مؤشر المسؤولية الاجتماعية للشركات والتنافسية
يعد مفهوم المسؤولية الاجتماعية أو ما يسمى Social Responsibility من أهم المفاهيم التي يتم تداولها اليوم في أوساط المال والأعمال حول العالم وتبرز أهمية هذا الطرح على الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في التنمية المستدامة للمجتمعات وعلى حمل مسؤولية مهمة في التطور الاقتصادي بشكل ينعكس مباشرة على المستوى الاجتماعي. واستنادا إلى تعريف البنك الدولي لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالإسهام في التنمية المستدامة من خلال العمل مع المجتمع المحلي بهدف تحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم الاقتصاد ويخدم التنمية في آن واحد.
أعلنت الهيئة العامة للاستثمار يوم الثلاثاء الماضي مبادرة استثنائية على مستوى المسؤولية الاجتماعية في المملكة إلا وهي "مؤشر وجائزة المسؤولية الاجتماعية للشركات السعودية"، والذي يأتي حسب بيان الهيئة في سبيل تشجيع الشركات على اعتماد أفضل الممارسات التي تسهم في إثراء القيمة البشرية والاجتماعية وتؤدي إلى تعزيز القدرة التنافسية للمملكة.
وبغض النظر عن تفاصيل ومعايير المؤشر والجائزة، فإن المبادرة في حد ذاتها تعد قفزة نوعية في التعاطي في مفهوم المسؤولية الاجتماعية محليا، خصوصا والمتابعين للحراك الذي تشهده الساحة المحلية في هذا السياق خلال السنوات القليلة الماضية يدركون أن هناك حاجة ماسة إلى مثل هذا المؤشر خصوصا أن ذلك الحراك يعد مشجعاً بشكل كبير لضمان الاستفادة من مبادرة مؤشر المسؤولية الاجتماعية. ومما يزيد مساحات التفاؤل والابتهاج أن المؤشر مرتبط أو منبثق عن تطبيقات التنافسية في الاقتصاد وهو الارتباط الصحيح لجميع نشاطات المسؤولية الاجتماعية. ويأتي تحفيز القطاع الخاص من خلال وضع معايير تحدد وتشجيع على التفاؤل بمستقبل المسؤولية الاجتماعية في المملكة، خصوصا وقد تم ربطها بارتفاع تنافسية المملكة اقتصاديا وهو ما يوصلنا إلى انعكاسات تنافسية الاقتصاد على الرخاء للمواطنين وهذا ملخص تطبيقات التنافسية.
وبالنظر إلى التجارب العالمية في تحقيق توازن بين اسهام القطاع الخاص ورفع مستوى التنافسية فإنها تأتي على أنماط كثيرة لعل أهمها تطوير رأس المال البشري وهو محور اهتمام التنافسية سواء بالتدريب والبحث والتطوير وهو ما يجعل دور مؤسسات القطاع الخاص محوريا في عملية التنمية. ونرى كثيرا في الاقتصادات المتقدمة أن دور القطاع تجاوز المشاركة الاجتماعية بشكل عشوائي لأخذ شكل منظم بأهداف واضحة واستراتيجيات تنفيذ معلنة. ومع اتساع نطاق وسمعة مفهوم المسؤولية الاجتماعية، أصبح للشركات الكبيرة دورا تنمويا أساسيا وأصبح العطاء للتنمية جزءا لا يتجزأ من نشاطات هذه الشركات لدرجة أن الشركات التي لا تحمل في خططها أي نشاطات اجتماعية تعد أقل إسهاما في رفع مستوى الاقتصاد سواء من المجتمع أو من الوسط الاقتصادي والحكومي.
وكما ذكرنا فإن هناك ارتباطا طرديا بين تطبيقات المسؤولية الاجتماعية للشركات وتعزيز القدرات التنافسية للاقتصاد، فالتوجيه السليم لمشاريع المسؤولية الاجتماعية يسهم في رفع مستوى المجتمع والاقتصاد. وبناء المجتمعات المتمكنة ومقدراتها البشرية والثقافية والمعرفية بعد أساسي في مدخلات تعزيز التنافسية للشركات. ولا شك أن مقولة عراب التنافسية البروفيسور مايكل بورتر إن الشركات الناجحة في حاجة إلى مجتمع صحي والمجتمع الصحي في حاجة إلى شركات ناجحة أو بشكل أعم إن البيئة التنافسية الناجحة تحتاج إلى شركات ناجحة والعكس صحيح.
ختاما: فإن المؤشر والجائزة بلا شك يعدان محصلة جميع المبادرات المحلية التي كانت ومازالت تعمل على رفع مستويات التعاطي مع المسؤولية الاجتماعية محليا ونقلها إلى مرحلة تطبيقية على أساس القياس المحكم لممارسات الشركات وكذلك سيساعد الشركات على تطوير برامجها في التعاطي مع القضايا الاجتماعية ذات العلاقة المباشرة في رفع تنافسية الشركات وبالتالي انعكاساته على الاقتصاد.