جزاء سنمار
بعد غياب امتد قرابة ثلاثة عشر شهراً، يعود اليوم سهم شركة أنعام للتداول من جديد لكن ضمن آلية جديدة تطبق لأول مرة في السوق المالية السعودية تشبه إلى حد كبير آليات عمل الأسواق الموازية، حيث نص القرار على تداول سهم الشركة خارج نظام التداول الآلي المستمر يومين في الأسبوع (الأحد والأربعاء) في فترة تداول مدتها نصف ساعة، في حين تكون تسوية عمليات الشراء والبيع في اليوم التالي لفترة التداول.
كما هو معروف، استندت هيئة السوق المالية في قرارها تعليق تداول السهم، إلى تقرير مراجع الحسابات الخارجي للنتائج المالية السنوية عام 2006م الذي أشار إلى إمكانية بلوغ الخسائر المتراكمة للشركة نسبة كبيرة من رأس المال مما يؤثر بصورة جوهرية في سلامة الوضع المالي للشركة، وبالتالي تم اتخاذ قرار تعليق تداول سهم الشركة حتى زوال أسباب التعليق، وهو إجراء إيجابي يسجل لصالح المسؤولين في الهيئة يهدف إلى حماية مصالح المساهمين وتخفيض مخاطر الاستثمار.
نتيجة لذلك، تبنى مجلس الإدارة الجديد خطة لإعادة الهيكلة كانت نتيجتها تحقيق أرباح تشغيلية وصافي أرباح مما مكّن الشركة من التخلص نهائياً من الخسائر المتراكمة، بل تحقيق أرباح محتجزة تحصل لأول مرة منذ تأسيس الشركة قبل أكثر من 20 عاماً. لا شك أن هذه النتائج المالية الجيدة تمثل درساً مجانياً لباقي الشركات المتعثرة، إلا أن قرار إعادة تداول سهم الشركة يوحي بأنه بدلا من مكافأة مجلس الإدارة الجديد على قراره الجريء بـ "تنظيف القوائم المالية" قبل التعليق وتحقيق أرباح بعد التعليق، كانت النتيجة تداول السهم خارج نطاق التداول الآلي المستمر.
اللافت أنه لو افترضنا أن مجلس الإدارة لم يقم بعملية "تنظيف القوائم المالية" من الأساس لكانت النتيجة أن سهم الشركة سيبقى ضمن نظام التداول الآلي المستمر دون تعليق إلى يومنا هذا لأن الخسائر المتراكمة لن تصل إلى الخط الأحمر. إلا أن المؤلم حقاً أن ما حصل لشركة أنعام يشكل رسالة غير مباشرة إلى باقي الشركات المتعثرة في السوق مفادها عدم الإقدام مستقبلاً على أي محاولة لـ "تنظيف القوائم المالية" أو حتى الاعتراف بتحقيق الخسائر لأن مصيرهم سيكون مشابهاً لمصير هذه الشركة التي تذكرني بقصة سنمار الشهيرة!!!
لا شك أن هيئة السوق المالية تسعى جاهدة إلى تطوير السوق المالية ونتفق معها تماماً على ضرورة إنشاء سوق موازية لرفع مستوى كفاءة السوق لكننا نختلف معها في أسلوب التطبيق، حيث إننا نرى أنه كان من الأفضل أولاً تأسيس السوق الموازية وتحديد معايير الإدراج في هذه السوق ثم إعطاء مهلة زمنية لجميع الشركات للالتزام بهذه المعايير كما هو الحال في مشروع إعادة هيكلة قطاعات السوق ومشروع احتساب المؤشر الجديد.