملات الدول المصدرة للسلع مثل كندا وأستراليا، تراجعاً كبيراً أمام جميع العملات الرئيسية الأخرى هذا الأسبوع.

الأكثر قراءة