رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


احذروا المدرسة: (المال العام)

[email protected]

أخشى أن يأتي اليوم الذي يضطر فيه الآباء والأمهات إلى عقد جلسة مكاشفة ومصارحة واستطلاع مع الأبناء بعد العودة من المدرسة لاكتشاف ما الخلل النفسي والفكري والسلوكي الذي تعرض له الأطفال والمراهقون في المدرسة.. نرجو ألا نرى هذا اليوم، ولكن علينا مراقبة المؤشرات التي نسمعها بكل اهتمام واستشعار للمسؤولية.
من هذه المؤشرات المقلقة ما يرويه أحد الآباء وهو من القيادات في شركة مساهمة عامة كبرى.
يقول: بعد أن عاد ابني من المدرسة (رابع ابتدائي) فجأة بادرني بهذا السؤال:
بابا لماذا لا تأخذ من الشركة سيارة؟
قلت له: بابا لماذا هذا الطلب وما المناسبة؟
قال: الأولاد في المدرسة كلهم لديهم سيارات (فخمة) وهي سيارات من (العمل).
يقول الأب وبعد حوار طويل مع الابن، لقد اكتشفت أن الأطفال ليس لديهم مفهوم واضح للمال العام والخاص وأنهم يرون لا غضاضة أن يستخدم الأبناء أشياء وممتلكات الجهة التي يعمل فيها (الأب)، فهذا في تصورهم حق مكتسب!
* * *
إذا كان الأطفال في المدرسة يتفاخرون بالمظاهر والماديات التي هي جزء من المال العام، سواء حكومي أو خاص، أي التي لا يجيز النظام استخدامها أو تملكها، إذا كان هذا الوضع هو ما (يتربى) عليه الأطفال، فهذه كارثة أخلاقية سوف ينشأ عليها جيل كامل، إنه جيل المستقبل وهل علينا أن نطمئن على مستقبل بلادنا إذا كان جيل كامل سينشأ وفي نفسه وفكره وتصوره خلل أخلاقي في الرؤية للمال العام، هذه هي الأرضية التي تنبت فيها ثقافة الفساد وبداية الانهيار للدولة والمجتمع.
المدرسة حاضنة ومكان مثالي لتدريس الأطفال مفاهيم المال العام والخاص، وهذا ما يجب أن تتصدى له مادة التربية الوطنية بحيث تتم زراعة المفاهيم الصحيحة في أذهانهم، وهذه مسؤولية من يضعون المنهج، ولو أرادت وزارة التربية والتعليم تعميق مفاهيم المال العام والخاص في المنهج فإنها لن تعجز أن تجد الآليات والوسائل، فلدينا الخبراء، ولدينا الإمكانات ولدينا النماذج الوطنية الرائعة التي تقدم النموذج المثالي للتعامل مع المال العام، ولدينا الآباء والأمهات الغيورون على قيم مجتمعنا ومستقبله واستقراره.
وتعليم الأطفال وتدريسهم كيفية طرح الأسئلة الحيوية عن المال العام والخاص، ليست وسيلة تعليم إنسانية للصغار، بل وسيلة ردع غير مباشرة للآباء والأمهات الذين قد يتساهلون في التعامل مع المال العام، وربما كثيرون يتساهلون لعدم وضوح الرؤية ولعدم القدرة الأخلاقية على التفريق بين الخطوط والمناطق العازلة، لذا هم يقعون في الشبهات "ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام"، كما يقول النبي العظيم صلى الله عليه وسلم.
وبما أننا مطالبون بحسن الظن، ربما الكثير منا يقع في منطقة الشبهات ليس من باب الإقبال على الحرام، ولكن بسبب الجهل والافتقاد إلى بذور التربية السليمة المكثفة والمستمرة التي تواصل إيقاظ الضمير وزرع الثوابت فيه، وهذا ما قد يحييه فينا أطفالنا إذا تولى المدرس تدريبهم على طرح الأسئلة الحيوية.. ولعل يأتي اليوم الذي يطاردنا فيه أطفالنا بالأسئلة:
- يا بابا.. السيارة من (فلوسك)؟
- يا بابا.. القلم أخذته من المكتب ولا من (فلوسك)؟
- يا بابا.. تذاكر الطيارة من (فلوسك) ولا من المكتب؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي