مخاوف الاقتصاد الأمريكي تقلب الطاولة في أسواق المال العالمية

مخاوف الاقتصاد الأمريكي تقلب الطاولة في أسواق المال العالمية

أدى تزايد المخاوف المتعلقة بسلامة أكبر الاقتصادات العالمية، الاقتصاد الأمريكي، والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، إلى قلب حالة الارتفاع في أسواق الأسهم التي سادت الأسبوع الماضي، إذ انخفضت معظم الأسواق المالية الرئيسة، باستثناء سوق هونج كونج، انخفاضاً حاداً. وقد حدث معظم الهبوط في يومي التداول الأخيرين من الأسبوع. وكانت أسواق الصين والهند وهونج كونج قد بلغت أعلى مستويات لها على الإطلاق قبل أن تستسلم لعمليات جني الأرباح وتسلك اتجاها تنازلياً تمشيا مع بقية الأسواق العالمية. وسجلت الأسهم الأمريكية انخفاضاً حاداً إذ انخفض مؤشرا إس آند بي 500 وناسداك بنسبة 3.92 و2.87 في المائة على التوالي، كذلك هبط مؤشر فايننشيال تايمز البريطاني ومؤشر نيكاي 225 للأسهم اليابانية بنحو 3 في المائة لكل منهما، وسجل مؤشر هونج كونج ارتفاعاً بنسبة 2.17 في المائة على أثر توقعات تفيد أن الحكومة الصينية ربما تتخذ بعض الخطوات لخفض فروقات الأسعار للشركات المسجلة بشكل مزدوج بين بورصة هونج هونج والبورصات المحلية. وفي سياق ذي صلة، قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته الخاصة بمعدل نمو الاقتصاد العالمي لعام 2008م من 5.2 في المائة إلى 4.8 في المائة حسب ما ورد في تقريره نصف السنوي عن الآفاق الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أن المشكلات الناجمة عن قطاع المساكن الأمريكي ربما يكون لها أثر عكسي على التوسع الاقتصادي العالمي.

الولايات المتحدة

هبطت الأسواق الأمريكية بشكل حاد في جلسة التداول الأخيرة من الأسبوع، مما أعاد إلى الأذهان ذكرى انهيار سوق الأسهم الأمريكية الذي حدث في 19 تشرين الأول (أكتوبر) منذ 20 عاماً (الإثنين الأسود) عندما انطلقت شرارة انهيار الأسواق الأمريكية. وقد لوحظ تفاقم عمليات البيع في جميع الأسواق، إذ انخفضت المؤشرات الرئيسة، داوجونز، إس آند بي 500، وناسداك بنسب 4.05، 3.92، 2.87 في المائة على التوالي.
وقد أسهمت نتائج الربع الثالث غير المشجعة، وبخاصة الصادرة عن الشركات العاملة في القطاعين المالي والصناعي، إضافة إلى تصاعد أسعار السلع في هذا الانخفاض، حيث انخفضت الأرباح الصافية لشركة سيتي جروب للربع الثالث بنسبة 57 في المائة لتصل إلى 2.4 مليار دولار أمريكي، وسجل بنك أوف أمريكا انخفاضاً بنسبة 32 في المائة في أرباحه الصافية للربع الثالث. وقد انخفض نشاط إنشاء المساكن الأمريكية الجديدة إلى أدنى مستوى له منذ 14 عاماً خلال أيلول (سبتمبر) نتيجة للظروف غير المستقرة في أسواق الائتمان. وأدى الدولار الضعيف إلى خفض العجز التجاري الأمريكي إلى 57.6 مليار دولار في آب (أغسطس) مقابل 59 مليار دولار خلال تموز (يوليو)، محققاً بذلك ثالث انخفاض له على التوالي.
ويتوقع أن يعتمد اتجاه السوق في الأسابيع المقبلة إلى حد كبير على نتائج الشركات والبيانات الاقتصادية المرتقبة، مثل بيانات مبيعات المساكن والسلع المعمرة. كما يتوقع أن تظل الأسواق قلقة خلال الأسبوع المقبل مترقبةً إعلان العديد من الشركات الرئيسة كشركات: أبل، ميرك، وتكساس انسترومنتس لأرباحها للربع الثالث.

