رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الزكاة .. لماذا لم تحصلها المصلحة كما يجب؟

صدر أخيرا عن مصلحة الزكاة والدخل معلومة نادرة حول حجم إيرادات المصلحة من الزكاة حسب تصريح لمديرها العام حيث بلغت نحو 6.5 مليار ريال مقابل 4.5 مليار ريال للعام الذي قبله وبنسبة نمو تصل إلى 40 في المائة. بلد الحرمين الشريفين، الذي أنعم الله عليه نعما لا تحصى. بلد وصل الناتج الوطني فيه إلى أكثر من 1.5 تريليون ريال ولله الحمد، وإيرادات سنوية من النفط تتجاوز 600 مليار ريال. دولة اتخذت منذ اليوم الأول لتأسيسها سياسة الاقتصاد المفتوح، وأعطت الفرصة كاملة لرجال أعمالها للعمل والحصول على فرص تحقيق الأهداف وكذلك دعمهم بكل الوسائل الممكنة. ونعلم أن عددا كبيرا من رجال الأعمال وبالذات منذ طفرة السبعينيات الميلادية لم يكونوا يحلمون بما وصلوا إليه لولا توفيق الله ثم الخير الذي أنعم الله به على هذا البلد والفرصة التي منحت لهم من ولاة الأمر في العمل الخاص والعقود الحكومية والمشاريع التوسعية والبنى التحتية. بلاد منذ تأسيسها وهي تطبق حكم شريعة الإسلام بأركانها الخمسة حيث رابع تلك الأركان الزكاة، ومع كل تلك الحقائق وغيرها ما لا يتسع المجال لذكرها، لا يتم تحصيل إلا 6.5 مليار ريال لمصلحة الزكاة والدخل في عام!!!

الزكاة قبل أن تكون مطلبا نظاميا هي مطلب شرعي ومن أركان الإسلام الخمسة، التي لا يتم إسلام المرء إلا بالإيمان بها والتقيد بأمورها، وبالتالي وابتداء نقول إنه ربما أن كثيرا من رجال الأعمال يقومون بدفع الزكاة ولكن بشكل مباشر وبطريقتهم الخاصة، وبالتالي نأمل أن يكون ذلك هو السبب الوحيد في تواضع الرقم المدفوع للمصلحة! لأن الرقم الذي يجب أن يدفع وحسب حسابها المحاسبي للشركات والمؤسسات التجارية فقط يجب ألا يقل في حده الأدنى (متحفظ جداً) عن 25 مليار ريال... كيف ذلك؟

إذا ما أخذنا الشركات المساهمة المطروحة للتداول فقط التي يبلغ عددها حتى الآن نحو 113 شركة برؤوس أموال بلغت أكثر من 310 مليارات ريال (معلومات رسمية) مع العلم أن لدينا أكثر من 16.5 ألف شركة مرخصة في المملكة برؤوس أموال تتجاوز 414.7 مليار ريال (معلومات رسمية). وبما أن طريقة حساب الزكاة الشرعية تتم على أساس الوعاء الزكوي المتمثل في "صافي الربح المعدل" مضافاً لها حقوق الملكية من رأسمال، واحتياطيات، ومطروحاً منه صافي الأصول الثابتة والاستثمارات طويلة الأجل والعجز المالي Deficit. ولتبسيط الصورة فلن نضيف ولن نطرح، نقول لو كانت حسبة الزكاة الشرعية على الشركات المساهمة فقط على أساس رأس المال فقط (دون العناصر الأخرى المذكورة أعلاه) لكانت الزكاة عملياً أكثر من 7.8 مليار ريال، التي يجب أن تفرض على الشركات المساهمة (بلغت الزكاة المدفوعة فعلاً من قبل القطاع المصرفي أكثر من 1.1 مليار ريال). لاحظوا أن الرقم الذي يجب تحصيله من الشركات المساهمة المطروحة للتداول في سوق الأسهم فقط، والتي تعلن قوائمها المالية ومعروفة أرباحها وخسائرها يزيد على المحصل الفعلي للمصلحة من جميع القطاعات والشركات والمؤسسات التجارية وعروض التجارة الأخرى والأراضي!!! مما يعني أننا لم نحتسب زكاة أكثر من 16.2 ألف شركة ليست مطروحة "للتداول" على اعتبارها ملكيات خاصة لا توجد معلومات عنها! كما أن هناك أكثر من 700 ألف منشأة (مؤسسات تجارية) مرخصة في المملكة حسب سجلات وزارة التجارة والصناعة، ومع افتراض عدم تقديمها قوائم مالية مراجعة ومعتمدة من قبل مراجع خارجي، حيث في هذه الحالة تقوم المصلحة بتقدير الوعاء الزكوي جزافاً فإنها تفرض نحو 25 ألف ريال على كل منشأة حسب بعض الحسابات التي رأيتها (مؤسسة تجارية) كحد أدنى. وعليه تكون الزكاة المفترض تحصيلها نحو 17.5 مليار ريال، الأمر الذي يرفع إجمالي ما ينبغي تحصيله إلى 25.3 مليار ريال (شركات مساهمة مطروحة للتداول + مؤسسات تجارية). لاحظوا أننا لم نتحدث إلا أن جزئية معينة (الشركات والمؤسسات التجارية) من مصادر الزكاة للمصلحة ولم نتحدث عن الأراضي المعدة للاتجار على سبيل المثال، التي تتحدث بعض الأرقام عن تريليون ريال!!!

كل ما تقدم يمثل حسابات افتراضية لمحاسب قانوني قد يفهم في لغة الأرقام على اعتبار أنها سر من أسرار التقدم البشري؟ لكن قبل ذلك فإن الزكاة هي ركن من أركان الإسلام الخمسة ونحن من يجب أن نتمسك بها، وهي شريعة الله التي تجلت في عهد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز بشكل وصل إلى أن لا أحد يقبل بالزكاة من أصحابها الثمانية بحكم الاكتفاء!!! هذا هو شرع الله فأروني ماذا قدم رجال أعمالنا الأعزاء. كلمة أخيرة... أعرف علم اليقين أن هناك من رجال أعمالنا من صدق مع الله ومع نفسه وهم ملتزمون بإذن الله بما هو أكثر من الزكاة الشرعية. ولكن أعلم أيضاً علم اليقين أن هناك رجال أعمال ممن يدفعون أتعابا لشركات ومكاتب محاسبية لإعداد قوائم مالية مضللة تظهر أرقاماً معينة حتى يقدموها لمصلحة الزكاة والدخل ويتلافوا دفع الزكاة والعياذ بالله. والله الهادي إلى سواء السبيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي