دراسة: معدلات التضخم المرتفعة أبرز التحديات أمام مجلس التعاون
أكدت دراسة متخصصة أن ارتفاع أسعار النفط يضع البلدان المصدرة للنفط بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي أمام تحديات جديدة لا بد من العمل على التعامل معها, على رأسها معدلات التضخم المرتفعة التي لم يسبق لها مثيل في هذه البلدان التي تؤثر سلبا في القدرات الشرائية والمستويات المعيشية. وأكدت الدراسة أن إنشاء صناديق استثمارية من فوائض العائدات النفطية يمثل خيارا استراتيجيا لدول مجلس التعاون الخليجي.
وأكدت الدراسة التي أصدرها أمس مصرف الإمارات الصناعي أن تحديد أسعار المحروقات داخليا يمثل إحدى الأدوات التي يمكن من خلالها التحكم في معدلات التضخم، إضافة إلى وضع ضوابط لأسعار الإيجارات ومراجعة الإجراءات النقدية والمالية وسعر صرف العملات المحلية تجاه الدولار والعملات الرئيسية الأخرى.
لكن على الجانب الآخر فإن هناك فرصة تاريخية نادرة تتوافر للبلدان المنتجة للنفط من خلال العائدات الهائلة التي يمكن إعادة استثمارها لاستكمال مقومات البنية التحتية وتطوير مصادر بديلة للدخل بتنمية القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وأوضحت الدراسة أنه على الرغم من تنامي عائدات النفط بنسبة 8.4 في المائة في البلدان الأعضاء في منظمة الأوبك لتصل إلى 731 مليار دولار في عام 2007 وفق التوقعات المتوافرة مقابل 674 مليار دولار في عام 2006 إلا أن بلدان الأوبك شهدت في العامين الماضيين معدلات غير مسبوقة في مستويات التضخم، حيث تجاوزت في بعض تلك البلدان نسبة 15 في المائة.
وأدى ذلك إلى ارتفاع كبير في تكاليف المعيشة وانخفاض في القوة الشرائية للعملات المحلية في البلدان الأعضاء في منظمة الأوبك, إلا أن المؤشرات الاقتصادية العامة بما في ذلك الحسابات الجارية واصلت ارتفاعها مدعومة بزيادة العائدات النفطية.
وبما أنه لا يمكن الارتهان دوما إلى أسعار النفط المرتفعة بسبب التقلبات التاريخية الحادة لأسواق النفط في العالم, فإن توجهات بعض البلدان لإنشاء صناديق استثمارية من فوائض العائدات النفطية يمثل خيارا استراتيجيا ناجحا لمواجهة الضغوط المالية التي قد تنجم عن الخلل الذي قد يصيب صناعة النفط ضمن دورتها المعتادة أو تحت تأثير أي ظروف غير مواتية في مناطق الإنتاج الرئيسية بما فيها منطقة الخليج العربي.
وذكرت الدراسة أن مجمل هذه التحيات تتطلب وضع استراتيجيات بعيدة المدى في البلدان المنتجة للنفط باستغلال الفرصة التاريخية المتاحة, خصوصا أن كافة بلدان الأوبك رفعت في العامين الماضيين طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد على النفط, مما أثر في حجم الاحتياطيات المكتشفة حتى الآن وتناقصها, مما يتطلب وضع الرؤى التي تتناسب والعمر الزمني الافتراضي لإنتاج النفط في البلدان الأعضاء في منظمة الأوبك.
وأشارت الدراسة إلى أنه مع استمرار ارتفاع أسعار النفط تزداد التأثيرات الاقتصادية لتطورات أسواق النفط العالمية على اقتصادات مختلف البلدان المصدرة منها والمستوردة على حد سواء.
ورأت الدراسة أنه إذا كانت الارتفاعات السابقة في الأسعار خلال العقود الماضية قد تركت أثارا إيجابية على البلدان المصدرة للنفط وأخرى سلبية على البلدان المستوردة, وبالأخص النامية منها, فإن التأثيرات السلبية للارتفاعات في الأعوام الثلاثة الماضية لم تستثن أيا من بلدان العالم.
ونظرا لاشتداد الطلب على النفط في العام الحالي الذي زاد بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا فقد واصلت الأسعار ارتفاعها لتبلغ معدلات قياسية حيث تجاوز سعر برميل النفط 92 دولارا في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، على الرغم من زيادة الإنتاج من داخل منظمة الأوبك وخارجها بمقدار نصف مليون برميل يوميا تطبيقا لقرار المنظمة في اجتماعها الأخير.
وبلغ معدل متوسط برميل نفط قياسي دبي للأشهر العشرة الماضية من العام الجاري 64.5 دولار للبرميل بارتفاع نسبته 6.6 في المائة من معدل سعره في العام الماضي البالغ 60.5 دولار للبرميل. وإضافة للأسعار فقد ارتفع إنتاج منظمة أوبك في عام 2007 ليصل إلى 31.7 مليون برميل يوميا في حزيران (يونيو) الماضي, مقابل 30.2 مليون برميل في عام 2006 مما وفر عائدات إضافية لبلدان الأوبك.
ووفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية فإنه من المقرر أن يزداد الطلب العالمي على النفط بمعدل أكبر العام المقبل لتكون الزيادة بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا, مما يتطلب رفع الطاقة الإنتاجية لبلدان الأوبك الى 35.5 مليون برميل يوميا، وسيقع عليها العبء الأكبر في تلبية الطلب المتزايد في الأسواق العالمية, على اعتبار تواضع القدرات الخاصة بزيادة الطاقة الإنتاجية من خارج الأوبك التي لم تزد على مليون برميل يوميا في عام 2008.
وتأتي الزيادة الكبيرة في الطلب على النفط ومشتقاته من البلدان الآسيوية بصورة أساسية, وبالأخص الصين والهند اللتين تشهدان معدلات نمو مرتفعة, ففي الصين وحدها سيزداد الاستهلاك بنسبة 6 في المائة في عام 2008. لذلك فإن معدل الطلب العالمي على النفط في العام المقبل سيصل إلى 88.2 مليون برميل يوميا مقابل 86 مليون برميل في العام الحالي. وإذا أخذنا بعين الاعتبار تحفظ البلدان الأعضاء في منظمة الأوبك بخصوص زيادة الإنتاج واستمرار توتر الأوضاع في منطقة الخليج, فإن الأسعار مرشحة للمزيد من الارتفاع في الأشهر القليلة المقبلة.