آسيا

بلغت جميع الأسواق الآسيوية الناشئة التي شملها التقرير أعلى مستوى لها على الإطلاق قبل أن تنخفض تماشيا مع الأسواق العالمية الأخرى.
ففي اليابان هبط مؤشر نيكاي 255 بنسبة 2.98 في المائة ليصل إلى 16,814 نقطة متأثراً بالين المرتفع، الذي قد يحدث أثراً مدمرا على الاقتصاد الياباني الذي يعتمد على الصادرات. إضافة إلى ذلك، فقد عمقت القيود الجديدة التي فرضتها الحكومة على قطاع الإنشاءات هذا الانخفاض، إذ يتوقع أن تؤدي إلى تباطؤ قطاع الإنشاءات المؤثر.
وفي الصين، تجاوز مؤشر "شنغهاي" المركب للأسواق الصينية الحاجز النفسي المهم، 6,000 نقطة قبل أن يخسر جميع مكاسبه ويغلق الأسبوع عند 5,818 نقطة، بانخفاض نسبته 1.44 في المائة.
أما مؤشر هانج سنج لسوق هونج كونج فكان المؤشر الصاعد الوحيد بين جميع المؤشرات التي تمت تغطيتها في التقرير، حيث أغلق الأسبوع عند أعلى مستوى له على الإطلاق، 29,465 نقطة، مرتفعاً بنسبة 2.17 في المائة متأثراً بتوقع سماح السلطات المنظمة للسوق الصينية بالموازنة بين البورصة الصينية وبورصة هونج كونج فيما يتعلق بالشركات المدرجة في هاتين البورصتين.
وتجاوز مؤشر سنسكس لسوق مومباي للأوراق المالية الهندية مستوى 1,900 نقطة للمرة الأولى، غير أن القيود الجديدة المرتبطة بتدفقات الأموال الأجنبية أدت إلى تراجع المؤشر، وأغلق منخفضاً بنسبة 4.66 في المائة عند مستوى 17,559 نقطة.

أوروبا

في ظل تزايد المخاوف التي أثرت في معظم الأسواق العالمية، تجاهلت الأسواق البريطانية الأنباء الإيجابية التي أشارت إلى حدوث أسرع توسع اقتصادي ربع سنوي خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ هبط مؤشر فايننشيال تايمز بنسبة 3.01 في المائة ليغلق عند مستوى 6,527 نقطة.
أدى انخفاض الإمدادات النفطية وضعف الدولار، العملة التي يتم تقييم النفط بها، إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق هذا الأسبوع. وبلغ سعر برميل النفط في بورصة نيويورك للصفقات الآجلة لخام النفط الخفيف تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) 90.07 دولار هذا الأسبوع. ومن العوامل التي أسهمت أيضاً في الارتفاع الحاد المخاوف المرتبطة باحتمال قيام الحكومة التركية بعمل عسكري ضد المتمردين الأكراد في شمال العراق مما يقلل من كميات النفط العراقي المتدفقة إلى الأسواق.
ورغماً عن البيانات الأسبوعية الأمريكية عن أوضاع البترول التي أظهرت تزايداً مفاجئاً في المخزونات الاحتياطية الأمريكية، قفزت أسعار الخام في الصفقات الفورية في بورصة نيويورك بنسبة 5.87 في المائة ليغلق برميل النفط الأسبوع عند سعر 88.61 دولار للبرميل. ويتوقع أن تعتمد أسعار النفط في المدى المتوسط على المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الأمريكي التي تؤثر بدورها في أسعار النفط من خلال تقييم الدولار. أما في المدى القصير، فإنه لا يستبعد احتمال حدوث تصحيح لأسعار النفط.

الأكثر قراءة