رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


القبالة Midwifery: مهنة لم تعط حقها بعد

[email protected]

التمريض بدوره الفعال والمؤثر في رقي الخدمات الصحية هو العامل والمحرك الأساس لتحقيق أهداف الرعاية الصحية الشاملة والكاملة للفرد في المجتمعات كافة. ولقد قيل في اليوم العالمي للتمريض أن مهنة التمريض لدينا حققت قفزات ملحوظة في الكم والكيف, إلا أنني أختلف مع هذه المقولة وأدعو إدارات التمريض في القطاعات الصحية إلى وضع استراتيجية للنهوض بمستوى هذه المهنة لتقديرها حق قدرها. إن أول شاهد لدينا على هذا هو أنه عندما يراد التخطيط لحساب الاحتياج الفعلي للتمريض بصفة عامة أو التخصصات الصحية بصفة خاصة نجد أن الأرقام تختلف من جهة لأخرى بل إن وجهات النظر تتفاوت وتتباين إلى درجة كبيرة. ثم إن مسميات الوظائف في هذا القطاع تكاد لا تعرف هويتها جراء تقسيم المهام بين الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ووزارة الخدمة المدنية وأخشى أن يكون لوزارة العمل قول فيها أيضا!. إن مهام القابلة Midwife الوظيفية غير حقيقية لأنها غير معلنة ولا تعرفها شاغلة الوظيفة حسب استقصاء تم أخيرا. جانب آخر هو كثرة الاجتهادات في وضع إجراءات العمل للممارسات في المرافق الصحية مما يطيل ويعقد عملية التنظيم وينذر بتأجيل عملية التطوير. أما ما لمس عن قرب وأصبح يؤثر في بعضهن نفسيا فهو عدم تنظيم عملية التقدير السنوية بكل منطقة، ومحاسبة المقصر أو مكافأة المتميز حيث مازالت المعايير تؤكد استمرار ظهور أسماء معينة على مر السنين دون أن تبرز أسماء أخرى جديدة كنوع من التحفيز على الإبداع وزيادة الإخلاص في عمل حساس مثل الذي يقمن به. إن وقع المشكلة أوحى للكثيرات بانعدام الشفافية واحتكار التميز لفئة أو حتى أسماء معينة!. كما أشعرهن أن تعملق منصب رئيسة الممرضات في المرافق الصحية سبب في نشر الضبابية حول المستقبل المهني للقبالة والحاجة أصبحت ملحة إلى تغيير بعض المفاهيم.
لقد أُشعِرنا أن نظرة المجتمع تغيرت، والمجتمع أصبح مهتما واعيا بأهمية مهنة التمريض فازدادت أعداد القابلات، ولكن ماذا فعلنا حيال (360 قابلة!) على مستوى المملكة يصعب تمييزهن كقابلات لمسمى الوظيفة شبه الغائب, والوصف الوظيفي غير الواضح, وقوانين الحماية التي تحتاج إلى تثبيت, ولم تصدر كل هذه في لائحة أو نظام ينشر وتزود به كل موظفة عند التعيين؟ هل بعد ذلك يمكن إثبات أن الاهتمام كان عملياً؟ كنوع من الاهتمام العالمي؟ ففي العام الماضي 2007م قامت اليونيسف بالمساعدة في تدريب القابلات لتحسين العناية المقدمة للأمهات والأطفال حديثي الولادة على مستوى الدولة في إندونيسيا, وهي تقوم بتكرار هذه البرامج في دول عديدة كل عام. نحن إن كنا في مستوى أفضل فهل نتوقع من إحدى الجهات المسؤولة القيام بذلك كبرنامج وطني على مستوى المملكة؟ في إندونيسيا وهي ذات التعداد السكاني الذي يفوق 220 مليون نسمة توجد 50 ممرضة Nurse و26 قابلة لكل 100 ألف من السكان, فكيف نحسب نسبة أعداد القابلات لدينا إذا انحصر العدد في السجلات، كما ذكر سابقا وتستقبل مستشفيات وزارة الصحة في المملكة أكثر من 665 مولودا في اليوم؟ في دول العالم يحاولون الابتعاد عن خلط دور الممرضة بدور القابلة الذي لوحظ فيه كثير من التداخل Overlap لتفادي حدوث كثير من المضاعفات وبعض الأخطاء الطبية, فهل لدينا مهنيا ونظاميا ما يحقق الفصل بين الأدوار والممرضات والقابلات على دراية به كحقوق لهن وواجبات عليهن؟ حسب نشرة هيئة الصحة العالمية تعتبر القبالة واحدة من أهم أربعة أولويات للتخصصات التمريضية في العالم, فكيف نتصدى شموليا لمشكلة وضع القابلات الوطنيات؟ وهل ستنسق الجهود للقيام بذلك؟
إن القابلة تتحمل مسؤولية الأم والمولود قبل وخلال وبعد ولادته, فكيف لها أن تثبت قدرتها وتمكنها من العمل إذا ما التحقت بمرفق تتضارب فيه إجراءات العمل؟ ثم كيف تتمكن من الاستمرار في العمل في وجود ممرضة عامة لم تحصل على الدبلوم أو أهلت لممارسة المهنة؟ ثم ما مصير مستوى المرتبات والامتيازات والمميزات والحوافز؟ إن استمرار وضعهن الحالي لا يؤمن للقوى العاملة السعودية المتخصصة في القطاع الصحي مستقبلا واضح المعالم في مرحلة نتحدث فيها عن التخصيص والتأمين وتفريغ وزارة الصحة للرعاية الصحية الأولية وبرامج الصحة الوقائية. أعتقد أن هناك حاجة إلى توصيف وظيفي تشترك القطاعات الصحية كافة في اتباعه لتوفير الحماية القانونية, وتطوير المهنة, مع تنظيم مستقبلها وتقدير المتميزات فيها وباقي المهن الصحية على السواء. فيمكن مثلاً, وضع برنامج للقابلات تنفذه وتشرف عليه الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تحت مظلة مجلس الخدمات الصحية يقضي بإخضاعهن لتقييم دوري نظري وعملي يقيس تمكنهن من أداء العمل ومستوى تعاملهن مع تقنية المعلومات, ومن ثم يساعد في تحديد أوجه القصور والتقصير لإمكانية التعامل مع ذلك بطريقة مثلى. كما قد نغير قانون اللعبة بوضع المسؤولية على الإدارات المحلية بدلا من الأجهزة المركزية لوضع مسودة استراتيجية وطنية شاملة للتمريض والقبالة (فأمام أعينهم تحدث الإخفاقات والنجاحات, وهم المعنيون بتدني مستوى الأداء) من قبل المجالس الصحية في المناطق ليتم رفعها بعد ذلك لمجلس الخدمات الصحية لترسيمها كنظام يفترض أن تلتزم بتنفيذه الجهات المعنية كافة مع مطلع العام المقبل على أكثر تقدير, حتى لا تتأجل بعض مراحل هذه الخطة للخطة الخمسية المقبلة فنكرر ما كان سمة الخطط الخمسية السابقة! والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي