كيف تنتقد كتابا لم تقرأه قط!
من إصدارات 2007 اللافتة للانتباه, كتاب يحمل عنوانا مهماً (نهاية التاريخ تحت مجهر الفكر العربي), من تأليف مجموعة من الباحثين العرب, ويفترض بالكتاب, كما يوحي لنا اسمه, الرد على نظرية فرانسيس فوكوياما في كتابه الشهير نهاية التاريخ ومنتهى الإنسان THE END OF HISTORY AND THE LAST MAN, والتي يمكن إيجازها, أن الرأسمالية الليبرالية هي رأس سلم التطور الاجتماعي والسياسي في العالم, هذا التطور الذي وصل فعلا, برأي المؤلف, إلى منتهاه الحتمي, في القرن الثامن عشر, وما حدث بعد ذلك من تطور لا يعدو كونه تحسينات طرأت على الرأسمالية الليبرالية ونظمها الديمقراطية دون أن يطال ذلك الجوهر.. ويستشهد فوكوياما في سياق ترويجه لهذه النظرية بالسقوط التلقائي لأنظمة ما بعد الرأسمالية, مثل الأنظمة الماركسية في أوروبا الشرقية وروسيا, وبتحول الصين الشيوعية إلى نظام السوق.
ولا يملك القارئ لكتاب فوكوياما, حتى لو كان معارضا لمحتواه, إلا الإعجاب بثقافة الرجل والتماسك الداخلي لأطروحات كتابه وحجم المعلومات والأرقام التي يسوقها بعناية شديدة لتأكيد وجهة نظره, أما ردود النقاد من الباحثين العرب في كتاب (نهاية التاريخ تحت مجهر الفكر العربي) فقد كانت مفاجئة للجميع, من ناحية أنها لم تتطرق في الواقع لكتاب فوكوياما, بحيث يتبادر إلى الذهن سؤال مشاكس: هل عنوان الكتاب مجرد اقتراح تسويقي لترويج الكتاب؟ أم أن جمهرة الباحثين العرب بأكملها لم تقرأ الكتاب الذي يفترض أنها قامت بتفنيده؟! أم أن هناك خطأً مطبعياً ما؟ وفي الواقع فأنت لن تجد ما يتعلق بنقد كتاب فوكوياما الشهير مهما قلبت في صفحات كتاب الدكتور عبد العزيز القاسم, فليس هناك سوى آراء عامة وانتقادات لفوكوياما نفسه, ولمواقفه السياسية من القضايا العربية والإسلامية, أما الكتاب نفسه, وأقصد هنا (نهاية التاريخ) فلم يتناوله أو ينبش محتواه أي من المؤلفين الـ 23 المشتركين في وضع (نهاية التاريخ تحت مجهر الفكر العربي), باستثناء إشارات سريعة إلى محتوى الكتاب قام بها البعض على عجل, أو تقديم عرض معلوماتي متكامل عن المؤلف, قام به الباحث السعودي المعروف الدكتور محمد حامد الأحمري.
ونتساءل هنا, ألم يكن من الأولى اختيار اسم آخر للكتاب, يدل على مضمونه, لئلا يظن الناس أن النقاد العرب لا يقرأون الكتب التي يكتبون عنها, من باب التفنيد أو التقريظ؟