من الذي يتخوف من "اليورو القوي"؟
يرى عدد من الدول الأعضاء في منطقة اليورو أن تقييم العملات بسعر متدن بشكل غير مبرر مثل اليوان الصيني والدولار الأمريكي يضر باقتصادياتها بصورة غير عادلة.
وقال وزراء مالية ما يطلق عليها "مجموعة اليورو" في بيان توفيقي صدر عقب
اجتماع لهم في لوكسمبورج،"إننا نعيد التأكيد على أن أسعار الصرف ينبغي أن تعكس الأسس الاقتصادية وأن التحركات غير المنتظمة والمبالغ في تقلبها في أسعار الصرف هو أمر غير مرغوب فيه بالنسبة للنمو الاقتصادي".
وحدد رئيس مجموعة اليورو رئيس وزراء لوكسمبورج جان كلود يونكر المخالفين
الرئيسيين للقواعد العامة حسب الأهمية وهم "الصين في المركز الأول ثم الولايات المتحدة في المرتبة الثانية واليابان في المرتبة الثالثة". وفشلت محادثات لوكسمبورج في إخفاء الخلافات في الرأي التي حاصرت الوزراء المشاركين فيها من كل جانب.
ويرجع ذلك جزئيا على الأقل إلى حقيقة أنه على الرغم من انتهاج سياسة نقدية موحدة فإن اقتصاديات منطقة اليورو تستمر في تسجيل معدلات نمو متفاوتة.
ففي الوقت الذي من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لأيرلندا بمعدل قوي يبلغ 4.8 في المائة هذا العام، فإن فرنسا وإيطاليا من المرجح أن ينمو اقتصادهما المتباطئ بمعدل صغير نسبته 1.8 في المائة خلال الفترة نفسها.
وفي ظل احتمال استمرار المزيد من المخاوف، فإن مسؤولي منطقة اليورو لا يزالون غير قادرين على التوصل لاتفاق بشأن كيفية التعامل مع مخاوفهم بشأن الاقتصاد.
ومن بين أكثر المدافعين عن وجود سعر صرف ضعيف لليورو بين مجموعة اليورو
المؤلفة من 13 دولة فرنسا وإيطاليا تليهما إسبانيا. وكان مسؤولو الدول الثلاث قد أعربوا خلال الأسابيع القليلة الماضية عن "قلقهم" بشأن قيمة اليورو الذي وصل إلى مستويات مرتفعة قياسية أمام الدولار في نهاية الشهر الماضي.
وتعاني الدول الثلاث كلها بشكل لا يدعو للدهشة من عجز في الميزان التجاري. وغالبا ما اشتكى رجال أعمال تلك الدول ملقين بمسؤولية مشاكلهم المتعلقة ببيع منتجاتهم في الخارج على المنافسة غير العادلة من الصين أو على "اليورو القوي" إذ إن العملة القوية تجعل صادراتهم باهظة الثمن بشكل كبير ووارداتهم أرخص.
لكنه حتى الآن ليس هناك سوى أدلة قليلة جدا تثبت صحة مزاعمهم. فالدراسات
تشير إلى أنه على الرغم من الارتفاع الكبير في قيمة اليورو مقابل الدولار منذ أن بدأ طرحه في الأسواق مع بداية عام 2002، فإن تأثيره السلبي على صادرات الاتحاد الأوروبي كان في أضيق الحدود.
أمر آخر وهو كيف يستطيع شخص أن يفسر الأداء القوي لألمانيا أكبر اقتصاد
في منطقة اليورو التي تمتعت بفائض تجاري ضخم بلغ 228 مليار دولار ونمو
الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام بنسبة 2.7 في المائة وهو ما يتجاوز متوسط النمو في المنطقة بشكل طفيف.
وأكثر من ذلك فإن وجود يورو أكثر ضعفا سوف يتسبب في أن تصبح الواردات
وعلى الأخص النفط والغاز أكثر تكلفة، كما أن القيام بخفض قيمة العملة سيزيد من مخاطر حدوث تضخم على المستوى المحلي.
وقد بدت الدهشة على وجوه البعض عندما قال وزير المالية الألمانية بير شتاينبروك للصحافيين عقب حضوره الاجتماع إنه "يفضل اليورو القوي على اليورو الضعيف".
كانت إيطاليا وفرنسا خلال " فترات القوة السابقة" لليرة والفرنك تخفضان
قيمة عملتيهما من أجل جعل صادراتهما أرخص في الأسواق الخارجية.
لكن أغلب الاقتصاديين يدللون على صحة أن هذا الإجراء غير فعال وحل قصير
النظر للمشكلة، إذ إنه فشل في إجبار شركات التصنيع على تقديم منتجات أفضل.
ومما يدعو إلى الارتياح ، هو أن هؤلاء الاقتصاديين سوف يدللون على أن
"خفض قيمة العملة بشكل تنافسي" لم يعد خيارا متاحا لحكومات تلك الدول.
ويتفق معظم الخبراء بدءا من رئيس صندوق النقد الدولي المنتهية ولايته
رودريجو راتو على أن الدولار وعلى الأخص اليوان الصيني الذي دائما ما
يقتفي أثر العملة الأمريكية "يتم تقييمهما عند سعر متدن".
ولكن على الرغم من أن مثل تلك "الاختلالات" ليست بالتأكيد خطأ أوروبا، فإن المسؤولين لم يبدوا تعاطفا كبيرا لوجهة النظر الفرنسية من أن حكومات الدول والبنك المركزي الأوروبي ينبغي أن يقوموا بدور أكثر فعالية.