نيويورك تستيقظ من سباتها العميق وتحاول اللحاق بقاطرة التمويل الإسلامي

نيويورك تستيقظ من سباتها العميق وتحاول اللحاق بقاطرة التمويل الإسلامي

ستستضيف مدينة نيويورك هذا الشهر مؤتمرين كبيرين حول التمويل الإسلامي، وهما حدثان يرجح لهما أن يؤكدا أن المدينة لاعب لا بأس به في هذا القطاع السوقي الهائل والمتنامي، خصوصاُ عند مقارنتها بمدينة لندن.
إن العاصمة البريطانية هي المنافس العالمي الرئيسي لمدينة نيويورك من حيث كونها مركزاً تجارياً عالمياً نشطاً، وهي تتقدمها بمسافة كبيرة في السباق لاجتذاب المليارات من دولارات الاستثمار من بلدان الشرق الأوسط الغنية بالنفط. وهذا أمر حيوي للغاية، على اعتبار أن التمويل الإسلامي (أي العمليات المصرفية والاستثمارية التي تتم وفقاً للأحكام الشرعية في الإسلام) ربما يكون أسرع القطاعات نمواً في سوق الخدمات المالية العالمية. وتقتني المؤسسات المالية الإسلامية حول العالم موجودات تقدر قيمتها بأنها تزيد على 300 مليار دولار، إلى جانب مبالغ أخرى قيمتها 400 مليار دولار في الاستثمارات المالية، وفقاً لدراسة صادرة في عام 2006 من إعداد شركة KPMG لتدقيق الحسابات.
وقال صامويل هيز، الأستاذ الفخري في كلية هارفارد للأعمال والخبير في التمويل الإسلامي: "ليس هناك الكثير مما تستطيع نيويورك فعله في هذا المقام. فنيويورك ليست المدينة التي يأتون إليها بحثاً عن المنتجات الإسلامية." وكان بذلك يشير إلى المستثمرين المسلمين.
خلال الأسبوع المقبل, سيسعى مؤتمران في المدينة لتغيير هذا الوضع. المؤتمر الأول هو برعاية شريعة كابيتال، وهي مؤسسة للاستشارات المالية الإسلامية مقرها في مدينة جرينتش في ولاية كنتكات وهو بعنوان "التمويل الإسلامي في أمريكا الشمالية: تقييم فرص التمويل الإسلامي المبتكرة". وهناك شركة متخصصة في المؤتمرات، هي شركة فاينانشال رسيرتش أسوشييتس، ترعى مؤتمراً ثانياً بعنوان "قمة التمويل الإسلامي لعام 2007"، في فندق هيلمسلي في وسط نيويورك بتاريخ 29 تشرين الأول (أكتوبر).
يشار إلى أن شركات التمويل الإسلامي لا تتقاضى الفائدة على الاستثمارات، ولا تشجع اقتراض الأموال، ولا تبيع الأسهم دون تغطية أسعارها توقعاً لهبوط أسعارها. كما أن هناك حظراً على "أسهم الرذيلة"، وهي أسهم الشركات التي تشجع القمار وإنتاج المواد الإباحية والخمور.
أفلحت المؤسسات التجارية في لندن في اجتذاب أموال المسلمين من خلال مراعاة الأحكام الشرعية. وفي السنة الماضية قدمت شركة المحاماة كليفورد تشانس، ومقرها لندن، النصح والمشورة حول تعاملات مالية وفق الأحكام الشرعية تبلغ قيمتها 18 مليار دولار. وفي مؤتمر بريطاني حول التمويل الإسلامي عقد السنة الماضية قال جوردون براون، الذي كان حينذاك وزيراً للمالية، إنه يريد أن يرى بريطانيا وهي تصبح "بوابة التمويل الإسلامي والتعاملات التجارية الإسلامية".
ورغم الصعوبة التي تعاني منها الولايات المتحدة في اجتذاب أعمال التمويل الإسلامي، إلا أنها اتخذت بعض الخطوات المشجعة، بما فيها قيام وزارة المالية الأمريكية بتعيين فقيه مقيم حول التمويل الإسلامي في عام 2003. ومنذ عام 1999 أخذت شركة داو جونز في رصد عدد من المؤشرات حول الأسواق الإسلامية التي تدرس أسهم الشركات التي تعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، حتى أنها أنشأت مجلساً شرعياً دائماً يتألف من عدد من الفقهاء. إضافة إلى ذلك، فإن القروض السكنية الإسلامية، وهي من أوائل المنتجات التي لقيت قبولاً في الولايات المتحدة، تشهد نمواً متصلاً منذ إدخالها أول مرة قبل عقد من الزمن. وفي السنوات الأخيرة فإنه يتم تداولها حتى من قبل أكبر مؤسستين للقروض السكنية في الولايات المتحدة، وهما الشركة الفدرالية للقروض السكنية (التي تعرف اختصاراً بتعبير فريدي ماك) والمؤسسة الفدرالية للقروض السكنية الوطنية (التي تعرف اختصاراً بتعبير فاني ماي).
ومع ذلك فإن سوق القروض السكنية الإسلامية لم تشهد النمو السريع الذي توقعه بعض المراقبين. والواقع أن هذه القروض لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من سوق القروض السنوية الأمريكية البالغة تريليوني دولار في العام. وفي شهر كانون الأول (ديسمبر) من السنة الماضية، توقف بنك HSBC Bank USA، الذي ضَمِن تعاملات بقيمة 50 مليون دولار في القروض السكنية خلال السنوات الست السابقة، توقف عن عرضها للبيع، وفقاً لما تقوله مجلة ريال ديل، المتخصصة في الشؤون العقارية.
والآن، وفي ضوء الأزمة الائتمانية التي أصابت سوق القروض السكنية لضعيفي الملاءة في الفترة الأخيرة، فإنه ربما سيكون من الأشق على نيويورك أن تلحق بمدينة لندن.
وتحدث إبراهيم وردة، أستاذ المصرفية الإسلامية والتمويل في جامعة تافتس، عن عروض المنتجات الإسلامية الجديدة في الولايات المتحدة فقال: "إن الجيشان الذي شهدته أخيراً الأسواق المالية ربما سيعمل على إبطاء هذا الاتجاه العام. فقد أصبح الناس بسرعة مرتابين في الابتكارات المالية."
ولكن المؤتمرين اللذين يعقدان هذا الشهر يمكن أن يكونا نقطة تحول.
وقال رشدي صديقي، المدير العالمي لمجموعة الأسواق الإسلامية في داو جونز: "إن حي وول ستريت هو نقطة الانطلاق للأسواق الرأسمالية. وبالنسبة لنيويورك فإن الأمر هو مسألة وقت."

المقال من صحيفة ذا نيو يورك صن الأمريكية

الأكثر قراءة