عودة "الإثنين الأسود".. موجة الصعود العالمية تقلق البعض
تثير الذكرى السنوية العشرين للانهيار العنيف في سوق الأسهم عام 1987 جدلا ساخنا بشأن ما إذا كانت المكاسب القوية في البورصات العالمية اليوم ستؤول إلى المصير نفسه.
ومن يستطع لومهم على هذا التفكير؟ ففي النهاية يدرك المستثمرون جميعا وبشكل جيد أن هناك خيطا مشتركا دائما بين كل الأزمات الاقتصادية المالية على مدى العشرين عاما الماضية وهو أن كل الانهيارات ترجع إلى ارتفاع زائد في الأسعار.
وهو ما يصفه بعض خبراء الاقتصاد والمستثمرين بأنه "فقاعات". ولننظر فحسب إلى النماذج الراهنة. ارتفع مؤشر إم إس سي إي الرئيسي للأسهم العالمية 14 في المائة في عام 2007 وسجل مكاسب في خانة العشرات في ثلاث من السنوات الأربع الأخيرة. - ارتفع مؤشر شنغهاي المجمع للأسهم الصينية لأكثر من مثليه هذا العام بعدما حقق مكاسب بلغت 130 في المائة عام 2006. ارتفع مؤشر إم إس سي إي لأسهم آسيا ومنطقة المحيط الهادي باستثناء اليابان أكثر من 40 في المائة حتى الآن هذا العام. وحقق المؤشر ارتفاعا بنسبة 260 في المائة منذ نهاية 2002.
غير أن الفقاعة من نوع مختلف في الولايات المتحدة حيث أكملت الأسهم في وقت سابق من الشهر الجاري خمسة أعوام من الاتجاه الصعودي. فقد تصادف حدوثها في الولايات المتحدة في أسواق الإسكان والائتمان التي يواصل تدهورها تهديد أسواق المال العالمية وإثارة الفزع.
وقال جيفري جاندلاتش مدير الاستثمار بمجموعة تي سي دبليو في لوس أنجلوس التي تدير أصولا بقيمة 160 مليار دولار معلقا في رسالة وجهت أخيرا لعملاء "كل فقاعات الأصول تكونت وانفجرت للسبب نفسه السذاجة والتوقعات". وأضاف"اختر طريقتك للانهيار. شاهد بعضنا انهيار المعادن النفيسة عام 1980. وربما أمكن لعدد أكبر من الناس تذكر أزمة الديون في الأسواق الصاعدة في 1998. جميعنا عدا حديثي العهد عايش انهيار أسهم التكنولوجيا وسندات الشركات بداية العقد الحالي".
ويشير جاندلاتش بالطبع إلى ملاك المنازل الأمريكيين الذين اغتنموا في تلك الفترة فرصة الانخفاض الحاد في أسعار الفائدة ليشاركوا بحصة في الطفرة العقارية.
وساعد على ذلك مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الذي كان يرأسه في ذلك الوقت الان جرينسبان عندما خفض أسعار الفائدة القياسية إلى 1 في المائة عام 2003 لإنعاش الاقتصاد بعد انفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا في 2001 وأبقاها عند هذا المستوى لمدة عام.
غير أن المجلس رفع سعر الفائدة بعد ذلك 17 مرة منهيا تلك الدورة في أواخر حزيران (يونيو) 2006 عندما أعاد سعر الفائدة على الأموال الاتحادية إلى 5.25 في المائة لتفقد طفرة قطاع الإسكان زخمها.
ولاتزال حالات التخلف عن سداد الرهون العقارية عالية المخاطر في تزايد وتتراكم بمعدلات قياسية مع تراجع أسعار المساكن، مما يضغط على استعداد المستهلكين للإنفاق.
وتواصل اضطرابات قطاع الإسكان إلحاق ضرر شديد بصناديق التحوط وبنوك وول ستريت التي استخدمت قروضا للاستثمار في سندات مجمعة مرتبطة بسوق الرهون العقارية عالية المخاطر.
وهو ما يصفه روبرت أرنوت مسؤول الأبحاث في مؤسسة ريسيرش أفيلييتس وهي شركة لإدارة الاستثمارات مقرها في باسادينا في ولاية كاليفورنيا قائلا " إننا نشهد أكبر فقاعة إقراض .. وليس فقاعة إسكان .. في تاريخ الولايات المتحدة". غير أنه مع انقضاء الأوقات السعيدة في أسواق الإسكان والائتمان فإن أصداء الدروس من هذه الفترة وفترات الانهيار السابقة لا تزال تتردد.
وقال توم سوانيك مدير الاستثمار لدى مؤسسة كليربروك فاينانشيال ومقرها برينستون في نيوجيرزي "استمرار تعاقب الفقاعات هو نتيجة لتكوين ثروات. "فكر في مؤشر نيكي عام 1989 انهيار المدخرات والقروض أوائل التسعينات، أزمة البيزو المكسيكي، والنمور الآسيوية، انهيار أسهم التكنولوجيا وفضائح الشركات في 2000 و2001، والآن فقاعة الائتمان. تعاقب الفقاعات هو طبيعة الرأسمالية".
وفي نهاية الأمر يجدر ملاحظة أنه رغم خسائرها الكبيرة أمس الأول، فإن المؤشرات الرئيسية الثلاثة في "وول ستريت" لاتزال تحتفظ بمكاسب كبيرة هذا العام.